ص1    الفهرس    31-40

التبادل الرمزي والتاريخية

أندري بوتيتا

ترجمة: حسن أحجيج

تركز نظريات التواصل اهتمامها بالأساس على الاتفاقات التذاوتية(*) المتعلقة بالمعنى وبالقاعدة وبالشفرة(**). ويتبنى هذا المقال وجهة نظر مخالفة ويصادر على فكرة أن التبادل الرمزي يتوقف قبل كل شيء على ثلاث حريات افتراضية يتمتع بها المرء إزاء استعمال العلامة: خرقه للاتفاقيات والتوقعات، ثم إمكانية إخفائه أو إظهاره لحالاته الذهنية، وأخيرا إمكانية تغيير تمثلاته. هذه الحريات الثلاث تحدد مجالا للمعكوسية(***) يمثل مصدرا داخلي النمو ومهما ودائما لتغيير الشفرات والأشكال الاجتماعية. فالتاريخ لا يقدم نفسه كسلسلة متعاقبة من التوافقات التذاوتية الكبرى، وإنما كتنظيم بعدي لنوع من الهروب من الاتفاقيات والتوقعات والانتظامات السابقة أو خرقها أو رفضها.

 

يعد التاريخ البشري تغييرا وابتكارا دائمين للأشكال الاجتماعية. فالكيانات الاجتماعية الصغرى الشفوية والثابتة هي من إنتاج علماء الأنتروبولوجيا المتسرعين والمتمركزين حول أعراقهم؛ ويتعين أن نعزو فكرة وجود مجتمع الطوائف الثابت إلى الصعوبة المتواترة التي تعترض انسلالها إلى داخل الديمومة. إن هذا المقال لا يريد إعادة التفكير في تمفصل الأبعاد الداخلية والخارجية والعارضة للتغير الاجتماعي، بل يسعى فقط إلى حصر مميزات التبادل الرمزي التي تقذفنا باستمرار في التاريخ. سأخصص الجزء الأول منه لدراسة نظريات التواصل المسكونة بمدلول الشفرة. وسأكرس الجزء الثاني لعرض فكرة المعكوسية واستعمالات الشفرة وتأثيرها على تآكل الأشكال الاجتماعية.

اللغة والثقافة والشفرات:

لم تستطع العلوم الاجتماعية أن تفعل شيئا بالنموذج الرياضي في التواصل الذي وضعه كل من شانون وويفر (1975)، والذي يمكن تطبيقه في مجال التلغراف أو الهاتف. لهذا السبب اكتفت باستخدامه استخداما استعاريا. ولأن هذا الأخير للأسف يضع عملتي التشفير وفك الشفرة في مركز التفكير، فإن الأسئلة المتميزة ستنصب على التفاوت القائم بين شفرات المرسل وشفرات المتلقي، وعلى استبطان الشفرات، وعلى توليد عدد لا متناهي من الإرساليات انطلاقا من عدد محدود من الاتفاقات، وأخيرا على الشروط المعيارية لتحقيق تواصل ناجح.

إن مذهب "التواصل الجديد" (ويكن، 1981)، الذي يخالف ذلك النموذج التلغرافي، لا يشك في تلك العلاقة المدهشة بين عملتي التشفير وفك الشفرة. ويضيف أصحاب ذلك التيار اللاصوري إلى ذلك، على العكس، شفرة حسية حركية وأخرى مكانية وأبعادا أخرى من أبعاد التواصل غير اللفظي، مشيرين في نفس الوقت إلى البعد اللاشعوري واللاإداري للتواصل. ويصبح هذا الأخير بذلك مرادفا للمساهمة في عملية اجتماعية تفاعلية ومندمجة وذات طابع سياقي ومتعددة القنوات ولا شعورية بشكل كبير.

واستبدل واتسلفيك وبيفين وجاكسون (1972) وهال (1971) الخطاطة الميكانيكية لشانون وويفر وباتيسون (1977، 1980) بنموذج عضوي. فقد توفقوا في مضاعفة وتعقيد وتسييق (Contextualiser) الشفرات، لكن دون أن يتساءلوا حول مركز الخطاطة نفسها. والأسوأ أنهم خلقوا الشروط التي تسمح للخطاطة بأن تشمل الثقافة كلها. ويظهر ذلك جليا بالخصوص لدى غوفمان (1973، انظر مدلوله: طريقة العيش التفاعلية) ولدى شيفلن (1981) الذي يمزج بين التواصل والإنجاز الثقافي بواسطة "برامج" يجتافها كل فاعل اجتماعي. وتتنوع تلك البرامج تبعا للسياقات، وتفرض الشكل الذي تكتسيه كل السلوكات (بما فيها السلوك اللفظي)، وتدمج مختلف قنوات الإرسال، وتحدد تكون الجماعة والأدوار والتفاعلات...

إن النقط المشتركة بين البنيوية الفرنسية ومدرسة "التواصل الجديد" الأمريكية كثيرة جدا: مثلا، فالمنطقة الرئيسية للتغطية تتعلق بإمكانية التعامل مع المجتمع كما لو أنه لغة، أي إمكانية أن تطبق عليه تعارضات ثنائية وكذا النحو والشفرة. لكن الفروق بينهما جوهرية أيضا، ذلك أن المنظرين الأمريكيين يدرسون التواصل من منظور برغماتي (نفعي) وإتنوغرافي تماما.

