ص1       الفهرس 91-100 

 

"المجتمع المدني" بين السياق الكوني والتجربة المغربية

 

رشيد جرموني

توطئة

هناك شبه إجماع بين جميع المراقبين والباحثين والمتخصصين والأكاديميين في شتى حقول المعرفة العلمية وخصوصا العلوم الإنسانية، إن المجتمع المدني أضحى أحد الركائز الأساسية في بناء الدولة الحديثة ليس في مجتمعات دول الشمال، بل حتى في دول الجنوب، رغم الاختلافات الجوهرية الواضحة والسياقات التاريخية و السوسيوساسية والاجتماعية والاقتصادية لنشأة المجتمع المدني في كلتا المجموعتين.

من جهة أخرى تعزز حضور المجتمع المدني في هيكلة وشكل الدولة الحديثة، بما أصبح يساهم به في مجهودات جبارة في رفد عملية التنمية الشاملة.

ولعل من الأسباب الطبيعية، التي بوأت المجتمع المدني هذه المكانة هو تراجع الدولة وكذا الأحزاب المشاركة في تدبير الشأن العام وفشلها في بعض التجارب في النهوض بأعبائها الكاملة،وخصوصا في القضايا الأساسية ذات الصبغة الاجتماعية.

بالموازاة مع ذلك،فقد كان لانتشار قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان بين دول العالم، الأثر الكبير في بروز المجتمع المدني وتعاظم دوره ليس إقليما بل عالميا أيضا، وقد كشف مرصد المجتمع المدني التابع لمدرسة لندن الاقتصادية وجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلس في تقريره السنوي الذي يرصد تطور المجتمع المدني بالعالم أن هذا الأخير عرف تطورا ملحوظا ما بين سنتي 1993 و2003 بنسبة 50 %، بالإضافة الى تزايد عدد مكاتب مؤسسات المجتمع المدني حيث انتقل من 12547 سنة 1993 إلى 17952 سنة 2003. ويضيف هذا التقرير أن بلدان أوربا الشرقية وأسيا تعرف أيضا نفس التطور في عدد جمعيات المجتمع المدني، بينما تأتي في مرتبة أخيرة بلدان إفريقيا والشرق الأوسط [1]

وقد عرف المغرب بدوره صعودا معتبرا للفاعلين غير الحكوميين وغير المتحزبين في قلب الحياة الجمعوية خلال الثمانينيات وبشكل أوضح في التسعينات من القرن الماضي، حيث أبان هؤلاء الفاعلون الجدد عن قدرتهم في الإسهام بكيفية ملموسة، وفعالة في المجهود التنموي، وفي دمقرطة النقاش العمومي بالبلاد[2] .

ونحن نباشر التعاطي مع هذا الموضوع الحيوي، تتقاذفنا مجموعة من الأسئلة المفصلية والجوهرية أولا عن المفهوم في حد ذاته ما هي دلالة " المجتمع المدني " Société Civile "؟ وكيف تبلور هذا المفهوم ضمن السياق التاريخي والسوسيوساسي في البلاد الأوربية؟ ثم ماذا عن الظروف والملابسات التاريخية والسوسيوثقافية لميلاد المفهوم داخل تربة البلاد العربية الإسلامية؟ ثم ماذا عن مميزات المجتمع المدني كمفهوم حديث في حقل التداول السياسي والثقافي في هذه البلاد ، وهل يختلف عن المجتمع الأهلي الذي تشكل كوظيفة دفاعية وتأطيرية وأيضا تنظيمية للمجتمعات العربية والإسلامية؟ وبعد هذا كله نتساءل عن التجربة المغربية باعتبارها غنية في هذا المجال – كيف تشكل بها " المجتمع المدني " وما هي المسارات التاريخية التي مر منها هذا المفهوم؟ وأيضا ما هي الآفاق المستقبلية التي سيعمل  المجتمع المدني على تحقيقها لكسب رهان التنمية المنشود؟

تلك إشكالات وغيرها سنسعى لمقاربتها ضمن رؤية تمتح من التاريخ وعلم السياسة وعلم الإجتماع والأنثروبولوجيا على اعتبار أن الموضوع خصب وتتقاطع فيه عدة حقول معرفية.

 وعليه فإن المحاور التي تتأطر ضمنها الإشكالية العامة لهذا الموضوع، تتفرع إلى أربعة محاور.

I-              المجتمع المدني " المفهوم والدلالة الاشتقاقية "

II-          السياق التاريخي والسوسيوسياسي لميلاد والمجتمع المدني في البلاد الغربية.

III-      السياق التاريخي والسوسيوسياسي لميلاد والمجتمع في البلاد العربية والإسلامية.

IV-       المجتمع المدني بالمغرب: التشكل – المسار – الآفاق

I-  المجتمع المدني: المفهوم والدلالة الاشتقاقية:

كما هو مقرر لدى الدارسين لعلم المصطلحات، لا يمكن لأي مفهوم مصطلح أن يدرس خارج إطار السياق التاريخي الذي تكون ونشأ فيه، وعليه فالمعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تؤثر بالغ الأثر  في تحديد مفهوم المجتمع المدني، لذلك نجد الباحث المقتدر محمد الغيلاني في كتابه القيم " محنة المجتمع المدني: مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية " يعترف بأن البحث في جذور المجتمع المدني (الحفريات) يكاد يكون مستحيلا بالنظر إلى الطبيعة المعقدة والمتداخلة للتحولات والانتقالات التي رافقت أعمال وجهود ترجمة النصوص التأسيسية للفكر الفلسفي والسياسي والاجتماعي ".

ويضيف قائلا:" تاريخ المجتمع المدني، يعد أطول وأقدم التواريخ كلها.ذلك أن تحول المفهوم من لغة إلى أخرى، وما واكب ذلك من انتقال لمضامين مجمل السياقات السوسيوسياسية، والملأى بالتنوع والتعدد حد التناقض والتنافر، عبر تاريخ طويل ومعقد، يضعنا، بالنظر إلى كل هذه الحيثيات، أمام مفهوم تاريخي شديد الحساسية إزاء التعريفات الإجرائية، والتي ربما تقلل من أهميته النظرية والمعرفية، ورغم هذه المحاذير الإيبستمولوجية التي أبداها الباحث محمد الغيلاني،([3]) فإن الإمساك بهذا المفهوم يقتضى من الناحية العلمية والمنهجية، تحديدا واضحا يرفع كل لبس عنه، ويساعد على الإقتراب منه أكثر فماهي دلالة المجتمع المدني ؟

1-1 الدلالة الاستقافية للمفهوم :

يتتبع ويتفحص ما ذكره الباحث أحمد  الغيلاني عن مفهوم المجتمع المدني، يمكن إجمال أهم ما توصل إليه، كون civil في اللاتينية مرادف  Political في الإغريقية كما أن Polis   الإغريقية  civilas  اللاتينية لايؤديان الدلالة نفسها . فمفهوم  Polis له وجود له مستقل بصرف النظر عن العلاقات التي تنسجها مكوناتها ومع ذلك لا يبدو واضحا ما إن كان لهذا التمييز تأثير على التعارض القائم في أزمنتنا المعاصرة بين civil society و Political society هذا وينتقل الباحث إلى الإقرار بأن مفهوم المجتمع المدني له أصل فيما تركه أرسطو 350 ق.م ويحتمل أن يكون المفهوم الترجمة المفترضة لمفهوم Kononia Potiliké الذي ورد في كتابي أرسطو Politiqué و ‘Ethique aNicommaqué’  وقد ظهرت أول تجربة أول ترجمة للكتاب الأول إلى اللاتينية سنة 1260م ومنها إلى الإنجليزية والفرنسية وباقي لغات أوروبا.

