ص1    الفهرس    41-50

هوامش حول "العقل الأخلاقي العربي"

حوارأجراه مصطفى النحال

 

محمد عابد الجابري

1- حول الحاجة إلى الكتابة في الأخلاق

سؤال([1]): إن أول سؤال يتبادر إلى الذهن، دكتور، هو التالي: ما هي الحاجة إلى الكتابة في موضوع الأخلاق اليوم؟ هل تنبع من الوضعية العامة التي توجد عليها القيم ومنظوماتها في العالم المعاصر، أم أن مشاغل الوضع الراهن لأخلاقيات الطب والبيولوجيا هو الذي أملاها؟ ثم لماذا تركتم هذا الموضوع يأتي في المرتبة الرابعة ضمن مشروع نقد العقل العربي؟

جواب : أما أن الحاجة إلى الكلام في الأخلاق في الوقت الراهن شيء تمليه الاهتمامات المعاصرة، وفي مقدمتها التطورات العلمية التي عرفتها البيولوجيا والطب، وما نتج وينتج عن ذلك من طرح مسألة الأخلاق كميدان تخترق حرمته- أو من شأنها أن تخترق -من خلال التطبيقات العلمية Kخاصة على الإنسان والمجتمع، فهذا ما لم يعد في حاجة إلى بيان. من المعلوم أن هناك اليوم قطاعا معرفيا أخذ يحتل مكانة مرموقة هو ما يسمى اليوم بالبيو-إتيك أو أخلاقيات الطب والبيولوجيا. وقد سبق لي أن كتبت في هذا الموضوع سلسلة مقالات بعنوان "العودة إلى الأخلاق" نشرت قبل سنوات في بعض الصحف والمجلات ثم أدرجتها ضمن الأبحاث والدراسات التي يضمها كتابي "قضايا الفكر المعاصر"([2]) . لقد شرحت فيها قدر الإمكان دواعي هذه الظاهرة، ظاهرة ما يعبر عنه اليوم بـ"عودة الأخلاق". فعلاـ أنا لا أستطيع أن انتزع نفسي من هذا الجو، وأدعي أنني لم أتأثر به عندما وجهت اهتمامي إلى إنجاز هذا الجزء الرابع من "نقد العقل العربي". وإذا كنت لا أعي بوضوح كاف مدى هذا التأثر المحتمل،  فإني أعي تماما أنه لو قدر لي أن كنت قد أنهيت الأجزاء الثلاثة من"نقد العقل العربي" في السبعينيات من القرن الماضي (العشرين) ، مثلا، حينما كانت الهيمنة للفكر الماركسي والجدلي، فلربما ما خطر ببالي التوجه إلى ميدان الأخلاق. فمسألة الأخلاق، في إطار الإيديولوجيا الماركسية، وعلى العموم في إطار الفكر النظري اليساري المهيمن خلال الستينات والسبعينيات، كان أمرا محسوما فيه، كان ميدانا تطبق فيه المادية الجدلية والمادية التاريخية ويقع على هامش الاهتمامات في ذلك الوقت. إن الأهمية النظرية كانت تعطى للصراع الطبقي والصراع الإيديولوجي. كل شيء كان يدخل ضمن هاتين المقولتين: فما يحدث من حوادث اجتماعية واقتصادية الخ، كان يدخل في إطار مقولتي الصراع الطبقي والوعي الطبقي. وما ينتمي إلى الفكر النظري كالفلسفة والأخلاق والحديث عن المناهج والأبحاث السيكولوجية والاجتماعية الخ، كل ذلك كان يدخل في إطار مقولة الإيديولوجيا.