يقودنا ذلك إلى نظرية الفعل التواصلي لدى هابرماس (1987). يقوم الصرح الفكري للمؤلف على وضع أربعة قرارات مفهومية استراتيجية، تتعلق بالمعنى والقصد والفردانية والتاريخية. إن هذه الاختيارات الأربعة متشبعة جدا بفكرة وجود اتفاق تذاوتي حول قواعد التواصل. هكذا، فالسلوك الذي له معنى يؤول إلى مجموعة من القواعد والضوابط والقيم المجتافة والمعترف بها من قبل الذوات؛ وتفضل دينامية القصد نفس المرجع؛ وتتجذر الأفضلية التي تحظى بها الكيانية(****) أيضا في التوزيع الانعكاسي لدلالة القاعدة؛ وأخيرا، يقوم الانحياز للتاريخية على قدرتنا على تغيير قواعد اللعبة الاجتماعية.

إن تقدير هابرماس لمساهمة فتجنشتين (1980) يسلط الضوء أكثر على تلك النقطة. لقد انتبه فتجنشتين بالخصوص إلى بعض الألعاب العادية (لعبة الشطرنج، لعبة الورق، الخ)؛ وسجل أن اللاعبين يمتثلون لقواعد مشتركة ويطبقونها دون أن تكون لهم بالضرورة القدرة على تفسيرها، وأن فهم قاعدة معينة يجعل المرء يكتسب قدرة على توليد عدد لا يحصى من الوضعيات المخصوصة؛ وفي سبيل التماثل، ستكون ألعاب اللغة في آن واحد لغة وفعلا (أفعال اللغة)، وستقوم الجماعة على نوع من الإجماع على بعض القواعد، وسينتج نقلُ القواعد لعبةً اجتماعيةً جديدة. لذلك يرى فتجنشتين أن الاحترام المتبادل للقاعدة يعني وجود هوية دلالية.

لكن هابرماس يختلف مع أصحاب هذه النظرة التوليدية في نقطتين. لقد أدخل فكرة المعكوسة المتبادلة للتوقعات، مع الوعي بإمكانية توجيه النقد المتبادل إلى بعض السلوكات القائمة على بعض القواعد. هذه التبادلية هي ما يؤسس الاتفاق التذاوتي حول دلالة القاعدة وتغييرها. ثانيا، يعيب هابرماس على فتجنشتين إهماله للعلاقة بالمرجع. فإذا كانت قواعد لعبة الشطرنج لا تحيل إلا على نفسها، فإن الناطق المتورط في فعل معين يؤكد مصداقية منطوقاته: إذ يدعي أن ما يقوله مفهوم (الطموح إلى المعقولية) وحقيقي (الحقيقة) وصادق (الصدق) ومشروع (المشروعية). لنشر مرة أخرى إلى أن هاذين النقدين موجهان إلى شروط إمكان اتفاق تذاوتي حول بعض القواعد وتطبيقها.

لنتقدم في بحثنا قليلا، لذا سنهتم بشروط وجود اتفاق تذاوتي. عندما يعبر هابرماس عن اختلافه مع فكرة إمكانية وجود مجتمع قائم على المعرفة المتبادلة بين الأفراد، فإنه ينتقد بذلك محاولة هوسرل (1994، التأمل الخامس). فعندما سار هوسرل في طريق "الاختزال المتعالي"، فإنه توصل إلى الإمساك بذلك الأنا الشخصي (Je) الذي "يمسك بمفاتيح التحكم" داخل جسد معين: إنني أدرك أن جسمي مرتبط بنوع من الداخلية (Intériorité)، وقس على ذلك سائر الأجساد التي أصدافها. لذلك فإن أفعال الغير تكون، بفعل إزاحتي لتجربتي عن المركز، مرتبطة بداخليته الخاصة. إن كل فرد يبني عالم الآخر على منوال عالمه الخاص انطلاقا من تلك التبادلية للمنظورات، ولهذا يكون وجود جماعة أنوية (Communauté de moi) أمرا ممكنا (يتحدث هوسيرل عن "تذاوت أحاداتي" (Intersubjectivité monadologique).

يجيب هابرماس بأن تلك الجماعية ليست سوى تشكيلة من الذوات الفردية، وليست أبدا نحن ولا جماعة متعالية. ولهذا كان قراره بتغيير وجهة اهتمامه وتركيزه على القواعد واقتسام دلالتها بين الذوات. لكن طريقة هابرماس، وهي تقوم بهذا الانتقال الاستراتيجي بحثا عن حجر زاوية نظري جديد، تحتفظ بنوع من القرابة المثيرة للاهتمام مع طريقة هوسرل. ذلك أنهما ترتكزان معا على مفهوم تبادلية المنظورات، أي على عملية الإزاحة عن المركز الانعكاسية، وذلك لتأسيس جماعة الأنوات حينا، ولإقامة الاتفاق التذاوتي حينا آخر. وفي الطريقتين معا، تكون القدرات المعرفية (Facultés cognitives) هي أساس المؤسسة الاجتماعية.