وضمن هذا التعريف العام لمفهوم المجتمع المدني، انتقل بنا المؤلف إلى الحفر في دلالته في اللغتين الألمانية والفرنسية فالنسبة للأولى وجد أن مفهوم Purgerliche Gesellschaft ينطوي على دلالتين :

أما الأولى تعني المجتمع المدني، وأما الثانية فتحيل على المجتمع البورجوازي ويحيلنا كل من مفهوم civil ومفهوم Burger على التعارض مع الدين ،ولذلك فالمجتمع المدني مجتمع لائكي بطبيعته وفي جوهره، وهو الذي قام على أساس مناهضة الكنيسة ومجتمع الإكليروس ... بل يمكن القول إن مسار العلمنة الذي تعرضت له laïcité في الغرب، والذي طبع نهاية العصر الوسيط ويبدو كما لو أنه البداية الرسمية لتطور المجتمع المدني، كما كان الشأن مثلا مع لوك". الذي نادى بالتسامح في قلب المجتمع المدني مميزا إياه عن المجتمع الديني.

هذا عن دلالة المصطلح في اللغة الألمانية فما هي دلالته في اللغة الفرنسية ؟ برز أول ظهور لمصطلح المجتمع المدني في اللغة الفرنسية مع ترجمته كتاب « somme de théologie » عن اللاتينية وكان  في ذلك سنة 1546 حيث يبدو مفهوم المجتمع المدني كمرادف للمجتمع السياسي، أي بصفته نظام قائم على التشريع لتجمع من المواطنين، وقد كان الفضل في إقرار الترجمة MELANCHTON من KOINONIA POLITIKE بمصطلح sociétas civilis أو societe civile ونجد أيضا تعبير [4] « compagnie de citoyens» .

ربما يظهر أن هذه اللمحة السريعة عن تجذير المفهوم داخل التربية الغربية الأوروبية على الخصوص لا يساعدنا في تكوين صورة واضحة لذلك فربط المفهوم بالسياق التاريخي يبدو جد مهم في هذا الباب ، وعليه فمع نهاية القرن الخامس عشر جاءت ترجمة ليونارد بروني Leonardo Bruni d’arrezzo لكتابي أرسطو Polotique 1438و Ethique a Nicomaque بين 1416 و 1417 لتدشين مرحلة انتشار مفهوم societas civilis وتعزيز وجوده في لغات أوروبا مستفيدا من التطور الذي عرفه في الطباعة ....

وقد عرف بروني بنزعته الإنسانية، وهي نزعة ارتبطت بما كانت تواجهه فلورنسا من تهديد من طرف مملكة ميلانو، وإن ترجمة كتاب أرسطو "السياسة" تأتي كرد فكري على هذه الأحداث .

فمحاولة بروني وغيره من معاصريه، الذين عملوا على ترجمة نصوص أفلاطون وأرسطو، تعبير إيديولوجي وفلسفي عن اندراج فلورنسا القرن الخامس عشر ضمن نموذج الفضيلة السياسية المدنية، أو بمعنى آخر، هي محاولة تبوأ جمهورية فلورنسا موقع الوريث الشرعي لأتينا وروما، وفي ضوء ذلك قد تمثل فلورنسا بهذا المعنى أول مجتمع مدني في التاريخ البشري"([5])

وكما المحنا سابقا فإن دلالة المفهوم تثير عدة إلتباسات مرتبطة بعملية التبيئة([6]) التي يقوم بها كل مجتمع بما يتلاءم مع خصوصياته الثقافية والحضارية.

في هذا السياق نجد أن المجتمع الصيني يستعمل كترجمة للمفهوم المجتمع المدني Citizen society gongmin shehui وهذا الأمر ذاته الذي حصل في التايوان، حيث استخدم الباحثون مصطلح مجتمع الشعب poyular society/minjian shehui ومنهم من استخدم مصطلح المجتمع المتحضر wenming shehui أو مصطلح المجتمع الحضريurbain society/shimin shehui ([7]).

خلاصة القول نجد أن مفهوم المجتمع المدني يضرب في عمق التاريخ والثقافة الإنسانيتين، ابتداء من الثقافة اليونانية القديمة لينتقل عبر عمليات استلهام هذا التراث الغني إلى اللاتينية ومن ثم إلى اللغات الوطنية للدول الأوربية.

حيث أن عملية الترجمة ليست عملية ميكانيكية ومعزولة عن السياق الحضاري الذي تتم فيه، ذلك أن التحولات التي بدأت تعرفها أوربا ابتداء من عصر النهضة قد كانت ذات دلالة عميقة في ترسيخ هذا المصطلح ليس كمفهوم فحسب بل كممارسة تعبر عن وجه أوربا الجديد.

لكن قبل ذلك وبعده نتساءل ما المجتمع المدني؟ وما هي وظائفه؟

يقدم مجموعة من المفكرين الباحثين تعريفات للمجتمع المدني تختلف وتتباين من خلال وجهة نظر كل مفكر على حدة، فمثلا Shils نجده يعرف المجتمع المدني بكونه  

مجموعة مؤسسات اجتماعية متميزة ومستقلة عن باقي دوائر الانتماء بما فيها: العائلة والطبقة والجهة والدولة.

 ـ يفعل المجتمع المدني شبكة من العلاقات، بما في ذلك العلاقة مع  الدولة مع الاحتفاظ 

    بدرجة من الاستقلال عنها وعن غيرها.

 ـ المجتمع المدني هو مجال التحضر، حيث تأخذ التقاليد والعادات  موقعها.

تعريف كارل ماركس

”المجتمع المدني هو الفضاء الذي يتحرك فيه الإنسان، ذائدا عن مصالحه الشخصية، وعن عالمه الخاص، متحولا إلى مسرح تبرز فوقه التناقضات الطبقية بجلاء، ويضع مقابل ذلك الدولة التي لا تمثل في نظره إلا فضاء بيروقراطيا يتحول فيه الإنسان إلى عضو ضمن جماعة مسيرة يقف في حقيقة الأمر غريبا بينها“ 

تعريف غرامشي:   

”المجتمع المدني مجموعة من البنى الفوقية مثل النقابات، والأحزاب، والصحافة، والمدارس والأدب والكنيسة، ومهماته مختلف عن وظائف الدولة وعن المجتمع السياسي“

يتضح من خلال هذه التعاريف للمجتمع المدني، أنها تتفق على أن تشكيل فعاليات المجتمع المدني تتأسس من خلال مجموع إرادات الأفراد وسعيهم لتحقيق طموحاتهم وغاياتهم ومطالبهم التنموية.

بعد تقديم هذه التعاريف ننتقل للحديث عن السياقات التاريخية والسوسيوسياسية التي

أفرزت ميلادا جديدا للمجتمع المدني. ذلك ما سنسلط عليه الضوء في هذا المحور الثاني.