هذا فيما يخص ما قد يكون هناك من تأثير لما نسميه الآن بـ "عودة الأخلاق" في تناولي لمشروع "العقل الأخلاقي العربي". إنني لا أحس بأن ثمة علاقة عضوية بين الموضوعين. فأخلاقيات البيولوجيا والطب، والمحاولات التي نشاهد اليوم بروزها ولو باحتشام من أجل ما سبق أن ناديت به من ضرورة قيام "أخلاقيات العولمة" (أنظر "فكر ونقد"، العدد 1)، كل هذه الظواهر الفكرية المعاصرة جدا، ليست لها علاقة مباشرة وعضوية مع موضوع الكتاب. فالكتاب يتناول مسألة الأخلاق كما عرفتها الثقافة العربية في القرون الوسطى. والأخلاق في هذه الثقافة وفي جميع الثقافات القديمة، سواء منها الإسلامية أو المسيحية أو البوذية أو اليهودية، لم تكن تدخل في علاقة ما -تستحق الذكر- مع العلم وتطبيقاته، بل كانت علاقتها بالدين أبرز وأشمل.

يبقى أن ما سبق أن ذكرته في مقدمة هذا الكتاب هو الذي يمثل الحقيقة، على الأقل كما أعيها. لقد أكدت مرارا على أن مشروع "نقد العقل العربي" قد بدأ في ذهني في صورة كتاب واحد، ولم أكن أفكر في أي نوع من النقد خارج النقد الإيبستيمولوجي. غير أن الممارسة شاءت أن تجعل النقد الإيبستيمولوجي في جزأين، وليس جزءا وحدا، هما: "تكوين العقل العربي" و"بنية العقل العربي". وعندما انتهيت منهما أخذت انظر إلى ما قمت به، فوجدت أني قمت بنقد الفكر النظري العربي المتمثل في العلوم العربية من فقه ونحو وبلاغة وكلام، والعلوم الفلسفية...  فتساءلت إذن: لقد قمت بنقد العقل النظري، أو العقل المجرد بلغة كانط، فلماذا لا أفعل الشيء نفسه بالنسبة لـ"العقل السياسي العربي"، ولم أكن أفكر آنذاك قط في نقد "العقل الأخلاقي". كنت اعتقد أني سأقف بالمشروع عند الجزء الثالث.

 ولكن عندما أنهيت هذا الجزء تبين لي أنه على الرغم من أنني صرفت اهتمامي إلى"العقل السياسي"، وليس إلى الفكر السياسي، الشيء الذي يعني استبعاد الأخلاق باعتبارها ترتبط بالفكر السياسي تاريخيا، وليس بالعقل السياسي (وكنت قد أوضحت الفرق بين الموضوعين : العقل السياسي والفكر السياسي)، فإن المشروع سيبقى مع ذلك ناقصا إذا أنا لم أغامر وأكتب في موضوع الأخلاق.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى أعتقد أنه لابد من إعطاء الأهمية اللازمة لما يصلني من ردود أفعال. وفي هذا الصدد لابد أن أعترف أن كثيرا من الأصدقاء الأساتذة الجامعيين في المشرق خاصة، قد ألحوا علي في القيام بتحليل ونقد منظومة القيم في الفكر العربي. بطبيعة الحال، لم يكن هؤلاء ممن يهتمون بالتراث. ولا أعتقد أنه كان لهم تصور ما عن الموضوع. كل ما هناك هو أن "مسألة القيم" أخذت تحتل مكانا تزداد أهميته في الفكر العربي المعاصر. أعتقد أن هذا الجانب كان له أثر ما في هذا العمل الذي وضعت له عنوانا فرعيا يعبر عن مضمونه وهو "دراسة تحليلية نقدية لنظم القيم في الثقافة العربية".

هنا، مع هذا الكتاب، شعرت فعلا أنني أغادر حقلا معرفيا هو حقل الإيبستيمولوجيا، أو نظم المعرفية إلى حقل آخر هو الأخلاق أو نظم القيم. وحينها –لا أقول انتبهت ولكن أقول- وعيت بقوة أن التأليف الفلسفي قد كان ينتهي دائما بالبحث في الأخلاق، أو على الأقل تأتي الأخلاق فيه كتتويج للحقول الفلسفية الأخرى، وهذا من أرسطو إلى ديكارت (الذي وضع لنفسه أخلاقا مؤقتة في انتظار كتابة أخلاق دائمة ولم يكتبها) إلى كانط (الذي كتب في العقل المجرد والعقل العملي:الأخلاق) إلى سارتر الذي حاول هو الآخر أن يتوج عمله الفلسفي بالكتابة في الأخلاق.