هنا تبدو بحوث علم الأنسال وعلم تطور الفرد ونموه، التي أجريت مؤخرا حول فعل المعرفة (La cognition) وخصوصا البحوث حول الكذب و"نظرية الذهن"، ذات أهمية بالغة، ذلك أنها تبرهن بشكل متماسك ولا جدال فيه على أن قدرة المرء على تمثل تصوراته وتصورات غيره (وهي قدرة واضحة لدى القردة الرئيسة) والقدرة على تمثل تمثلاته وتمثلات غيره (منذ السنة الثالثة أو الرابعة لدى الطفل) ترتبطان ارتباطا وثيقا ومباشرا بالقدرة على استنباط تصورات خاطئة من معتقدات خاطئة، أي بالقدرة على قلب وتكذيب انتظامات وتوقعات افتراضية ضمن عمليات التبادل (بيرن ووايتن، 1988؛ (روتنبرغ، 1991؛ دوهيرتي وبيرنر، 1998). ويعني ذلك أن القدرات ما وراء المعرفية (Capacités métacognitives) (وعي داخلية تقوم بدور التوجيه، القدرة على إدراك أن الآخر يعمل وفقا لنفس الخطاطة، قابلية القاعدة للنقد المتبادل) لا تفضي فقط إلى الطابع الافتراضي للقاعدة المشتركة، وإنما أيضا إلى قابلية القلب الافتراضية لكل شفرة افتراضية. إن القاعدة وخرقها يقومان على نفس المتطلبات المعرفية. لذلك لا يمكن الارتكاز عليهما في تأسيس جماعة القاعدة، متناسين أنهما يتضمنان في نفس الوقت إمكانية تدمير الجماعة نفسها.

وفي ختام هذه الجولة المختصرة عبر النظريات التواصلية المهيمنة، لا يمكن للمرء إلا أن يلاحظ تقاطعها عند الشفرة وأساسها التذاوتي. ويمكن تلخيص تاريخ القاعدة في مجموعة من الانتقالات التذاوتية للاتفاقات حول القاعدة. لكن الشك كبير حول هذه النقطة: فالتاريخ لا يحدث بواسطة تعاقب أفعال تذاوتية كبرى، وإنما بواسطة تنظيم بعدي لنوع من الهروب من الاتفاقيات أو الانتظامات أو التوقعات السابقة أو خرقها أو رفضها. إن دلالة القاعدة تقحم حرياتنا بالنسبة إليها. إن المنعطف الذي عرفه علم تكون الأنسال وتطورها وعلم تطور الكائن الفرد يؤدي إلى استخلاص ما لهذه الحريات الفردية من أهمية في مجال استخدام العلامة، الشيء الذي يفرض إعادة النظر في تصوراتنا للروابط القائمة بين التبادل الرمزي والتاريخية. والصفحات التالية تحاول أن تقلب وجهة النظر هذه وأن تستخلص من ذلك القلب النتائج المتعلقة بحركة التاريخ العنيدة.

نوعية التبادل الرمزي:

إن التعقيد الدينامي للأشكال الاجتماعية البشرية يتعارض مع التعقيد السكوني نسبيا لأشكال الحياة الاجتماعية الحيوانية (النمل، النحل، إلخ). وقد بدأ التعقيد الدينامي يظهر مع تآكل العلامة كوساطة مندمجة ومرتبطة سوسيولوجيا ببعض السياقات النمطية (رقصة النحل، رقصات الزفاف، صيحات التحذير، سلوكات الهجوم المصطنعة...). إن هذا التآكل للتجذر البيولوجي للعلامة يتمظهر مثلا لدى قردة الشمبانزي بالاستخدام المتعدد المعاني لصيحة التحذير، وهي علامة مقرونة عادة بمنافس مرئي، لكنها تصدر أحيانا لإنهاء مباراة اقتتال، أو لطرد منافسين، أو للحصول على دعم قرد قوي ضد قرد آخر، أو لاحتكار أنثى، إلخ (بيرن وويتن، 1988؛ دوفال، 1992).

هذه الألعاب المتعددة المعاني تصبح ممكنة لدى القردة الرئيسة، ذلك أن هذه الأخيرة تستطيع أن تتمثل إدراكاتها ورغباتها وتوقعاتها وتلك الخاصة بالآخرين. وهذه القدرات المعرفية تفتح لها فضاء لعب مقصود وانعكاسي وأكثر غنى وتميزا من الألعاب التخلقية المندرجة بيولوجيا في الموروث الجيني (بريماك، 1978، 1988). إن فضاء اللعب هذا حول الإدراكات والتوقعات يمكن من إخفاء الرغبات والسلوكات وينعكس على الحياة الاجتماعية للحيوانات جاعلا من الممكن وجود تعقد ومرونة تفاعليين حيال الطعام والجنس والسلطة (بيرن وويتن، 1988؛ دوفال، 1997).

كيف توسع الثورة الرمزية هذه اللعبة المنتجة للأشكال الاجتماعية؟ هاهنا سؤال جوهري بالنسبة لعالم الاجتماع وللمؤرخ. ويمكن لنا أن نجيب عنه انطلاقا من دراسة خصائص العلامة وتبادلات العلامات والقدرات المعرفية التي تقتضيها (بوتيتا، 1995، 1988).