II- السياق التاريخي والسوسيوسياسي لميلاد المجتمع المدني في أوربا:

بالرجوع إلى أهم ما كتب حول موضوع المجتمع المدني في الفترة الأخيرة، نجد أن جل الباحثين ينطلقون من مرحلة النشأة الغربية للمفهوم، وهو أمر طبيعي نظرا لميلاد هذا المفهوم من هذه البيئة، وعليه وبكل ايجاز يمكن الوقوف عند أهم قضية تاريخية جسدت التبلور الحقيقي لهذا المفهوم فمثلا الباحث الحبيب الجنحاني في كتابه: " المجتمع المدني والتحول الديمقراطية في الوطن العربي " يتحدث أن المرحلة الأولى ابتدأت مع عصر الأنوار وهي المرحلة التي مهدت للثورات البورجوازية، وفي مقدمتها الثورة الفرنسية فناقش كبار المفكرين هوبس didro hobbes، ديدرو، ماندفل  Mandeville، روسو rousseau، هيجل hegel، آدم سميت Adam smith، مفاهيم جديدة مثل الوطن والدولة، والمجتمع المدني لتبرز بعد ذلك في القرن التاسع عشر مدرستان شغل بين أنصارهما مفهوم " المجتمع المدني " حيزا بارزا، المدرسة الليبرالية، والمدرسة الماركسية، وتباينت الرؤية للمفهوم داخل كل مدرسة من آدم سميت إلى المفكر الفرنسي المعاصر ريمون أرون raymond aron في صفوف الليبراليين ومن هيجل وماركس إلى غرامسيسي gramsci ضمن التيار الماركسي([8] )

وهكذا سيتم تكثيف النقاش حول هذا المصطلح بالنظر إلى التحولات العميقة التي شهدتها أوربا في القرن الثامن عشر لمجابهة التراث الاستبدادي للدولة الأوربية، بمعنى أنه ترجمة لمطلب اجتماعي من أجل استقلالية أكبر إزاء الدولة.

وأيضا فالمجتمع المدني هو مطلب البورجوازية في مرحلة التحول الكبير لأوربا الذي كانت تدعمه الإيديولوجية الليبرالية، وهي كذلك مرحلة نشأة الدول القومية الأوربية الأولى: انجلترا وفرنسا.([9])

وبعد مرحلة إنجاز الثورات البورجوازية، اقترن تطور المفهوم بتطور الرأسمالية، وخاصة بتطور حقوق البورجوازية السياسية والاقتصادية. وتعد أسا متينا من أسس إيديولوجية الليبرالية، وهي تميز تمييزا واضحا بين الحياة العامة، والحياة الخاصة، وبين عالم الشغل والانتاج، وعالم المؤسسات السياسية، وليس من الصدفة كذلك أن يبرز في النصف الثاني من القرن 19 تيار جديد يعطي للمفهوم أبعادا جديدة.

 وهكذا برز في خضم هذا الصراع مع التيار الليبرالي تيار جديد يعطي للمفهوم أبعادا جديدة، وهو ما حدث مع التيار الماركسي ([10])

هذا عن التحولات التي شهدها النموذج الليبرالي. فما هي أهم التقلبات التي عاشها النموذج الماركسي، وسرعت بميلاد المجتمع المدني داخل كياناتها؟

في سنة 1973 كتب الفيلسوف lezekkolakowski عن أسطورة الهوية الذاتية الإنسانية في الأطروحة الاشتراكية، منطلقا من اقتراض يقول بوجود رابط تاريخي بين رؤية الماركسية للإنسان وبين الشيوعية الشمولية التي تنزع إلى اختزال كل مظاهر المجتمع المدني في أجهزة الدولة.

ومع أن مفهوم المجتمع المدني حاضر عند ماركس، فقد تم اللجوء إلى استخدامه كمفهوم نقدي لتحليل أوضاع المجتمعات الخاضعة لنظام حكم ماركسي – لينيني، مع إعطاء تعريف مفاهيمي يتجاوز ذلك التداخل الذي توحي به تجربة الحكم في الاتحاد السوفياتي السابق بين الدولة والمجتمع كما هو الشأن لدى باقي الدول الشيوعية.

وإجمالا يمكن القول أن الانسداد السياسي في مجتمعات أوربا الشرقية([11])، وما رافقه وتمخض عنه من إرادة جذرية في تخليص المجتمع من استبداد الحزب الواحد، عوامل أعادت لمفهوم المجتمع المدني توهجه، سواء من حيث اعتباره شعارا سياسيا أو من حيث اعتباره مقولة نظرية حيوية لتحليل التحولات السوسيوسياسية التي كانت نتائجها حاسمة في وضع الأساس الأول لمشروع مجتمعي خارج لتوه من قبضة الاستبداد([12]).

ونحن بصدد الحديث عن تشكل المجتمع المدني داخل السياق الماركسي، لا بد من الوقوف عند أهم المنظرين الذين أعطوا دفعة قوية لتفسير وتحليل ظاهرة الاستبداد السياسي التي تخنق المجتمعات ذات التوجه الاشتراكي، حيث شهدت الأوساط الفكرية انتشارا واسعا لكتابات غرامتي gramsci وهي الكتابات التي كان لها دور أساسي في بلورة أفكار جديدة حول مفهوم المجتمع المدني، وقد امتد هذا التأثير ليشمل بشكل خاص أمريكا اللاتينية بما في ذلك ( الشيلي) وهو البلد الذي خرج حينها من حكم العسكر ( بينوتشيه) ليشرع في تأسيس نظامه الديمقراطي، ولقد مثل هذا الانتقال أهم تعبير عن التحول في علاقة الدولة بالمجتمع المدني.([13])

بعدما بسطنا بعضا من الشروط التاريخية والفكرية والسوسيوسياسية التي حدثت في أوربا على الخصوص وكذا البلدان ذات التوجه الشيوعي سابقا، والمتمثلة في التحولات العميقة سواء على المستوى السياسي أوعلى المستوى الفكري - في ظهور فئة من المثقفين والمفكرين الذين نظروا للمفهوم- وبالتالي ساهموا في تحذيره داخل الحياة العامة لهذه الشعوب.

لكن ماذا عن السياق العربي الإسلامي؟ وكيف تفاعلت الشروط التاريخية والسوسيوسياسية والاجتماعية والثقافية لميلاد هذا المفهوم؟ وهل عرفت هذه المجتمعات تنظيمات غير مرتبطة بجهاز الدولة تحملت مشعل التنمية؟

هذه الأسئلة وغيرها سنعمل على تفصيلها في هذا المحور الثالث.

III- السياق التاريخي والسوسيوسياسي لميلاد المجتمع المدني في مجتمعات العالم العربي الإسلامي:

أكد جل الباحثين المشتغلين بموضوع المجتمع المدني أن العالم العربي الإسلامي لم يعرف تداول المفهوم إلا في حدود الربع الأخير من القرن الماضي.

