ص1       الفهرس      31-40

 

فلسفة اللغة

بقلم: أوزوالد ديكرو

ترجمة: جواد الرامي

 

تقديــــم:

نالت الدراسات السردية اهتماما بالغا من لدن النقاد والدارسين. ورغم هذه العناية الفائقة، فإن جانبا مهما ظل شبه مغيب عن متناول هذه الدراسات المتنوعة، وبقي في أمس الحاجة إلى الاهتمام به، وتعميق التفكير فيه، أقصد بذلك علاقة السرد بالحجاج. علما أن العلاقة بين هاذين النمطين متجذرة تاريخيا: حيث نجد في بعض اللحظات يكون السرد في خدمة الحجاج، وتارة أخرى تصبح المعادلة مقلوبة فيكون الحجاج في خدمة السرد، إذ لا نكاد نطوي صفحة من رواية أو قصة أو حكاية حتى يطالعنا الأسلوب الحجاجي بارزا على لسان الشخصيات يبرر سلوكها. أو يتجلى أيضا في الدفاع عن إحدى القضايا المثيرة. بل أكثر من ذلك قد تختزل القصة أو الرواية إلى فكرة محددة تكون هي الإطار الذي يتمحور حوله السرد. إن مختلف هذه الجوانب وغيرها، مثل كيف يعمل الحجاج داخل المحكي؟ وما البعد الوظيفي له داخل الخطاب السردي؟ وكيف يتفاعل السردي مع الحجاجي؟ إن جل هذه الجوانب، جديرة بالاهتمام والبحث وما أحوج الدراسات السردية العربية أن توليها حقها. من هنا جاءت فكرة ترجمة هذا المقال المفيد عساه ينير سبل البحث في اتجاه هذا المنحى الإشكالي.

النص المترجم:

تميز البلاغة عادة بين أربعة أنماط من النصوص: الحجج، والأوصاف، والعروض، والسرود، وقد خصصت أعمال كثيرة للسرديات، طيلة العقدين الأخيرين، حتى أن فرعا من الشعرية بكامله، قد تطور تحت اسم علم السرد. لكن لم ينجز إلا القليل بشأن العلاقة بين السرد وبين الأنماط الأخرى من النصوص. وأقصد من مساهمتي هاته فحص العلاقة الموجودة بين السرد والحجاج، والتي تهدف بالخصوص إلى تفسير ظاهرة "النصية التابعة".

لقد أصبح قائما بوضوح أن ما يميز السرد عن أنماط النصوص الأخرى هو منطقة الزمني المزدوج (تسلسله). يحتوي السرد حركة في الزمن ليس فقط بكيفية خارجية (الوقت الذي نستغرقه لقراءة رواية، لرؤية شريط…) لكن بكيفية داخلية أيضا (الوقت الذي يستغرقه تعاقب الأحداث التي تنسج الحبكة). أولى هذه الحركات تجري على مستوى البعد السردي الذي يسمى الخطاب أو المحكي أو كذلك Syuzhet، والثانية تحدد ما يسمى القصة أو كذلك الحكاية Fabula. أما فيما يخص منطق هذه القصة أو المنطق الداخلي، فإننا نجد دائما مكونا إضافيا هو مكون السببية (الحدث أ يسبب ب، وب تسبب ج، هكذا دواليك). ولكننا قد نجد ما سميته الجواز: أ لا تسبب مباشرة ب، ب لا تسبب مباشرة ج، إنها تساهم جميعا في وصف وضع ما أو حالة شيء ما.

إن أنماط النصوص التي ليست سردا لا تقدم تعاقبا زمنيا داخليا كهذا، مع أنه من الواضح أنها تحتاج وقتا لقراءتها، لمشاهدتها أو لسماعها، أي أن البنيات العميقة فيها قارة ولا زمنية، تزامنية ولا تعاقبية. لهذا فإن الحجج نصوص ترمي إلى إقناع القراء بصحة قضية معطاة أي البرهنة عليها بالمعنى البلاغي الضيق جدا، وذلك بالتصرف بطريقة نموذجية حسب قواعد الاستنباط (القياس المضمر) أو الاستقراء. إلا أن الأوصاف تستعيد خصائص الأشياء، وبالتالي ترجعها قابلة للمشاهدة أو متخيلة بواسطة الحواس، إنها ترسم أو تمثل هذه الاشياء التي هي صور لها. إن الوصف يعتبر غالبا المماثل الشفهي للتشكيل أو الرسم(1). فالعروض (المعارض) هي أصل الشروح (وضع الشيء أماما Exponere، جعل الشيء واضحا: Exponare). هكذا تتقاسم العروض مع الأوصاف المهمة التي تتمثل في وضع خصائص عن طريق التحليل، التوسيع، التعريف، التصنيف، التعارض والمقارنة. لكن هنا، حيث يميل الوصف إلى الانضمام بأشياء قابلة للإدراك بالحواس، فإن العرض مثل الحجة يرجع في العادة إلى أشياء مجردة أو إلى أفكار. إن الفرق بين العرض والحجة هو ذلك الفرق الموجود بين التوضيح والإقناع. يرى الموضوع مهمته تنحصر في حدود إخبار المستمع في حالة العرض. أما في حالة الحجة، فبالعكس من ذلك، إذ يفترض في المستمع أن يكون على موقف ما، ومضطلع على بعض الأخبار،  وأن الأمر يتعلق إما بتعديل أو تقوية (نفس أو إثبات). تفترض الحجة، سلفا، اختلافا في الرأي، بينما يفترض العرض سلفا غياب الرأي. إن فعل توضيح شيء ينطوي بالتأكيد على حجة لصالح أفضلية توضيح خاص مما يجعل رسم الخط بين هذين النمطين صعبا أحيانا ولكن التمييز يظل مفيدا في الغالب، ونستطيع دائما عزل الإقناع الواضح الخاص بالحجة عن الإقناع الضمني الذي يوجد في العرض.