إن العلامة، كالعلامة المندمجة في الجسد، تمكن من إظهار حالات داخلية خفية على الآخر. لكن تلك العلامة تقترن، لدى البشر، بقدرات ما وراء تمثلية (métareprésentatives)، أي بالقدرة على تمثل التمثلات. وتعرف هذه القدرة تعقيدا مع تغير السن، بحيث يدرك المرء الدرجة الأولى عندما يبلغ ثلاث سنوات، ويبلغ المرحلة الثانية وهو ابن خمس سنوات، ثم المرحلة الثالثة وهو ابن تسع سنوات (ويمر وبيرنر، 1993؛ شاندلر، فيرتر و هالا، 1989؛ ويلمان، 1990؛ دوهيرتي وبيرنر، 1998). ومنذئذ، تصبح العلاقة القائمة بين الدال (القابل للإدراك) والمدلول (غير المرئي، غير المادي، غير القابل للإدراك) محور أول فضاء للعب الحر والاستراتيجي بالعلاقات الموجودة بين الداخل والخارج. فالطفل يتعلم منذ السنة الثالثة ليس كيف يعبر فقط، وإنما كيف يقوم بعملية الإخفاء أيضا، وألا يقول شيئا وأن يتحكم في التدفق اللفظي.

إن التواصل يعني القول وعدم القول في آن واحد. فالدلالة نفسها تنبثق في النقطة التي يتقاطع فيها ما قيل وما لم يقل. وينطبق ذلك على مستوى الدلالة البنيوية ومستوى الدلالة الاستبدالية. إن المنطوق "السماء زرقاء" يقتضي كل ألوان قوس قزح دون ذكرها؛ وتقييم مصداقيته يستحضر بشكل مفترض كل درجات قابليته الممكنة للخطأ. إذ لا يمكن للمرء أن يجمع على نحو جيد بين الاتفاق من جهة، والحرية الفردية في إخراج مختلف الحالات الذهنية (أحاسيس، رغبات، معتقدات، إلخ) أو الحفاظ عليها في الداخل من جهة أخرى.

إن السمة الاعتباطية للعلامة تعبر عن عدم تضمن الجسد للإشارة، وتجعل من الممكن تحقق نوع من التكاثر الاتفاقي، المفترض أنه لا محدود، من الوساطات بين الداخل والخارج. إن طبيعة الإزدواجية التي تميز العلامة، باعتبارها مرئية وخفية في آن واحد، تولد، بفضل الملكات ما وراء تمثيلية، تضاعفا واعيا ومقصودا للكينونة والظهور، وهما أدق الحالات الداخلية وتجلياتها الخارجية.

ثانيا، وخلافا لما يحدث في حالة الإشارة المدمجة، لا ترتبط العلامة بمرجع سياقي ارتباطا وثيقا لا يقبل الانفصال. ليس للنحلة القدرة على أن تشير برقصها إلى وجود نباتات عسلية لا وجود لها في الواقع؛ والشمبانزي يتوصل من جهته إلى إصدار صيحة إنذار ليوهم بوجود عدو غير موجود؛ هذه القطيعة المحدودة بين الإشارة ومرجعها "العادي" تتعمم مع الثورة الرمزية. ونتائج هذه القطيعة المعممة الافتراضية كثيرة جدا، إن هذا الانفصال الافتراضي يمكن مبدئيا من قبول البناء المتخيل للواقع من خلال التعبير عنه؛ إنه يسمح بانفصال الواقع الذي يتخذ على أنه واقع حقيقي. إنه يجعل من الممكن مثلا الكذب على الحالات الداخلية أو تعديلات لبيان بعض الوقائع السابقة المدركة. إنه انطلاقا من حرية الاختيار المفترضة هذه بين استعمال العلامة واستعمال المرجع، تصبح السرود الخيالية ممكنة ويصبح من الممكن القول إن هذه الأخيرة أكاذيب بإمكانها أن تطمح إلى أن تكون حقيقة. إن المؤرخ وعالم الاجتماع معنيان كثيرا طبعا بحرية استعمال العلامة في عمليات إعادة بناء الحاضر والماضي، من خلال عمل تصبح معه الخرافة أحيانا "واقعا" ويتحول معه الواقع إلى خرافة. يتعين بناء نظرية للمرجعية الافتراضية لتقوم بتعليل قدراتنا غير المحدودة على البناء الرمزي للواقع، وهي قدرات حاسمة في مجال إنتاج الأشكال الاجتماعية والمعنى وتآكلها.

إن البعد الأساسي الثالث للعلامة لا ينفصل عن البعدين السابقين. فهو يرتبط بالقواعد اللازمة لاستعمالات التبادلات الرمزية ويقنن، أو يحاول أن يقنن، حرية الاستعمال الافتراضية للعلامات. كان لعلاقاتنا أن تكون علاقات إشكالية لو كان بإمكاننا أن نقول، ألا نقول، أي شيء لأي كان في أي مكان وأي وقت وكيفما اتفق. هاهنا مجال للتغيير يشغله التنوع اللامحدود للثقافات. يستحسن في هذه الوضعية ألا يعبر المرء عن حالاته الداخلية، ويمكن أن يبدو في حالات أخرى من غير المناسب، بل ومن غير المشروع، عدم الإشارة إليها. فبعض عمليات تزوير الواقع يتم الحكم عليها بأنها مواتية، وعلى بعضها الآخر بأنها مذمومة. لا يستحسن قول جميع الحقائق، وتبدو بعض عمليات الكشف عن الحياة الخاصة التي نعترف بها لكل فرد عمليات فظة ووقحة وعديمة الجدوى. هذه الاتفاقات حول استعمال العلامة، والتي تحاول تقنين تبادلاتنا الرمزية، تتميز بهذه الخاصية الغريبة والحاسمة، وهي أنه يمكن للفاعلين الفرديين خرقها. هذا الخرق الافتراضي يكمل سمتي الافتراض السابقتين للعلامة.