ويشرح لنا الباحث الحبيب الجنحاني هذا الأمر عندما ذكر أن مفهوم المجتمع المدني مفهوم دخيل على تراث الفكر السياسي العربي الإسلامي، واتسم عند ظهوره بسمات خاصة جعلته يختلف عن مميزات المفهوم في بيئته الأولى، بحيث أن رواد الفكر الإصلاحي العربي الإسلامي في القرن 19 تأثروا بمفاهيم سياسية غربية جديدة مثل الوطن، والدستور، والانتخابات، والعدل السياسي، و " الحريات العامة " ولم يكن من ضمنها مفهوم المجتمع المدني.([14])

وهذا لا يعني أن هذه النخبة المثقفة قد تجاهلت هذا المفهوم بالمرة بل نجد أن بعض الرواد الذين زاروا أوربا في هذا القرن أمثال  أحمد فارس الشدياق (في كشف المخبأ في فنون أوربا)، والطهطاوي في رحلته: تخليص الأبريز في تلخيص باريز " قد تحدثوا عن بعض مظاهر المجتمع المدني " لكنهم لم يهتموا بفلسفة المفهوم ونشأته " أي من حيث التنظير والتعقيد له وهو ما ذكره أيضا الباحث محمد الغيلاني في مرجعه المشار إليه أنفا.

لكن بالرغم من هذا الانحسار المعرفي في تجذير وتبيئة المفهوم داخل التربة العربية الإسلامية، فهناك عوامل وشروط تضافرت لميلاد واقعة المجتمع المدني ليس كمفهوم ولكن كمعطى سوسيولوجي لذلك سجل الباحث المقتدر محمد الغيلاني " أن المجتمع المدني ليس حقيقة ناجزة نتأكد تلقائيا من وجودها دون تحديد واضح للمقدمات بل هي فرضية ملأى بالمفارقات، ومرصد لتاريخ حافل بتجاذب الأفكار وتدافع التجارب. وذلك أنه لا تكمن أهمية المفهوم ووظيفته في بذل الجهد لإثبات وجوده من عدمه، وإنما تتجلى أهميته في التعاطي معه بحسبانية أداة تحليل وتفسير لمجمل التحولات والوقائع الاجتماعية التي تعتمل في النسيج المجتمعي "([15])

 فما هي أهم الشروط التي تظافرت وترابطت فكتبت شهادة الميلاد لهذا المفهوم ؟.

1-1             إخفاق الدولة الوطنية في المجتمعات العربية الإسلامية في تحقيق التنمية بمضمونها الشامل.

ما يميز التجربة في بلدان العالم العربي والإسلامي، هو تعرضها للاحتلال من طرف القوات الاستعمارية الشيء الذي خلق تحديا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا كان على الدولة الوطنية أن تتحمله، وهو ما سعت إليه، وبالفعل فقد تحققت إنجازات لكنها لم تكن في مستوى  تطلعات هذه المجتمعات ، وذلك نظرا لمجموعة من العوامل:

عدم بلورة مشروع مجتمعي شمولي، وسيادة الفساد في مختلف مناحي الحياة.بالإضافة إلى التعامل مع التنمية باختزالها في بعدها الاقتصادي، وإهمال الأبعاد الأخرى، مما سيفقر مضامين الطموحات التنموية الأخرى.

ولعل من أهم الأسباب الأخرى أدت إلى الإخفاق في المشروع التنموي، هو عزلة الدولة عن المجتمع وبالتي عدم فسح المجال للفاعليين الاجتماعيين والقوى الحية التي تعبر عن نبض المجتمع، للمشاركة في تحمل المسؤولية. في هذا السياق يقدم لنا الأستاذ عبد الإله بلقزيز قراءة مركزة عن أهم العوامل التي ساهمت في ميلاد المجتمع المدني بالعالم العربي والإسلامي، حيث أكد أن النخب الوطنية الحاكمة لم تستطع تحقيق مطالب التنمية والتقدم ... و.. صيانة الاستقلال الوطني وإرساء أسس النظام الدستوري الديمقراطي وقد كان لهذا التراجع عن البرامج التنموية المستقلة (خصوصا مع بداية الثمانينات في القرن الماضي) الارتماء في تطبيق برامج صندوق النقد الدولي حول التصحيح الهيكلي، والخوصصة، وأيضا التراجع عن برامج توطيد العدالة في توزيع الثروة إلى برنامج اقتصاد السوق وتحريرالعملية الاقتصادية من سياسات التدخل الدولتي لدعم الطاقة الشرائية للمواطنين ...

في ظل هذه الوضعية دخل الوعي العربي في سلسة التساؤلات عن المخرج من هذه الوضعية الكارثية، وقد كانت لحظة التساؤل الإيجابي عن مواطن الخلل في ماكينة التغيير، والنقد الحاد في فرضيات، ومفاهيم، ورهانات، وأدوات المرحلة الماضية ولقد نشأ مفهوم المجتمع المدني، وفرضيته في رحم هذه التموجات والتغيرات التي طرأت على المجتمع العربي والإسلامي .(16)

1-2 انتشار الفكرة السلمية في الحياة السياسية بالوطن العربي الإسلامي.

كما ألمحنا سابقا أنه بعد مرحلة الاستعمار، آلت أجهزة  الدولة الوطنية مهمة بناء مشروعها السياسي القائم على مركزة القرار واستفراد نخبة بعملية التسيير والتدبير للشأن العام، مما ولد تيارا مناهضا لهذا التوجه تيار كان يؤمن بالعنف الثوري المستلهم لتراث عدة تجارب في العالم أجمع، وعليه فالتجربة السياسية الماضية برهنت على فشل الرهان على العنف سبيلا لتحصيل الحقوق وإشباع المطالب السياسية والاجتماعية. وقد تعرضت كل مؤسسات العنف التي أقامتها الحركات الوطنية للتصفية الموضوعية الكاملة. وبدأ تدرجيا التخلي عن العنف الثوري كخيار مما تطلب إعادة النظر في مفاهيم العمل السياسي (العنف كخيار أوحد ووحيد) وبرزت إلى الوجود أفكار جديدة تميل إلى فك الاتباط الماهوي المزعوم بين السياسة والعنف، وهكذا تراجع الشيوعيون واليسار الجديد عن عقيدة العنف الثوري (البلشفية) التي آمنوا بها إلى درجة التقديس، وقدم القوميون نقدا ذاتيا عن النزعة الانقلابية التي تبنوها، أو تعايشوا معها، أو سكتوا عنها، وتخلى قسم من التيار الإسلامي عن بعض من أفكاره الخوارجية العنيفة.. وكان الجامع بينهم جميعا الشعور بالحاجة إلى إعادة تقديم صورة جديدة عن السياسة والعمل السياسي، تتسم بالتنافس  السلمي لكسب الرأي العام وتحصيل الشرعية . وليس من شك أن مفهوم المجتمع المدني فتح أمامهم هذه الإمكانية : نعني إمكانية بناء إقامة سياسية جديدة. (17)

1- 3 إعادة تمثل التراث  الفكري الليبرالي والتراث النقدي الماركسي.

كما حدث في أوروبا وخصوصا الشرقية منها ذات التوجه الماركسي، حيث تمت مراجعة مجموعة من المبادئ والتوجهات والاختيارات السياسية إما للإخفاق الذي منيت به، أو بالنظر إلى مجموع المراجعات الفكرية التي تمت بهذا الخصوص، ومن ثم حصل الأمر نفسه لدى قسم من المثقفين العرب الذين قاموا بمرجعات فكرية بهدف إعادة تمثل التراث الفكري الليبرالي وأيضا التراث النقدي الماركسي.