إن هذه الأنماط الأربعة من النصوص مستقلة عن التمييز بين الخطاب التخييلي، والخطاب غير التخييلي مع إمكانية خرق هذا التمييز. ويمكننا أن نجد هذه الأنماط الأربعة في النصوص التخييلية كما يمكن أن نجدها في نصوص أخرى.

إن خطاب Gettysburg للنكولن Lincoln هو حجاج غير تخييلي، أما إلى عشيقته الخجولة لمارفيل والاقتراح المتواضع لسويفت فهما تخييليان معا. إن أصل الأنواع عرض غير تخييلي، رغم أن داروين كان ضمنيا مهتما بالحجاج ضد مذهب الخلق créationnisme. وباختصار فإن أنماط النصوص تختلط ويتكيف بعضها مع البعض الآخر. أي أن كلا منهما تابع للآخر، كلا منهما يخدم الآخر. فـ"L’ozymandias" لشيلي Schelly هو وصف واضح لما رآه المسافر في قطر بعيد، "غير أن البنية العامة حجة. نضرب المثل هنا بـ" Sie transit gloria mundi".

لقد بسطت دراسة النصوص واغتنت في الآن نفسه بمفهوم التبعية (Service of –at-the). إن معالجة النصوص على أنها وظائف تشتغل بصفتها بنيات عميقة تتحين بتنوعها، بشكلها وبمساحتها تسمح لنا بتفسير تعقيدات النصوص بطريقة كافية من لو افترضنا تواجد أشكال ووظائف في لب بعض العلاقات البسيطة. فالقول مثلا بأن إحدى حكايات إيزوب Esope سرد بسيط لأنها تروي قصة لا يمكن إلا أن يهمل خصائص أساسية للنص أو في النص. غني عن القول أن القصة من حيث شكل سطحها هي سرد، ولكن هذه الأخيرة تخدم بوضوح تقليدا ما (أخلاق ما). بمعنى أن النص يختزل بأكمله من وجهة نظر دقيقة إلى حجة. وكما تشير إلى ذلك سوزان سليمان: مثل هذه النصوص مؤسس على الفعل الإنجازي: أنا أوضح(2).

إن جميع التخييلات السردية تعتمد في الأصل على الإيديولوجيا، مع أنه في تخييلات المرحلة الحديثة وما بعد الحديثة، لم يكن سهلا تحديدها ولكن كثيرا من هذه التخييلات تنطوي على إيديولوجية بدل أن تحاج في موضوعها.

لقد كثر استخدام الحجج في خدمة السرد التخييلي في القرن الثامن عشر، أحد العصور الأكثر بلاغية، وهذا مثال مأخوذ من بداية جوزيف اندراس لفيلدينغ:

إنها لملاحظة مشتركة، ولكن صحيحة، أن يكون لكل الأمثلة أهمية أكثر بالنسبة للعقل من التعاليم، وإن كان ذلك يهم ما هو بذيء. فهو يهم أكثر ما هو جميل وجدير بالمدح. إن للمنافسة هنا تأثيرا بالغا علينا في الواقع، وتلهم محاكاتنا بكيفية لا تقاوم.

إن رجلا صالحا هو بالنتيجة أيضا نموذج جيد لكل الذين يعرفونه وهو بالغ المنفعة في هذه الدائرة الضيقة شأن الكتاب الصالح. وإذا كان الناس الصالحون قليلي الشهرة في الغالب، وبالتالي غير صالحين لأن يكونوا نماذج لعدد كبير من الأشخاص، فإن تأثيرهم يكون محدودا.