هذه الافتراضيات الثلاث تحدد معا الدينامية النوعية التي أنتجتها الثورة الرمزية، وهي دينامية تحددها أفضل تحديد المعكوسية الافتراضية للشفرات والشفرات نفسها. إن مدلول المعكوسية الرمزية يشير إلى الحريات الأساسية الثلاث في استعمال العلامة والتي يتمتع بها الفاعل الفردي، وهي حريات افتراضية لأنه يمكن استعمالها، لكنها غير مستعملة بشكل نسقي، ولأنها مقيدة باتفاقات لا يتم خرقها بدون أداء الثمن.

لا تقوم السمة النوعية لمجالنا التواصلي على قدرتنا على الابتكار والاستعمال المتعمد للشفرات بطريقة سليمة ومفهومة. فما يميز تواصلنا عن التواصل الحيواني لا يتلخص في مسألة القصد. بل إن أصالتنا تكمن في الحريات الفردية الافتراضية في استعمال الشفرات وكذا في المجهود التقنيني الذي يبذل باستمرار لكبح تلك الحريات. لهذا السبب تجري تبادلاتنا الرمزية باستمرار داخل الصراعات وداخل خرق الاتفاقات، وباختصار داخل اللعب حول الشفرة الذي يحدد هذه الأخيرة تحديدا نفعيا أفضل مما تفعل جميع أشكال الخضوع والامتثال. يبقى علينا الآن استخلاص مستتبعات وجهة النظر هذه من زاوية التغير الاجتماعي الداخلي.

إذا تتبعنا مراحل عملية ما وراء المعرفة، يمكن أن نميز ثلاث "نظريات للفعل". الأولى ينسب فيها الفعل مباشرة إلى الفاعل ورغبته. والثانية يتوسط فيها فضاء لعب حسي-حركي بين الفاعل الراغب وفعله. والثالثة تنضاف فيها الألعاب المقصودة بالعلامات إلى الألعاب المقصودة السابقة التي تجري حول الإدراكات والتوقعات. وتضيف الألعاب المعرفية والتواصلية مزيدا من التعقيد إلى بلوغ الخيرات والسلطة، الذي يرجع دلاليا إلى الرغبة والقوة، وذلك كلما انتقلنا من مرحلة إلى أخرى.

فضاء المعكوسية الرمزية الافتراضية وإنتاج-تآكل الأشكال الاجتماعية:

وباختصار، فإن فضاء المعكوسية الرمزية الافتراضية يقدم نفسه، بالنسبة لكل فاعل مزود بقدرات ماوراء تمثلية، كفضاء لعب يستطيع فيه أن يظهر أو يخفي حالاته الداخلية، وأن يغير الوقائع الداخلية أو الخارجية، وأن يحترم أو يخرق  اتفاقات التبادل. فالعلامة واستعمالها يوازيان حرية الانفتاح/الانغلاق على الغير التي يضاعفها فضاء بناء/تفكيك الواقع و"يثلثها" أخيرا اللعب بالاتفاقات القائمة. إن الفاعلين إذن لا يستهويهم فقط وضع اتفاقات التبادل وتغييرها، وإنما بالخصوص خرقها وقلبها على الدوام. فالعلامة، من زاوية استعمالها النفعي في عمليات التبادل، تؤسس الواقع على عملية عكسه الافتراضية، وتؤسس المرئي على ما يفترض أنه غير مرئي، وتؤسس الاتفاق على إمكانية خرقه.

إن مثل هذه الوساطة بين الفاعلين تؤسس في آن واحد لنوع من الداخلية والخارجية الرمزيتين. لقد تمت دراسة الجدل القائم بين الداخلية والخارجية دراسات مختلفة توجد كلها بين قطب الداخلية التوليدية وقطب الخارجية الإلزامية. وحسب منظور المعكوسية الرمزية، لا يحظى أي من هذين الخيارين بالقبول. فالفاعل الفردي يتوفر على هامش من الحرية يستطيع فيه أن يبني داخليته ويصونها، وكذا يستطيع في ذات الآن أن يفاوض بخصوص علاقته بالمنتوجات الرمزية الممؤسسة. إن استقلالية الفاعل تكمن إذن في افتراضيات المعكوسية الرمزية. فالذات المبدعة لا تعثر على استقلاليتها المبدعة في ذاته، وإنما في خصائص الواسطة الرمزية مع الغير، أي في الألعاب بالشفرات.

هذه الاستقلالية الافتراضية تنكر الأمر الواقع وتتحايل عليه، تضع البدائل، تحلم باليوتوبيات، تملأ الثغرات التاريخية، تتسرب إلى النزاعات وتنعش بلا كلل الإنتاج الرمزي. إن الاستعمالات الإدراكية الواصفة للعلامة تضمن للذات استقلالية لا تقبل الاختزال، استقلالية تحاربها بشراسة الأنظمة الشمولية، سواء كانت دولتية أو طائفية. يستحيل مع الوساطة الرمزية القضاء على التاريخية. فالميزة الأولى للتبادل الرمزي لا تتمثل في الشفرة، وإنما في افتراضية تآكل هذه الأخيرة. إذ يؤكد أمبيرطو إيكو (1975) على أن العلامة لا تكون علامة إلا إذا كانت قادرة على تمكين صاحبها من الكذب. إن الشفرة -تعالي الأمر القائم- تحاول احتواء تعالي الذات دون أن تتوصل إلى تحقيق ذلك.