 

2- حول اختلاف المنهج باختلاف الموضوع

سؤال:  سبق في "نقد العقل العربي" أن صنفتم النُّظم المعرفية في الثقافة العربية إلى بيان وعرفان وبرهان، وتبنيتم النقد الإيبستيمولوجي؛ وفي "العقل السياسي العربي" (الجزء 3)، نظرتم إلى هذا العقل من خلال مستوى المحدِّدات (القبيلة، الغنيمة، العقيدة) ومستوى التجليات (إيديولوجيا المُلك السياسي، ميثولوجيا الإمامة،"الكلام" التنويري، الآداب السلطانية، فقه السياسة) الخ، و السؤال الآن هو: لماذا تتبنون في كل كتاب منهجا مغايرا للسابق؟

جواب: أشرت فيما سبق إلى أنني عندما انتقلت إلى إنجاز هذا الجزء الرابع انتقلت في الحقيقة من حقل معرفي هو الإيبستيمولوجيا أو نظم المعرفة إلى حقل مختلف هو القيم أو نظم القيم بكيفية عامة. والفرق بين الحقلين واضح، خصوصا بالنسبة لمن له إلمام بتاريخ الفلسفة. فالحقل المعرفي يدور حول سؤال رئيسي هو : "ماذا أعرف؟"، وتتفرع عنه أسئلة أخرى :كيف أعرف؟ وما قيمة المعرفة التي قد أكون اكتسبتها؟ وما مصادرها؟ الخ. أما الحقل الأخلاقي، فيهيمن فيه سؤال آخر، هو : ما الذي ينبغي أن أعمل؟  وتتفرع عنه كذلك عدة أسئلة من قبيل كيف أعمل؟ وما الذي ينبغي أن أترك وأتجنب؟ ثم ما الذي يؤسس هذا التمييز بين ما يجب وما لا يجب؟ وما مصدر هذا التمييز؟ هل الفرد أم المجتمع أم الدين؟

 إذن، يتعلق الأمر بميدانين مختلفين: ميدان العلم وميدان العمل. وعندما تبلغ درجة الاختلاف بين الموضوعات إلى هذا الحد، فإن المناهج لابد أن تختلف وتتنوع. إن المنهج الذي يصلح لتحليل عملية المعرفة منهج يعتمد أساسا الموضوعية والعلاقات السببية الخ. أما في ميدان الفعل، ميدان السلوك والأخلاق، فنحن لا نستطيع أن ندعي فيه الموضوعية ولا الفهم الذي يقوم على السببية، لأن الأمر يتعلق لا بموضوع يمثل أمامنا ندرسه ونحلله، وقد نجري التجارب عليه، بل الموضوع في الأخلاق هو سلوك ذاتي لإنسان يصدر فيه عن عوامل ودوافع غير قابلة للرصد العلمي التجريبي.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، سبق لأرسطو أن نبه إلى أننا إذا كنا في الفلسفة (التي كانت تضم الميتافيزيقا والعلوم الطبيعية) نتوخى اليقين، ونعتمد البرهان، لأن قضايا هذا الميدان يمكن إرجاعها إلى قضايا كلية مطردة، فإننا في ميدان الأخلاق، ميدان العمل على العموم، السياسي منه والأخلاقي، نجد أنفسنا أمام تصرفات جزئية ليس من الممكن إدراجها في كليات، أي في قوانين عامة. إننا لا نستطيع في هذا الميدان أن نمارس الاستدلال البرهاني الذي ننتقل فيه من مقدمات إلى نتائجها بطريقة مضبوطة، فتكون النتائج يقينية كيقين المقدمات الخ، بل كل ما نستطيع فعله في ميدان الأخلاق والسياسة، (تدبير النفس وتدبير المدينة) هو القيام باستقراء حالات معينة. والاستقراء بطبيعته ناقص، فنحن لا نستقرئ جميع الظواهر وإنما نماذج منها، ومن هذا الاستقراء الناقص نخلص إلى أحكام. وهذه لا تكون يقينية كالأحكام العلمية لأنها ترتبط بظروف الموضوعات التي كانت مجالا للاستقراء.. إن هذا يعني أنها جزئية،  تختلف من زمان لآخر ومن مكان لآخر.