ففي الحالة الأولى : أعيد تمثل التراث الليبرالي خارج فرضية التلازم بين الليبرالية وبين الاستعمار الامبريالية على نحو ما عاش عليه الوعي السياسي العربي المعاصر منذ نصف قرن أي من حيث هو تراث نظري لم يثمر الواقعة الاستعمارية حصرا - بل من حيث إن هذه ليست ثمرة ضرورية فيه- وإنما أثمر النظام السياسي الحديث (النظام الديمقراطي) والنظام الاقتصادي الحديث (نظام التنمية المفتوحة وتراكم الإنتاج والثروة) والنظام الإجتماعي الثقافي الحديث (نظام إشباع الحاجات المدنية والحاجات الرمزية للناس، وحماية حق في الأمن الاجتماعي وفي التفكير والإبداع) ولقد رفع من قدر هذا التراث، في وعي بعض  الوعي العربي، ما جرى من معاينة شاملة لتفاصيل التعبير المادي عنه، في تجربة بناء الاجتماع المدني السياسي الحديث في الغرب وفي حصيلة التقدم التي حصدها هذا الغرب من قيامه على التراث إياه.

أ‌-        أما في الحالة الثانية : فقد أعيد الاعتبار إلى اللحظات النقدية في التراث الماركسي بعيدا عن و على أنقاض –فرضية  التمثيل البلشفي الروسي لهذا التراث -هكذا جرى الإنصات قليلا لغرامشي، وألتوسير وبتلهايم، وبولانتزاس، وبورديو، وآخرين في معركتهم المعرفية ضد الدوغمائية وضد النزعة السياسوية وضد الاقتصادوية، وضد كذلك كل تلك النزعات التي استسهلت عملية ميلاد الثورة، كما جرى الإنصات قليلا إلى اللحظة الشيوعية الأوروبية التي أعادت النظر في مقولة العنف الثوري، وفي مقولة ديكاتورية البروليتاريا" وفي الحالتين تهيأ في رحم هذه المراجعة –المناخ  النفسي لإعادة وصل العلاقة بالفكر الديمقراطي الحديث في تعبيره الليبرالي والماركسي.

وإذا كان من علامات ذلك، على الصعيد النظري العربي ، ما صار قيد التداول العام من أفكار حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، فإن من علامات ذلك على الصعيد السياسي – تخلي الحركات والأحزاب السياسية عن استراتيجية الاستيلاء الثوري على السلطة بأسلوب العنف المادي، وجنوحها إلى تبني الخيار السياسي البرلماني والانتخابي سبيلا إلى تغيير بدا أقرب ما يكون إلى تداول مفتوح على السلطة أكثر منه احتكارا لها- كما أن من علاماته الميل الحثيث إلى التركيز على العمل التثقيفي والمدني من خلال عملية  إنشاء  واسعة النطاق لبنية تحتية لما صار يعرف، في الخطاب السياسي، بإسم مؤسسات المجتمع المدني، ولما صار يمثل الرهان الوحيد لإنجاز عملية التغيير(18)

رغم أننا فصلنا الحديث عن أهم التحولات التي حدثت في الفكر العربي الإسلامي سواء على مستوى التنظير الفكري أو الخطاب السياسي، وذلك لفهم مختلف الملابسات التي شكلت السياق التاريخي والسوسيوسياسي لميلاد المجتمع المدني في هذه البلاد، لكن وجب الإشارة أن هناك اختلافات كبيرة بين عديد من الدول إلا أننا تحدثنا عن الطابع العام الذي ميز هذا السياق. 

انطلاقا من ذلك هل يمكن القول أن هذه الأسباب والعوامل التي عجلت بميلاد المجتمع المدني في الوطن العربي، هي نفسها التي انطبقت على المغرب؟ ثم كيف تشكلت العلاقة بين المجتمع المدني والدولة؟ وقبل ذلك هل عرف المجتمع المغربي بعض الأشكال الجمعوية التضامنية والتي أطرت النسيج الاجتماعي قبل تشكل الدولة بمعنى الحديث؟

ذلك ما سنركز عليه القول والتفصيل في هذا المحور.

IV- المجتمع المدني بالمغرب – النشأة والتشكل.

1-1             النـشــأة

رغم أنه لا جدال في كون نشأة المجتمع المدني، لا تختلف كثيرا في البلاد العربية الإسلامية نظرا لكون هذه الشعوب تتقاطع في مجموعة من الخصائص والملابسات التاريخية والسوسيوثقافية فإن وجود تمايزات وسط هذه التقاطعات ميزة أساسية طبعت تجربة ميلاد المجتمع المدني بالمغرب.

ولعله من الجوهري أن نثير في هذا المحور، مسألة أساسية تتمثل في أن المغرب وأيضا باقي البلدان العربية الإسلامية،  عرفت أشكال من التنظيمات الاجتماعية والتي ساهمت بدور فعال في تأطير المجتمع والقيام ببعض المهام الأساسية في عدة مستويات .

وإذا عدنا إلى المغرب نجده عرف مجموعة من المؤسسات التقليدية الشعبية ، وظفها لحماية الفرد من القهر المخزني أو لتمرد عليه أو للقيام بالأعباء الاجتماعية التي توالت عبر العصور ، من ذلك نجد مؤسسة القبيلة والزاوية والحنطة(*) وكذا المؤسسة التربوية (الكتاب- المدرسة التي  كانت تعلم أوصل الدين والشريعة) . وهذه المؤسسات كانت تنبثق من المجتمع نظرا للإحاحياتها وأيضا لأدوارها المهمة، في  هذا السياق يذكر محمد عابد الجابري : ” أن المجتمع المغربي إلى حدود الثلاثينات من هذا القرن، وهوتاريخ الميلاد الرسمي للحركة الوطنية، كان مجتمعا تؤطره القبيلة والزاوية. لقد كان هناك إطاران اجتماعيا وحيدان ومتداخلان ينتظمان     أفراد المجتمع المغربي،هما القبيلة والطريقة الصوفية أو الزاوية. أما الدولة (دولة المخزن قبل الحماية) فقد كانت جهازا فوقيا يستمد سلطته   وفاعليته بل ووجوده من نوع العلاقة التي يقيمها مع الإطارين المذكورين“(19)

من خلال هذا الاستشهاد، قد يطرح السؤال هل هناك علاقة بين " المجتمع المدني" كمفهوم حديث، والمجتمع الأهلي كمصطلح يتداول في بعض الأدبيات الفكرية، والاستعمالات في بعض البلاد العربية لذلك نوضح بعضا من هذا التشابه والاختلاف وأيضا بعض التقاطعات من خلال الجدول التالي:

 

المجتمع المدني والمجتمع الأهلي: التمايز والتقاطعات

 

المجتمع الاهلي

المجتمع المدني

 

- قوام سلطوي – تراتبية السلطة وهرمية 

العنف ( محمية بالدين والعرف)

- التضامن العصبوي

- قائم على علاقة النسب الدموي أو الولاء

إعادة انتاج العلاقة السلطوية

- قاعدة تنظيمية مؤسساتية

- سلطة عمومية معروضة للتداول

- مبدأ المصلحة

العلاقة الديمقراطية

المميزات

القبيلة- العشيرة- الطائفة- المذهب- العائلة- الزاوية- الحنطة- الحسبة- الفتوى- التربية والتعليم- العلماء...