فعلى المستوى البيولوجي، تتمظهر الاستقلالية الفردية بالتحولات الوراثية؛ وعلى المستوى السلوكي، تتمظهر بنوع من استقلالية السلوكات إزاء التسجيلات الواثية؛ أما على المستوى الرمزي، فإن الدينامية التخلقية تتضاعف، وخصوصا تتسارع بفضل الاستقلالية الافتراضية للذات، أي بفضل فضاء لعبها في عملية التبادل.

فضاء المعكوسية الافتراضية والتباين الفئوي:

تتمثل إحدى أهم نتائج المعكوسية الرمزية في استحالة قيام تجانس فئوي. وبهذا الصدد، يكون تعدد المعاني والتنوعات السياقية للعلامة متجانسة مع خصائص فضاء معكوسيتنا.

هذا التباين الحتمي ناتج عن فضاء اللعب حول العلامات. فالعلامات عبارة عن وسائط مرتبطة بقدرات ما وراء تمثلية تجعلنا نُحْمَلُ من قِبَلِ العلامات وتمكننا من الإفلات منها في الوقت نفسه. فإمكانيات خرق الاستعمالات العادية للعلامة وإخفائها وانتهاكها توفر للفاعلين دوما فضاء لا يقوم إلا بتعريض وحدة المعنى والتماسك والترابط المنطقي للخطر، متيحا الفرصة للتجاذب المفتوح، أي للظهور بمظهر المتسامح على المستوى العمومي وبمظهر المتعصب على المستوى الخاص، وكذا لإخفاء أو تصنع الاتفاق على المستوى الخاص والتأكيد علينا على الشقاقات. لا يوجد في العالم مجتمع يتفق فيه الجميع على تحديد من هي المرأة، أو من هو الرجل أو الطفل. ففي المجتمعات الشفوية الصغرى، كما في غيرها، يكتشف حول التعاريف المكرورة التي تنتمي للمركز تصورات أقل نمطية، بل وغير نمطية تماما (م.ميد، 1963، 1973). فتعدد المعنى والتباين يعدان قاعدتي التصنيف والتنميط (روش، 1978)، ولبلوغ تعريفات ذات معنى واحد، يتعين بذل مجهود منطقي-رياضي نوعي، مشرئب نحو ذلك الهدف.

هكذا تنطبق لعبة المعكوسية على الفئات والكلمات التي تعينها. عندما يتم التأكيد على أن فاعلين في تفاعل ينتجون أنماطا، يمكن للمرء أن يتصور عن خطأ أن الأمر يتعلق بفئات محددة بدقة. ذلك أن ذلك التأكيد يقف عند حدود سطح الشفرة. إذ لا تجوز في لعبة التصنيف المتبادلة كل أنواع التشويه وكل ما يقال وما لا يقال، أي كل أوضاع فضاء المعكوسية الرمزية (أكاذيب، حيل، خداع، أخبار كاذبة، مودة، مغالاة، تلميحات، أقوال بذيئة، تمييز، حقيقة، أصالة).

هكذا الشأن أيضا بالنسبة للمؤسسات. لنأخذ مثلا المدارس الابتدائية العمومية التي تخضع لنفس التعريف بفضل نفس القانون الذي يحرص على أن يعامل المواطنون على قدم المساواة. بيد أن جميع البحوث التي تناولت بالدرس المدارس الابتدائية تشير إلى وجود اختلافات في الهوية ونمط الاشتغال، سواء فيما يخص التلاميذ أو الأساتذة أو أسلوب العلاقات أو العلاقات بالسلطة والمعرفة، إلخ. فالتعريف الرسمي واحد، لكن الديناميات السلوكية والرمزية تختلف.

يعد التمايز والتباين من بين أقوى نتائج المعكوسية الرمزية. إن القدرة المدهشة على التصنيف والترتيب والتوزيع إلى فئات متقاطعة، التي توفرها العلامات وعملية التركيب بينها، تتضاعف بقوة تمييز وفردنة مماثلة. من السطحية الاعتقاد أن استعدادنا للتصنيف ناتج عن التصنيفات الاجتماعية الملموسة (جماعات أسرية، قبلية، جنسية…). ومن الصواب التأكيد على أن تلك القدرة على التصنيف تنتج عن خصائص الوساطة الرمزية وعن مفترضاتها الإدراكية، وأنها تنطبق على قدرتنا على صنع جماعات اجتماعية وتفكيكها.

إن هناك نتيجة أخرى أقرب إلى موضوع التاريخية: فالتباين الفئوي يلائم التغيير عندما تنتشر حول المركز التعريفي انزلاقات للمعنى، وتعارضات خفية أو جلية، وسلوكات فاضحة أو غير مفهومة، وباختصار، خيارات افتراضية يمكن تبنيها على نحو واسع حسب المناسبات التاريخية (ابتكار، صراع، حدوث طارئ، تأثيرات مختلفة). إن التباين يسبق التحولات، إنه يلتصق بها ويبقى بعدها؛ إنه خزان من المعاني والسلوكات "المتكيفة" و"غير المتكيفة"، المركزية والهامشية (بوتيتا، 1996).

 

 

 

خلاصة:

قدمت إجابات كثيرة على مسألة أصل التحولات التاريخية الدائمة. إن احتمال حدوث الحركات الفردية أو التركيب أو الجمع بينها، وأشكال الثقل البنيوي، وفعل الذوات الفردية والجماعية، وبث نماذج من الحياة ومن الابتكارات والعلاقات بالطبيعة، كل ذلك يمكن بناء تركيبات بين عناصره لصياغة عدد لا يحصى من النماذج بهذا القدر أو ذاك لهذه الوضعية التاريخية أو تلك. لقد ركزنا اهتمامنا في هذه المقالة على التبادل الرمزي، متسائلين عن الكيفية التي يمكن بها لسماته القاعدية أن تمثل مصدرا داخليا دائما لتغير أشكال علاقاتنا.