إذن، وباختصار، المنهج العلمي يقوم على الاستدلال البرهاني قديما وعلى الاستدلال الفرضي الاستنتاجي مع التجربة المعملية حديثا، بينما يقوم المنهج الذي يهتم بالسلوك الأخلاقي والاجتماعي والسياسي على استقراء ظواهر معينة ومحدودة بطبيعة الحال. هل يعني هذا أننا في ميدان الأخلاق والسياسة لا نتوفر على ركائز ثابتة نستخلصها من استقراءاتنا أو نتخذها أساسا ومنطلقا لهذه الاستقراءات؟

هنا نجد أنفسنا أمام المسألة الأساسية التي قامت عليها الأخلاق عند اليونان،  المسألة التي من خلالها دشّن سقراط قطيعة مع زملائه السوفسطائيين. لقد كان هؤلاء يقولون بنسبية الأخلاق، وبنسبية المعرفة؛ وبالجملة : الإنسان عندهم هو مقياس ما يوجد وما لا يوجد، وبالتالي فما نسميه خيرا أو شرا، حُسنا أو قبحا، ليس شيئا ثابتا، بل يختلف من فرد لآخر، ومن شعب لآخر، ومن زمان لآخر. بعبارة أخرى : إن القيم  نسبية وليست ذات طابع كلي.

ذلك ما نهض سقراط لدحضه. لقد بين أن وراء هذا الخير الجزئي، الذي نسميه إنقاذ الغريق مثلا، وذلك الخير الجزئي الذي نسميه الرحمة أو العفو الخ، إن وراء هذه الخيرات الجزئية مفهوما عاما للخير يشكل ماهية الخير كخير، سواء تحقق في هذه الجزئية أو في تلك. ومعلوم أن أفلاطون رفع ماهيات سقراط هذه إلى درجة "المُثُل" وأعطاها وجودا موضوعيا.

إذن ها أنت ترى أن الاختلاف في الموضوع ينتج عنه اختلاف في المنهج، وأن النتائج تختلف كذلك، وبالتالي فليس من الممكن قيام أخلاق علمية، ولا أعتقد أن أحدا ادعى القدرة على القيام بمحاولة جدية في هذا الصدد. نعم يمكن أن نميز بين ثلاثة مصادر للأخلاق:  وهي العقل، الدين، المجتمع. ولكن سواء ربطنا الأخلاق بهذا المصدر أو ذاك، فنحن دائما، لا إزاء قوانين مثل قوانين المدونة الشخصية أو قوانين المسطرة الجنائية أو قوانين العلم الفيزيائي أو الرياضي، بل نحن أمام قيم قد تختلف في وزنها وتأثيرها من حضارة لأخرى، ومن زمان لآخر، ولكنها مع ذلك تشكل، لا "سبب" السلوك، بل الموجه له. إن القانون الذي يسري هنا هو قانون الغائية وليس قانون السببية كما في العلم.

3- مفاهيم : نظام القيم … سلم القيم

سؤال : هناك سؤال آخر يتصل بالمصطلحات الأساسية التي ينهض عليها تحليلكم لمفهوم الأخلاق، ويمكن أن نقف في مستوى أول عند المصطلحين المركزيين، وهما "نظم" و"موروث"، فإلى أي حد يعتبران مصطلحين إجرائيين؟

جواب:

لقد اخترت لفظ "نظم"، وهو جمع "نظام"، بدل كلمات أخرى مثل "منظومات" (جمع منظومة) و"أنساق" (جمع نسق)، وهذا مجرد اختيار شخصي منهجي، وهو إجرائي. ذلك أننا عندما نتحدث مثلا عن المنظومة الشمسية أو عن الذرة كمنظومة، أو عن منظومة من العلاقات الرياضية كالمجموعات، أو الفيزيائية كقوانين الكيمياء والفيزياء، فنحن نتحدث عن ميدان يشتمل على عناصر وعلاقات، ولكن العنصر المهيمن في هذه العلاقات هو السببية أو ما في معناها. وحتى في المجال الاجتماعي والاقتصادي نتوخى الشيء نفسه في الغالب، فالنظام الرأسمالي مثلا هو نظام تحكمه علاقات من نوع العلاقات السببية. وهناك قوانين اقتصادية معروفة ذات طابع سببي مثل قانون العرض والطلب. وفي العلاقات السببية يجب أن ننتبه إلى شيئين أولهما: الاطراد، أي أنه إذا توفر كذا وكذا، حصل حتما أو احتمالا كذا وكذا. وثانيهما أن المقدمات في المنظومات السببية قد تصبح نتائج، والنتائج قد تصبح مقدمات. ففي المجال الاقتصادي يقال عادة : إذا كثر العرض قل الطلب. فكثرة العرض هنا مقدمة وقلة الطلب نتيجة. ولكن قد يحدث أن يكثر الطلب ويزداد عن المعتاد فلا يستوعبه العرض فيقل هذا الأخير. فالمقدمة هنا هي كثرة الطلب فيقال: إذا كثر الطلب قل العرض. إن تبادل المواقع بين المقدمات والنتائج شيء يحدث في المنظومات العلمية والاقتصادية وغيرها.

وهذا كله لا ينطبق على ميدان الأخلاق، فنحن لا نستطيع أن نقول "إذا كثر الخير قلَّ الشر" أو "إذا كثر الشر قلَّ الخير"، لأن المفاهيم تختلف، فقد يكثر الخير ويكثر معه الشر، والشر قد ينصرف إلى ميدان آخر. فالخير الذي تتمتع به مثلا دولة غنية كأمريكا لم ينتج عنه قلة الشر لا في أمريكا ولا في غيرها، بل بالعكس هناك قهر للفقراء وإمبريالية وعولمة ..

من أجل هذه الاعتبارات فضلت عبارة "نظم القيم"، ليس كترجمة لـكلمة système التي تعني منظومة أو نظام بل كترجمة لكلمة  ordre التي فيها معنى التراتب زيادة على النظام. ذلك لأن النظم الأخير بهذا المعنى تتصف بالتراتب، بالهيرارشية، بمعنى أنه في كل نظام أخلاقي، في كل نظام للقيم، ولنقل في كل سلم للقيم، هناك قيم مركزية أو عليا، تندرج تحتها أو بجانبها بدرجة أقل قيم أخرى.

وقد ساعدني الانطلاق من هذا التصور على الإمساك بالموضوع. ذلك لأن الثقافة العربية هي كما قلت : ثقافة واحدة وحدة المتعدد وليست وحدة الواحد، هي عبارة عن خمسة موروثات: عربية، إسلامية، فارسية، يونانية، صوفية([3])! فكيف يمكن التعامل مع هذه الموروثات التي كانت حاضرة في ثقافة واحدة هي ما نسميه الثقافة العربية؟ كيف يمكن التعامل معها في تعددها داخل الوحدة، أو كوحدة يؤسسها التعدد؟ هذا هو الإشكال المنهجي الذي واجهني.

4- القيمة المركزية … والفرق بين الموروث والتراث

 

سؤال: ـ وكيف استطعتم التغلب على هذا الإشكال المنهجي؟

جواب: ـ حاولت التغلب عليه باستعمال مفهوم "القيمة المركزية" باعتبار أن كل موروث من هذه الموروثات الخمسة هو عبارة عن ثقافة مستقلة، وبالتالي لكل منها سلمها الخاص للقيم، فللإمساك بهذا السلم كان ينبغي تعيين القيمة المركزية فيه، ومن خلالها يمكن إبراز التعدد داخل هذه الثقافة العربية الواحدة.