نستطيع هنا الاعتراف للكاتب بقدرته على المساعدة في معرفة تاريخ هؤلاء الرجال بتقديمه صورة محبوبة لمن لم يسعد بمعرفة الأصليين، وذلك بإيصال نماذج ذات قيمة كبيرة للعالم. يستطيع تقديم خدمة واسعة للإنسانية أكثر من الشخص الذي هو أصل النموذج ذاته.

إن النبية الحجاجية هنا هي ما ننتظر أن نجده لدى رجل قانون في القرن 18، يحاجج السارد لفكرة أن الروايات هي طرق لنشر الفضيلة، وهي أرقى من الأمثلة المستفادة من الحقيقة نفسها، في حدود أن الانتشار يؤمن للفضيلة جمهورا واسعا من ذلك الذي يترتب في العادة عن العلاقة البسيطة للكائنات الإنسانية الحقيقية. يعمل الحجاج حسب تسلسل كلاسيكي للقياسات الإضمارية. أولها يحتوي مبدأ عاما كمقدمة كبرى: "تمتلك الأمثلة قوة أكثر من التعاليم" ثم تقدم لنا باكورة وسيطة بالأحرى حسب الصيغة" من ذا الذي يشك في أن مثالا حسنا يؤثر فينا أكثر من السيء في حدود أننا نقلد ذلك، بينما يجب علينا أن نحتاط من تقليد هذا؟". إن نتيجة هذا القياس الإضماري الأول تجعلنا نقبل دون اعتراض بسلطة الحقيقة أي بالمثال الذي يمثل للإنسان الحسن غير التخيلي.

ويستعمل القياس المضمر الثاني من جديد مقدمة كبرى التي هي تحصيل حاصل: إن الرجال الصالحين طيبون وفرص الاقتداء بمثالاتهم محدودة. المقدمة الصغرى هي أيضا بديهية بما أن الأمر يتعلق بقبول فكرة صحيحة تعريفا، بمقتضاها يمكن جعل المنشور أو الموزع رهن إشارة أكبر عدد مما لو كان الأمر غير ذلك.

إن النتيجة الأكثر وضوحا وقابلية للنقاش من نتيجة القياس الإضماري الأول، وكما كان ذلك يجب أن يكون من جهة أخرى، هي أن الروائي ينجز مهمة أوسع من الرجل الذي يحاكي الحياة، لاحظوا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن الروائي أفضل من رجل الفضيلة بصفة عامة، ذلك سيدمر الحجاج أكثر لكل بداهة.

بعد هذه الحقبة بطبيعة الحال، قليلة هي الروايات التي سيكون لها مثل هذا الطول الحجاجي الذي يبرر بواسطة هذا ميزة الشرح السردي. إذ عندما نجد حجاجا في القرن 18 فهو فعل أكثر من مبادئ عامة معزولة. إن بواكر هذه المبادئ هي من الوضوح، وهذا أقل ما يتمناه من يقترحها، لدرجة أنها لا تحتاج إلى برهان منطقي، هذا ما يرجوه من يقترحه على الأقل.

في بداية الفصل 27 من رواية الأحمر والأسود مثلا، يعتذر السارد عن عدم تقديم تفاصيل أكثر عن حياة جوليان في المدرسة لأن المعاصرين الذين يعانون من بعض الأشياء لا يستطيعون تذكرها إلا بقرف يشل كل لذة أخرى، حتى لذة قراءة خرافة".

يمكن تكييف هذه الحكمة بكل إيجار، كنتيجة حجاج ضمني تام:

مقدمة كبرى: إن تجربة فظيعة تكبح كل لذة.

مقدمة صغرى: إن قراءة قصة ينبغي أن تكون تجربة منبع لذة.

نتيجة: إن قراءة قصة تذكر بتجربة فظيعة تكبح كل لذة ممكنة.

يقودنا هذا الحجاج دون شك، مثل سائر الشروح التعميمية من عالم التخييل إلى عالم الحقيقة (العالم الواقعي). لكن الحكمة تعمل بدون نتيجة كمقدمة كبرى من قياس مضمر يعبر العالم التخييلي، أو في هذه الحالة ما بعد التخييلي: لايحمل الحجاج على القصة ولكن على الخطاب(3).

هكذا:

مقدمة كبرى: قراءة قصة تذكر بتجربة فظيعة تكبح كل لذة ممكنة.

مقدمة صغرى: بعض تفاصيل حياة جوليان في المدرسة فظيعة.

النتيجة: "من حقي إذا، أن أترك جانبا هذه التفاصيل، بحيث لا يجد قارئي نفسه محروما من لذائذ هذه القصة".