يمكن لنا، بدلا من تبني منظور البناء المشترك للشفرة أو القاعدة أو المعنى والتفاوض حولها، أن نتبنى المنظور المعاكس، وهو منظور الخرق والتغيير والانتهاك الافتراضي ضمن عملية التفاعل الرمزي. تبدو لنا وجهة النظر هذه مبررة بالثغرات التواصلية التي يستشهد بها التقدم الحاصل في مجال ما وراء عملية المعرفية (ما وراء الإدراك وما وراء التمثل): ليس فقط إمكانية وجود توقع جماعي أو اتفاق تذاوتي، وإنما أولا وعلى الخصوص عملية قلب افتراضية للانتظامات والتوقعات والتوافقات. إن التقدم الحاصل في دراسة فعل المعرفة (cognition) يكشف عن حريات افتراضية في استعمال العلامة، حريات الفاعلين الفرديين التي تكون فضاء المعكوسية الرمزية. ويقحم هذا الفضاء التاريخية وعدم اليقين في أحضان عملية التبادل الرمزي نفسها (بلانديي، 1994؛ بيرتيلو، 1996) ويصنع حسا مشتركا وشفرات تكون خاصة إجمالا بالأنظمة التي تتميز دوما بالعرضية وعدم الثبات وإعادة الإنبناء المستمرة، والتي تصدر بالخصوص عن فوضى المعكوسية.

وتجدر الإشارة إلى نتيجة أخرى لوجهة النظر التي فصلنا الحديث عنها أعلاه والمتعلقة بالسرد. إن نوعنا الشري لا يتحدث فقط، بل يسرد أيضا. إننا نحكي أصولنا وأعمالنا البطولية وأساطيرنا وحكاياتنا وحياتنا اليومية المبتذلة. إننا نتحاكى ونعلل وندلي بشهاداتنا بلا غاية. وأثناء الحكي، نصف بعض التحولات ونضفي عليها طابعا مأساويا بخلقها بفضل عوامل متنوعة، سواء بواسطة تحكمنا في وضعياتنا التفاعلية أو قدرتنا على الابتكار التقني أو بفضل السلطة أو الآلهة. فإذا ألقينا نظرة على حكايات الأدب العالمي، سندرك بسرعة أن محاور التغييرات الأكثر تواترا تتمثل في وضعيات تفاعلية مشتقة من إمكانيات المعكوسية الرمزية (الأكاذيب، الحميمية، إفشاء الأسرار، إخفاء الحقائق، الحقيقة، الأصالة…). يقدم هذا النوع من الحكي نفسه إذن كعملية إخراج مسرحي للتغيرات الافتراضية للمعكوسية الرمزية (بوتيتا، 1999). إن الأساطير والحكايات والملاحم تضمنت وأوضحت علنا العلاقة القائمة بين التبادل الرمزي والتاريخية.

إن المنظور المعروض هنا يسلط الضوء على بعض خصائص العلامة والقدرات ما وراء معرفية. فدينامية التغيير الناتجة عن ذلك لا يمكن اختزالها في تنقلات بعض الاتفاقات التذاوتية حول الشفرات؛ بل إنها تتغذى من عملية القلب الافتراضية لكل انتظاماتنا وتوقعاتنا واتفاقاتنا. إننا نرمم ونرقع ونبتكر لنقطف عدم احترام الاتفاق الطاهر وتمزيقه وانتهاكه. فألعاب الخفي/الظاهر والتشويه تبخر الانخراط غالبا، لكنها أيضا تخفي المسافات الداخلية والعملية إزاء الاتفاقيات. إن الشفرة تسعى وراء المعكوسية الافتراضية.

لا يمكن ممارسة هذا المنطق إلا عن تجربة ووعي (وعي يتعين تنشيطه باستمرار) بأشكال النظام والفوضى الأليمة والمجزية التي تعتري التبادل الرمزي. لهذا السبب يبدو من الأهمية بمكان الإشارة إلى الشروط التعرفية لظهور العلامة واستعمالها. وقصة بيير والذئب توضح ذلك. في البداية، يطلق بيير صيحات إنذار كاذبة، كما فعل قردنا الشامبانزي، وذلك للإيهام بوجود ذئاب لا وجود لها في الواقع. إن معيارية العلامة تنتج عن رد الفعل الجماعي على تلك المعكوسية المنذرة. وتتخلص العلامة نهائيا من الإشارة التي تسبقه بفضل القدرة على استباق النتائج الإيجابية أو السلبية لسوء استعماله لها؛ وتصدر تلك القدرة عن تمثل التمثل وتفتح في آن واحد على البعد المعياري للعلامة وعلى قلبه.