يبقى بعد ذلك مفهوم "الموروث"، ولا بد من التمييز بينه وبين كلمتين من نفس الجذر : الإرث، والتراث. أنا أتخيل أن مفهوم الإرث لا ينفصل عن مجاله الأصلي الذي يحدد نوعا من العلاقة بين الآباء والأبناء. فالإرث ليس مشاعا للجميع، بل هو خاص بأشخاص معينين. أما التراث فهو في اللغة العربية وفي الاصطلاح المعاصر ذو بطانة وجدانية تقوم على الاعتزاز بشيء خلفه الأسلاف للأخلاف، على الشياع ، لا يخص أفرادا دون آخرين، قد ينسب إلى أمة معينة، وقد يتحول إلى تراث للإنسانية جمعاء. ليس هناك من يقول كلمة جارحة في حق "التراث"، لأن مفهوم التراث بهذا المعنى يبدو كأنه مكون أساسي للهوية! هل نستطيع تحديد هوية العربي أو الفرنسي أو الروسي بدون استحضار التراث العربي بالنسبة للأول والفرنسي بالنسبة للثاني والروسي بالنسبة للثالث.

لقد أردت تجنب هذين المعنيين: معنى الإرث والتراث، في هذا المجال، مجال مكونات الثقافة العربية فاستعملت كلمة "موروث". وإذا لاحظت صيغة اسم المفعول (موروث) فيمكن أن تقارنها بكلمات مثل : مقبول، مرفوض، مخدوع، محروم، مذموم الخ. وكما يقول النحاة، فاسم المفعول مشتق من الفعل المبنى للمجهول. والمبني للمجهول ليس له فاعل بل له نائبه. ونتبين هذا المعنى إذا أخذنا عبارة "الموروث الفارسي" مثلا. كان للفرس تراث، وهذا التراث ورثه عنهم العرب كموروث وليس كإرث، فلم يُوِرث الفرسُ العربَ تراثَهم وإنما أخذه العرب كشيء موجود، شيء متوفر وجدوا فيه مصلحتهم وحاجتهم. فهاهنا تراث، أي مقوم للهوية لشعب هو الفرس قبل الإسلام، انتقل إلى شعب آخر له هويته الخاصة  ليأخذ منه ما يحتاجه في تعزيز هويته وتطويرها. ولم يكن يعني العرب (بل المسلمين عامة) في شيء أن أصحاب هذا الموروث مجوس أو غير مسلمين … بل قد يتعاملون مع مصدره بالبناء للمجهول.. ثم إن كلمة "موروث" تخلو من تلك البطانة الوجدانية التي نحس بها في كلمة "تراث". وهكذا تعامل العرب مع الموروث الفارسي ليس بنفس العاطفة التي تعاملوا بها مع الموروث الجاهلي. بعبارة أخرى، في مفهوم الموروث تدخل الشيئية، أما في مفهوم التراث، فالهيمنة للذاتية. أما في مفهوم الإرث فعلاقة الأبوة والبنوة تحضر ليس بالضرورة بهذا الاسم ولا بهذا الشكل، ولكن بنوع ما من العلاقة المشابهة لهذه.

5- الموروث كبنية وليس كتاريخ

سؤال: تقولون في حديثكم عن "المنهج والرؤية" (ص 25) : سننْظُر إلى كل موروث من خلال القيمة المركزية التي تنتظِم مختلف القيم فيه، وبالتالي سنتعامل معه كبنْية وليس كتاريخ. فهل يعني هذا أنكم تُفضّلون التعامل مع الجاهز المبني  بقطع النظر الصيرورة التي شكّلتْه وشرطت وجودَه؟

 

جواب:  عندما نتحدث عن موروث ما، وليكن الموروث الفارسي مثلا، فإننا نتحدث عن شيء جاهز. وها هنا فرق آخر بين الموروث والتراث! فالتراث الإسلامي مثلا، بالنسبة لنا نحن، هو تراث ليس فقط لأنه مجموعة كتب وآراء وتأملات واجتهادات، بل أيضا لأنه مجالٌ لنا نقوم فيه بدورنا بالاجتهاد والإبداع، أي نُنَمِّيه. فتراثنا ليس هو فقط ما ورثناه، بل هو أيضا ما عملناه فيه وأـضفناه إليه بالهدم والبناء. أما الموروث فلا ينطبق عليه هذا، على الأقل في الاستعمال الذي اخترتُه.