-النقابة – الرابطة الحقوقية- الاتحاد الطلابي- الجمعية النسائية- العصبة المهنية- التجمع الاقتصادي للمستهلك- المنتدى الثقافي...

الأشكال التنظيمية

إن مؤسسات المجتمع المدني والمجتمع الأهلي بحسبانها المؤسسات الاجتماعية التضامنية التي يجنح مجتمع ما إلى تأليفها، وغابا ما تكون لذلك التأليف وظيفة دفاعية يؤمن بها المجتمع القدر الضروري من استقلاله في مواجهة فاعلية التدخل السياسي والاجتماعي للدولة أو للسلطة المركزية. في هذا تشترك أهداف المؤسستين، مع اختلاف في طريقة العمل.

التقاطعات

المصدر: استغلال شخصي لبعض ما ورد في كتاب" في الديمقراطية والمجتمع المدني" عبد الإله بلقزيز.

من خلال هذا الجدول لا يمكن أن نجزم معرفيا وإبستومولوجيا، أن هذه التمايزات بين المجمع الأهلي والمجتمع المدني، تفضي إلى أفضلية تنظيم على آخر، بقدر ما تؤكد أن السياقات التاريخية والسوسيوثقافية لكل مجتمع هي التي تؤثر في شكل وطبيعة هذه التنظيمات.

بعدما حاولنا تسليط الضوء على بعض الملابسات التاريخية والسوسيوثقافية، التي أفرزت ميلاد المجتمع المدني، فكيف يمكن النظر إلى الآفاق الجديدة التي أثرت أو بشكل آخر في مسيرة العمل الجمعوي بالمغرب؟

وماهي أهم اللحظات التاريخية والسياسية التي عززت دور وأهمية العمل الجمعوي بالمغرب خلال  حقبة ما بعد الاستعمار؟

كما يعلم  الجميع،  فالمغرب لم يعرف تجربة  الحزب الواحد، بل تشكل نسيجه السياسي منذ البدء من خلال التعددية السياسية، وإن كانت شكلية وصورية. وبالموازاة مع ذلك فقد عرف المغرب منذ بداية التسعينات من القرن الماضي سياسة الانفتاح على مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، ولعل التزايد المضطرد لعدد من الجمعيات والأحزاب والنقابات دليل على هذا التحول.

وعموما فظهور المجتمع المدني كان له صلة وثيقة بوظيفته الإيديولوجية التي تغذت من الصراع السياسي وتنافس المصالح المادية والمعنوية، ومع أن هذا التعليل لا يقدم تفسيرا كافيا للوقائع والتحولات التي عرفها المغرب، فإن بروز الاهتمام بمفهوم جاء ليعبر عن  انهيار النماذج الإيديولوجية والاختيارات السياسية التي جربها المجتمع المغربي لأكثر من أربعة عقود، وتمثلت في أوضح صورها في الرغبة غير العاقلة للدولة من أجل الهيمنة  على المجتمع من جهة، وفي المبادئ الشعبوية  التي قامت عليها الأحزاب المرتبطة تاريخيا بتجربة الحركة الوطنية والمتفرعة عنها من جهة ثانية.

لقد أتينا سريعا على ذكر بعض من العوامل الداخلية التي تمخض عنها ميلاد المجتمع المدني بالمغرب، إلا أن هذا السياق الداخلي لم يكن كافيا لحدوث قفزة نوعية في مسار هذا الفعل في بلادنا، لذلك فالسياق الدولي كان له دور هام في تعزيز هذه الشبكة الجمعوية داخل المغرب.

1-2            السياق الدولي ودوره في انتعاشة المجتمع المدني:

هناك توجه عالمي أملته عدة شروط ، يدفع باتجاه تكثيف حضور المجتمع المدني كهيئات غير حكومية « ONG » تشتغل أساسا بقضايا التنمية، ولعل المقال الصادر في المجلة المتخصصة L’ATLAS DU MONDE DIPLOMATIQUE تحت عنوان :

  « ONG   vers une société civile globale » يظهر بجلاء ما أصبحت تقوم به هذه المنظمات من أدوار طلائعية وتنموية مهمة، لا تقتصر على المجال المحدود بل تتعداه إلى أبعاد كونية وعالمية ، ويظهر المبيان التالي الميزانيات الضخمة التي تتصرف فيها هذه المنظمات الغير الحكومية العالمية ONGI والتي تتعدى ميزانيات بعض القطاعات الحكومية في المجتمعات النامية ((PVD.

L’ATLAS DU MONDE DIPLOMATIQUE P : 74 المصدر

انطلاقا من ذلك كله، فقد أخذت هذه المنظمات الغير الحكومية الدولية على عاتقها مسؤولية الدفع بالهيئات الجمعوية للإنخراط في استراتيجية تنموية وبشرية وحقوقية تجعل من أهدافها العمل عن قرب مع الساكنة المحلية، وقد ساهم ذلك بدوره في تعزيز الشبكة الجمعوية وبث الروح في خلاياها(*)

ونحن بصدد الحديث عن التفاعلات الكونية التي ساهمت في نشأة وتقوية المجتمع المدني بالمغرب، لا يجب أن نغفل حقيقة جوهرية هو ظهور فئة من الأكاديميين والمثقفين والفاعلين والخبراء والصحافيين التواقة إلى الخروج من ردهات التخلف وتأسيس مجتمع حداثي متطور ، حيث تم التأسيس أو المشاركة في عدة جمعيات وطنية و جهوية ومحلية، والتي تهتم بجميع المجالات التي تخدم مشاريع التنمية بمعناها الواسع.

إن الحديث عن التجربة الجمعوية بالمغرب، يحتم علينا ضرورة استحضار أهم المحطات التي قطعها الفعل الجمعوي في علاقته بالدولة، لما لهذا الأمر من أهمية في توضيح مسارات التشكل التي تطبع الحالة المغربية، فكيف يمكن رصد أهم هذه المحطات ؟

1-3 الدولة المغربية والمجتمع المدني أية علاقة ؟

كما ذكرنا سابقا فقد تميز الفعل الجمعوي بالمغرب إبان السبعينات من القرن الماضي بالصراع والمواجهة بينه وبين السلطة، وقد كانت البداية الأولى ذات طابع حقوقي، وقد استعرض الباحث توفيق بوعشرين هذه المحطات في ثلاثة مواقف طبعت تعامل السلطة مع فعاليات المجتمع المدني.

أ ـ المواجهة: وقد امتدت هذه المرحلة هذه من بداية السبعينات إلى أواسط الثمانينات وتميزت بالاصطدام المباشر مع ما كان يشكل أنوية مجتمع مدني فتي وناشئ والذي كان في غالبه على صلة بهذه الدرجة أو تلك مع الأحزاب السياسية المعارضة وخاصة اليسارية.

ب ـ المنافسة: حيث انتبهت السلطة في أواسط الثمانينات إلى الإهتمام المتزايد بمؤسسات المجتمع المدني، ومن ثم عمدت إلى خلق عدة جمعيات ترفع نفس أهداف وشعارات باقي مؤسسات المجتمع المدني الحرة. وأمدتها بجميع الإمكانات المادية وجعلت على رأسها  أعيان السلطة والمال حتى تقوي نفوذها في المجتمع (مثل جمعية أبي رقراق، جمعية الإسماعلية، جمعية إليغ، جمعية أنكاد جمعية المحيط...)(*) والملاحظ أن هذه الجمعيات أصبحت أنشطتها تغطي كافة جهات المغرب، بل وأصبحت غطاء للكثير من الأنشطة السياسية الرسمية.