يضفي بيير الطابع الرمزي على الموت الذي ينتظر أولئك الذين يبتعدون كثيرا عن بهجة وسحر التوافق المشترك. هامش الموت هذا هو هامش الحياة أيضا. يعرف الجميع، وتذكرنا الحكايات بذلك، أن الغابة المتوحشة والابتعاد ملائمين للتجديد. إن الحياة تسكن الهوامش، كالموت تماما. وإن ما يقبل الانعكاس يسرع الحوار بين حياة الأشكال وموتها. وترتبط عمليتي التسريع والتعقيد بعلامتنا الوسيطة ذات الوجهين، العلامة التي يحتمل أن يظل أحد وجهيها خفيا. وبفضل هذه العملة المشتركة، التي تتحول إلى عملة علاماتية، وبفضل قدراتنا ما وراء تمثلية المتلازمة تولد حياتنا الاجتماعية من الرعب من الفوضى المحتملة، كمأساة الموت، والحياة، والانبعاث والتجاوزg

النص الأصلي:

André PETITAT, « Echange symbolique et historicité », in Sociologie et sociétés, vol.XXXI, n°1, Printemps 1999.

المراجع:

BALANDER, Georges (1994), Le dédale, Paris, Fayard.

BATESON, Georges (1977, 1980), Vers une écologie de l’esprit, t.I et II, Paris, Seuil.

BERTHELOT, Jean-Michel (1996), Les vertus de l’incertitude, Paris, PUF.

BYRNE, Richard W., et Andrew WHITEN, (1988), (dir.), Machiavellian Intelligence : Social Expertise and the Evolution of Intellect in Monkeys, Apes and Humans, Oxford, Clarendon Press.

CHANDLER, Michael, Anna FRITZ et Suzanne HALA (1989), « Small-scale deceit : Deception as a marker of two-, three-, and four-year- old’s early  theories of mind », Child Development, vol. 60, p.1263-1277.

DE WAAL, Frans (1992), De la réconciliation chez les primates, Paris, Flammarion.

DE WAAL, Frans (1997), Le bon singe, Paris, Bayard.

DOHERTY, Michael, et Josef PERNER (1998), « Metalinguistic awareness and theory of mid : just two words for the same thing ? », Cognitive Development, vol.13, p.279-305.

ECO, Umberto (1975), Trattato di semiotica generale, Milano, Bompiani.

GOFFMAN, Erving (1973), La mise en scène de la vie quotidienne, Paris, Minuit.

HABERMAS, Jürgen (1987), Théorie de l’agir communicationnel, Paris, Fayard.

HABERMAS, Jürgen (1995), Sociologie et théorie du langage, Paris, A.Colin.

HALL, Edward T. (1971), La dimension cachée, Paris, Seuil.

HUSSERL, Edmund (1994) , Méditations cartésiennes, Paris, PUF.

MEAD, Georges H. (1963), L’esprit, le soi, la société, Paris, PUF.

MEAD , Margaret (1963), Moeurs et sexualité en Océanie, Paris, Plon.

MEAD, Margaret (1973), Une éducation en nouvelle-Guinée, Paris, Payot.

PETITAT, André (1995), « Le don : espace imaginaire normatif et secret des acteurs », Anthropologie et sociétés, vol.19, n°1-2, p.17-44.

PETITAT, André (1998a), Secret et formes sociales, Paris, PUF.

PETITAT, André (1998b), « Education et implosion sociale », Revue française de pédagogie, vol. 124, p.5-11.

PETITAT, André (1999), « Contes et réversibilité symbolique : une approche  interactionniste », Education et sociétés, n°2, à paraître.

PREMACK, David (1978), « Does the chimpanzee have a theory of mind ? », The Behavioral and Brain Sciences, vol.1, p.515-526.

PREMACK, David (1988), « Does the chimpanzee have a theory of mind ? revisited », dans R.W. Byrne et A.Whiten (dir.), Machiavellian Intellignece : Social Expertise and the Evolution of Intellect in Monkey, Apes and Humans, Oxford, Clarendon Press, p.160-179.

ROSCH, Eleonor (1978), Cognition and Categorization, Hillsdale (N.J.), Erlbaum.

ROTENBERG, Ken J. (dir.), (1991), Chidren’s Interpersonal Trust, Berlin, Springer-Verlag.

SCHEFLEN, ALBERT E. (1981), « Systèmes de la communication humaine », dans Y.Winkin, la nouvelle communication, Paris, Seuil, p.145-157.

SHANNON, Claude, et Warren, WEAVER (1975), La théorie mathématique de la communication, Paris, Retz-CEPL.

WATZLAWICK, Paul, Janet H. BEAVIN et DON D. JACKSON (1972), Une logique de la communication, Paris, Seuil.

WELLMAN, Henry M. (1990), The Child’s Theory of Mind, Cambridge (Mass.), MIT Press.

WIMMER, Heinz, et Josef PERNER, (1983), « Beliefs about beliefs : Representation and constraining function of wrong beliefs in yound children’s understanding of deception », Cognition, vol.13, p.103-128.

WINKIN, Yves (1981), (dir.), La nouvelle communication, Paris, Seuil.

WITTGENSTEIN, Ludwig (1980), Grammaire philosophique, Paris, Gallimard.

 

 



(*)  التذاوت مقابل الكلمة الفرنسية intersubjectivité، بمعنى (بين الذوات).

(**)  الشفرة في مقابل الكلمة الفرنسية code، وتترجم أيضا بالسنن.

(***)  المعكوسية في مقابل الكلمة الفرنسية réversibilité، ويمكن ترجمتها أيضا بقابلية القلب أو العكس.

(****) الكيانية في مقابل الكلمة الفرنسية holisme، ويمكن ترجمتها أيضا بالحلولية، بمعنى النظرية التي تمنح الأولوية للكل على أجزائه.