لقد اقتبست أمثلتي، حتى الآن، من الشروح التي يقدمها الساردون لأعمالهم أو للشخصيات، ولكن من الواضح أنه يمكن أن يظهر حجاج على لسان أحد الشخصيات، فإن اللجوء فعليا إلى هذا النوع الخاص من النصية هو بوجه آخر مميز في أنا كرنينا. إن أخ لوفان غير الشقيق كوزينشوف الدماغي Cérébral Kozynschov ليس بعيدا عن التخلص من عزوبيته من أجل مفاتن صديقة كيلي فارينكا. مع ذلك فهو لا يستطيع أن يسمح لنفسه ببساطة بحب هذه المرأة، عليه أن يحتج لسلوكه كما لو كان يرخص لنفسه بامتلاك مشاعر: كان يفكر: لماذا أقاوم؟ لا يتعلق الأمر بغرام وثني، ولكنه ميل متبادل على ما يبدو لي، ولا يعيق حياتي في شيء. إن اعتراضي الوحيد الجاد على الزواج هو العهد الذي قطعته على نفسي عندما فقدت مارية بأن أبقى وفيا لذكراها.

عبثا كان يفتش ذكرياته، لم يتذكر أنه وجد في أي فتاة اجتماع هذه الخصال التي كانت تجعل فارينكا زوجة جديرة باختياره في كل شيء. كانت خبيرة بالعادات مع مقتها لها، نقطة رئيسية في عيني سيرج إيفانوفيتش الذي يقبل من رفيقة الغد أساليب سوقية. لقد كانت مؤمنة، لم يكن إيمانها أعمى شأن كيلي ولكن عن خبرة بالسبب(4). يمكن بالتأكيد قلب العلاقة بين الحجاج والسرد بسهولة، لقد كان السرد في خدمة الحجاج منذ غابر الزمن. لنتذكر الأمثال والحكايات والنماذج كما بينت لنا ذلك سوزان سليمان في كتاب رائع عن الرواية ذات الأطروحة.

إن تصور النص الذي أجهدت نفسي من أجل اقتراحه هنا يعترف تماما باستقلال صيغ تركيبية مختلفة أو أنماط نصوص كما أسميها، دون أن يعين هذا إهمال كون النصوص الشخصية في الغالب مركبة من خليط من مختلف أنماط النصوص. لكن جمال المفهوم/ "مفهوم الخدمة" أو "مفهوم التبعية"، يجتهد في تحقيق كل من تحليل ما هو كل مرة توتر، والملاءمة بين مختلف أنماط النصوصn

 

(*) أشكر الأستاذان محمد أوبا وعبد المنعم الوكيلي على تفضلهما بمراجعة هذه الترجمة.

(**) وردت هذه المقالة بعنوان "Arguments et narations" في كتاب L’argumentation، وهو عبارة عن مجموعة من المقالات لنخبة من الباحثين الغربيين، تمت مناقشتها في الندوة التي احتضنها المركز الثقافي العالمي، تحت إشراف ميشيل مايير، من 22 إلى 29 غشت 1987 (المترجم).



(1) لاحظ ذلك ميشيل بوجور. إن الوصف يستعمل مع ذلك في الغالب كمفهوم يحجب الفروق التي أجهدت نفسي في إقامتها. إن قاموس ويبستير Webster، كما يجعلنا بوجور نلاحظ، "يقدم مرادفات مشوشة لمفهوم الوصف، تستعيدها القائمة الآتية بخط مائل" represtent, delineate, relate, recount, narrate, express, explain, depict, portry." في بعض مفارقات الوصف Yale Frenche studies،27 (1981) 61.

إذا عالجنا الوصف كمرادف للسرد أو العرض فلن يبق إذا ما يقال. ولكننا لسنا محاكمين بمأزق اصطلاحي كهذا. إن غاية النظرية بالضبط أن تميز بعض المصطلحات الجديدة عن القديمة، ليس بقصد التقادم أو المنع، بل لتذكرنا بأننا لسنا عبيد اللغة كما يزعم بعض المفكرين المعاصرين. إننا سادة اللغة من حيث إننا نستطيع تقرير ما نتحدث عنه وطريقة فصل ذلك.

(2) سوزان سليمان، authoritation fictions، تبين مناقشتها للمثل Exemplum كيف تكون الخدمة التي نتحدث عنها مبنية داخل الكلمة نفسها: فلفظ المثل Exemplum (باليونانية Paradeigma) كان يعني الإقناع بالاستقرار أو البرهان بالمماثلة في مقابلة القياس المضمر أو الإقناع بالاستنتاج، لقد قسم أرسطو Les exempla إلى حقيقية وتخييلية: تؤخذ الأولى من التاريخ أو من الأساطير، والأخرى هي عند الخطيب نفسه. في صنف "Exempla" التخييلية كان أرسطو يميز الأمثال أو المقارنات المختصرة للحكايات التي تشكل سلسلة أعمال أو بعبارة أخرى قصة.

(3) Voir Story and discourse, p248-253.

(4) Léon Tolstoi, Anna Karenine, Les classiques russes, traduit par Henri Mongault, Paris, Gallimard, 1948, p536.