ت ـ الاحتواء : مع مطلع التسعينات تغيرت إستراتيجية الدولة اتجاه المجتمع المدني، بعد أن عجزت عن القضاء عليه بالمرة أو منافسته بشكل كبير، وبذلك اتجهت إلى احتوائه وتوظيف مؤسساته وموقعها في المجتمع، وهكذا بدأ الحديث عن إشراكه في إعداد البرامج الحكومية  وتدبير المرافق وتوسيع حضوره ورموزه في الأنشطة الرسمية ووسائل الإعلام.

 إن هذا الإنفتاح لم يأت في سياق طبيعي يؤشر على بداية إيمان الدولة في قدرة مؤسسات المجتمع المدني على المساهمة في تدبير الشأن العام ، بل  جاء في سياق العجز أولا في التصدي للمشاكل الكبرى التي بدأ يعرفها مغرب التسعينات والتي شكلت ثمرة مباشرة لنتائج التقويمات الهيكلية لسنوات الثمانينات، ومن ثم فإشراك هذه المؤسسات كان يرمي إلى محاولة لامتصاص الغضب الشعبي من اختيارات الدولة، ثم ثانيا جاء هذا الانفتاح الاضطراري بعد بروز اتجاه لدى الدول الغربية والمنظمات الغير الحكومية العالمية، يفضل التعامل مع المؤسسات المجتمع المدني المستقلة على التعامل مع المؤسسات والأجهزة الرسمية لمحدودية فعالية هذه الأخيرة، ولاعتقاد من قبل المنظمات والدول الغربية مفاده أن أجهزة الدولة في المغرب والعالم الثالث لا تمثل تمثيلا أمينا مصالح وتطلعات ومشاكل المجتمع المدني، ومن ثم فوصول هذه الجهات إلى أهدافها وهي ليس كلها بريئة يمر بالضرورة على قنوات مؤسسات المجتمع المدني.(20)

لا يجب أن ينصرف ذهن القارئ إلى أن المجتمع المدني بالمغرب قد تلفح بهذه الموجات الثلاثة فحسب، بل إنه في ظل هذه الوضعية برزت وبشكل قوي رغبة كبيرة للفاعليين الجمعويين المغاربة، لخلق مشاريع تنموية رائدة، وأيضا في للمساهمة في تنضج الوعي السياسي والتضامن لمجموع المواطنين ويمكن على سبيل المثال أن نذكر الدور الحيوي الذي قامت به مؤسسة زاكورة والتي تمكنت من خلق برامج لتمدرس الفئة العمرية 8-16 سنة بالوسط القروي مع أنشطة موازية من قبيل التحسيس في المجال الصحي ونظافة الماء. وقد تم إحداث 221 مدرسة بفضل هذا البرنامج مكنت من  تمدرس 11854 فتاة.(21)

1                    ـ4 المجتمع المدني بالمغرب واستشراف المستقبل :

بناء على ما سبق فقد حقق المغرب تطورا نوعيا في دينامية العمل الجمعوي، إذ يعتبر من البلدان  الرائدة في دول الجنوب في الانفتاح على فعاليات هذا المجتمع، وذلك بحكم التحول السياسي الذي عرفته تجربة السلطة بالمغرب مع بداية التسعينات من القرن الماضي، وكذا لنضج ودينامية ونوعية الحراك الاجتماعي التي تميزت به نخبة من الكوادر الوطنية، وعليه فإن تصاعد المطالب الإجتماعية والاعتراض الضمني أو الصريح على احتكار الدولة على تدبير العديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، والتغيرات التي طبعت تسيير السياسات العمومية، كلها عوامل كانت مواتية للإقلاع والدينامية منقطعي النظر، اللذين عرفهما المجتمع المدني ببلادنا وتوجد اليوم، عبر التراب الوطني أكثر من 30.000 جمعية ذات أصول وأهداف متعددة ومتنوعة.(22)

ولعل الجدول التالي يقدم  للباحث صورة عن هذا التواجد للمجتمع المدني عبر التراب الوطني.

التوزيع الجغرافي للجمعيات

%

العدد

الجهة

%

العدد

الجهة

%5

1231

فاس

% 15

3805

الرباط

%4

1012

الغرب

%14

3558

البيضاء

%4

905

تادلة

%13

3238

سوس

%3

785

تازة

%9

2168

مكناس

%2

574

الشاوية

%9

2152

طنجة

%1

271

كلميم

%8

1997

الشرق

%1

166

العيون

%6

1508

مراكش

%0

58

واد الذهب

%5

104

دكالة

المصدر: مرشد المواطن (كتيب صدر عن جمعية دابا 2007 ) هذا الكتيب     أصدرته مجلة TELLEQUELLE N° 263 MARS 2007 P :32

تعليق على الجدول:

 إذا ما تجاوزنا بعض الملاحظات المنهجية، والتي تتمثل أساسا في منهجية جمع هذه المعطيات والإحصائيات والمعايير التي تم اعتمادها لإعداد هذا الجدول، فإننا بالمقابل نسجل أن هذه المعطيات جد مهمة، ستساعدنا على فهم تموقع وتواجد العمل الجمعوي بالمغرب، من حيث عدده وأيضا فعاليته في بعض الجهات.

أما الملاحظة الأخرى التي تستوقفنا في قراءتنا  لهذا الجدول، هوتمركز العمل الجمعوي بجهتي الرباط والدار البيضاء متبوعا بجهة سوس ماسة درعة، لكن هناك ضعفا في بعض الجهات، كتازة %3  جهة الشاوية %2 ، بينما جهة واد الذهب لا يمثل العمل الجمعوي بها أية نسبة تذكر.

والمفارقة التي نسجلها من خلال استقراء هذه المعطيات الواردة بالجدول أعلاه، أن الجهات التي تعاني من صعوبات تنموية لا يشكل العمل الجمعوي بها إلا نسبا محتشمة، بينما الجهات التي تتوفر على إمكانيات وفرص عديدة تعرف حضورا معتبرا لهذا العمل، ولعل مرد ذلك إلى أن رافعة هذا العمل التنموي هو وجود نوع من النخبة المؤهلة والقادرة على المساهمة الفعالة في تدبير وتقاسم الأدوار مع الأطراف الأخرى

(السلطة، الأحزاب، الفاعلين الاقتصاديين)

وإذا عدنا إلى التقرير خمسين سنة من التنمية البشرية، والذي سجل صعودا معتبرا من العمل الجمعوي بالمغرب فإنما يعبر عن واقع معاش ، فلا يخلو تجمع للمواطنين سواء في البادية أو المدينة إلا ونجد إسم جمعية هنا وهناك تقوم بالسهر على عدة قضايا سواء الدفاع عن حقوق الإنسان أو جمعيات مهتمة بالشأن التنموي أو جميعات سكينة أو ذات طبيعة إحسانية، أو مهتمة بأطفال الشوارع، بل إن بعض المناطق النائية والتي توجد في أعماق الجبال، أصبحنا نجد بها عملا جمعويا  إما مهتما بنشاط فلاحي أو سياحي أو بيع لمنتوجات محلية كما هو حاصل في بعض المناطق من جنوب المغرب.

لذلك استخلص البحث الوطني حول القيم حقيقية أساسية مفادها أن اهتمام المستجوبين بالعمل السياسي يبدو ضعيفا على عكس اهتمامهم بالعمل الجمعوي الذي يتمنونه أكثر فأكثر.

وتأسيسا على ما سبق ذكره يظهر أن النهوض والمساهمة في المشاريع التنموية، لا يمكن أن تتم دون مشاركة المجتمع المدني، ولا سبيل للمضي في ذلك وخلق حالة من التعبئة القوية لمجموع القدرات والطاقات، إلا بترسيخ القيم المواطناتية وتعزيز السلوك الديمقراطي داخل هذه الهياكل الجمعوية، وأيضا بفهم سياسة الاستقلالية وعدم التبعية سواء لبعض الأطراف الداخلية أو للممولين ) ( BAILLEURS DE FONDS الدوليين على اعتبار أن هؤلاء الممولين مصلحهم وغاياتهم التي قد تتعارض مع كل انعتاق لمجتمع مدني مستقل.

ولا تتأتى هذه الاستقلالية إلا بالتحرر من الإعاقات التي يولدها نسق وبنيات المجال السياسي ببعديه الدولي والحزبي، وإخضاع هذه الاستقلالية ذاتها لشمولية المطالب، وعلى الخصوص تعميم العمل لمصلحة الشرائح المجتمعية كافة، ضمن رؤية تكاملية وشمولية ومن دون شروط سياسية أو إيديولوجية أو فئوية أو كسبية مسبقة.(23)

خـتـامـا

لقد حاولنا تتبع حفريات مفهوم المجتمع المدني اشتقاقية وأيضا سلطنا الضوء على بعض الشروط التاريخية لميلاد هذا المفهوم سواء في التجربة الغربية أو في البلاد العربية الإسلامية مع التركيز على ظروف وملابسات تشكل المفهوم داخل المغرب، مع التركيز على التجربة المغربية، باعتبارها غنية في هذا المجال.

وما يمكن أن نخلص إليه من خلال تتبع أهم المراحل التي قطعها مسار المجتمع المغربي بالمغرب، هو ضرورة خلق مرصد وطني للمجتمع المدني، يهتم بدراسة ورصد مختلف جوانب النجاح والقصور وكذا آثار عمله على التنمية، ويأتي اقتراحنا هذا نظرا للأدوار الطلائعية التي ينتظر من المجتمع المدني القيام بها.

وقصدنا في الختام وهو محاولة توسيع دائرة النقاش في موضوع حيوي ويهم كل المتدخلين من باحثين جامعيين وفاعلين جمعويين ومسؤولين، ولما أصبح يشكله المجتمع المدني من جاذبية كبيرة ولتعاظم دوره في سيرورة التنمية.

 

                                                   

 

 



[1]  معطيات مأخوذة من العدد الخاص         Le monde diplomatique L’atlas  عدد 2006 ، عنوان المقال ONG :VERS UNE SOCIETE CIVLE GLOBALE  ـ ص: 74 و 75 .  

[2]  المغرب الممكن إسهام في النقاش العام من أجل طموح مشترك – تقرير الخمسينية ص 47.48 بتطرف شديد مطبعة دار النشر المغربية 2006   الدار البيضاء المغرب.  

[3]  محمد الغيلاني، محنة المجتمع المدني: مفارقات الوظيفة ورهانات الإستقلالية دفاتر وجهة نظر 1  العدد 6  ط.1  2005 مطبعة النجاح الجديدة  

4  المرجع نفسه بتصرف شديد ص 44-45-46-47.    

[5]  المرجع نفسه ص 48-49.

[6]  التبيئة: تعني نقل مفهوم من سياقه التاريخي الذي ولد فيه إلى سياق آخر مع البحث في إيجاد ما يوافقه في البيئة المستوردة مثلا من عالمنا  العربي الإسلامي نجد بعضا من الباحثين يتحدثون عن المجتمع الأهلي كمرادف للمجتمع المدني.

[7]   المرجع السابق ص 69 بتصرف شديد.

 [8]  الحبيب الجنحاني: المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي منشورات الزمن العدد 49 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط.2006 ص 22.

[9]      مجلة وجهة نظر العدد 7 سنة 2000 مقال للباحث توفيق بوعشرين تحت عنوان: محنة المجتمع المدني بالمغرب والمفاهيم والسياقات وإشكالية التوظيف.

[10]    الحبيب الجنحاني: المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي منشورات الزمن العدد 49-2006 مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ص22.

[11] مثل ما وقع في بولونيا حيث كان للمجتمع المدني الدور الحاسم في تخليص البلاد من سيطرة الحزب الواحد، وتوسيع دائرة الديمقراطية والتحرر

[12]  محمد الغيلاني ص 54.

[13]    المرجع السابق ص 55.

[14]    الحبيب الجنحاني ...... ص 18.

[15]    محمد الغيلاني ص 131.

15 عبد الإله بلقزيز : في الديمقراطية والمجتمع المدني: مراثي الواقع، مدائح الأسطورة –إفريقيا الشرق – المغرب.ط.2001 ص.13-14 مع بعض التصرف.

17 المرجع السابق ص 15

18  المرجع السابق ص 15- 16- 17

 * الحنطة هو إسم يطلق على تجمع "تنظيمي " يضم الحرفيين وعلى رأس كل حرفة أمين .

19  محمد عابد الجابري: المغرب المعاصر: الخصوصية والهوية الحداثة والتنمية ـ المركز الثقافي العربي ط I الدار البيضاء  ص155

*    هناك العديد من المؤتمرات العالمية الذي انعقدت بعدة عواصم عالمية ضمت فعاليات المجتمع المدني منها :  مؤتمر البيئة يونيو 1992- مؤتمر حقوق الإنسان بفيينا 1993- مؤتمر الإسكان والتنمية القاهرة 1994 – مؤتمر الجريمة نابولي 1994

*   انظر الى المرجع الهام الذي ألفه الزميل عبد الرحيم العطري والصادر عن دفاتر وجهة نظر عدد 9 تحت عنوان صناعة النخبة بالمغرب: المخزن والمال والنسب والمقدس- طرق الوصول إلى القمة- طبعة 2006 مطبعة النجاح الجديدة. ص 139 – 140 نجد جدولا يتضمن أسماء الجمعيات ومسؤولها والمنصب الذي يشغله داخل دائرة السلطة.

20  مجلة وجهة نظر. العدد 7 سنة 2000 عنوان المقال: محنة المجتمع المدني بالمغرب: المفاهيم والسياقات وإشكالية التوظيف توفيق بوعشرين

     ص 3- 4

21 التحول الديمقراطي بالمغرب التقرير السنوي 2004 منشورات منتدى المواطنة 2005 الدارالبيضاء أعده مرصد الانتقال الديمقراطي بالمغرب ص78.

22  المغرب الممكن إسهام في النقاس العام من أجل طموح مشترك 2006 مطبعة دار النشر المغرب الدارالبيضاء. ص 48

23    محمد الغيلاني : محنة المجتمع المدني مفارقات الوظيفة ورهانات الاستقلالية ط.2005 عن سلسلة دفاتر وجهة نظر العدد 6. ص85