وهذا يوضح عبارتي التي أشرت إليها : "آخُذ الموروث كبنية وليس كتاريخ" (ص 25). فعندما أخذت الموروث الأخلاقي، اليوناني أو الفارسي أو الصوفي أو العربي أو الإسلامي، لم أتعامل مع أي منها كتراث لي، لم أنظر إليه كشيء تكوَّن ويتكون في التاريخ، بل تعاملتُ معها كشيء عاش تاريخه وانتهى، كمنزل تمّ بناؤه ولا يحق لي أن أزيد فيه أو أنقُص منه. كلّ ما يجب أن أفعله من أجل فهمه هو محاولة التعرف على ركائزه ومفاصله، أي على بنيته. وأعتقد أنني التزمت هذا المنهج، وهذا لم يمنعني بطبيعة الحال من التموقع، داخل البناء تارة وخارجه تارة أخرى، حسب ما أعتقد أنه أكثر استجابة لاهتماماتنا الحاضرة ولشواغلنا المستقبلية. وهكذا، فكما يلاحظ القارئ، أبرزت الجانب السلبي في مشروع أردشير أو المنسوب إليه، وفي القيم الكِسروية عموما، وكنت أكثر تفضيلا لأرسطو على أفلاطون (لكونه فضل القانون الصالح  على الشخص الصالح)، وكنت أكثر ميْلا لابن عبد السلام، وأكثر ابتعادا عن الغزالي ومسكويه. وهذا مبرر بالنسبة لي: فبالنسبة للموروث الفارسي وضعت نفسي خارج الاستبداد وضده، وبالنسبة للموروث اليوناني ارتبطت بواقعية أرسطو. أما في الموروث الإسلامي فقد ارتبطت أكثر وأكثر بمفهوم المصلحة: المصلحة العامة.

وهذا يعيدنا إلى قضية المنهج والرؤية، واختلاف الأمرين في العلم والفلسفة عنهما في الأخلاق. إن أخلاق المصلحة الآن هي في اعتقادي أنسب لنا وأكثر تلبية لحاجاتنا، كما أن نقد الاستبداد هو أكثر ما نحتاج إليه في نشداننا للديمقراطية. وفي النقد الإيبستيمولوجي كنت مع العقلانية ضد مختلف صنوف اللاعقلانية للسبب نفسه، هو أننا في حاجة أكثر إلى العقلانية من أي شيء آخر.

إذن : نقد الاستبداد، المصلحة، العقلانية، تلك هي القيم التي وجّهتْ عملي في هذا المشروع، وأنا ابن عصري ولا يمكن أن أدّعي الحياد ولا الاستقلال عن مشاغل الأمة التي أنتمي إليها ولا عن مشاغل الشعوب التي تطمح وتناضل من أجل غد أفضل بمقاييس العصر.

6- إعادة ترتيب العلاقة بين أجزاء التراث وبينه وبيننا

سؤال:  يلاحظ القارئ أنكم تقومون بعدة مهام في الوقت ذاته: التقصي والتجميع والتحقيق والبحث والتحليل والنقد الخ، فما هو السبب الذي يدفعكم إلى ذلك؟ ثم أليست له نتائج على الاستخلاصات؟

جواب: لا شك أنك تعرف أن ما هو منشور من كتب التراث العربي الإسلامي لا تتوفر فيه كل الشروط العلمية الضرورية. وهذا راجع في الأكثر إلى أن من يتولى نشر و"تحقيق" نص من النصوص التراثية لا تكون له في الغالب الخبرة الكافية، لا بمنهجية التحقيق ولا حتى بمضمون النص المحقق، ولا بحقله المعرفي الخاص. التحقيق كالترجمة: فالنص الفلسفي لا يمكن أن يحققه أو يترجمه إلا من ينتمي إلى حقل الفلسفة وكذلك النص الأدبي والنص العلمي الخ،  لا يمكنك تحقيقه أو ترجمته إلا إذا كنت ملمّا به ولك علاقة بمضامينه وأشكاله.

باختصار، أجد نفسي حين أقوم بالعمل العلمي أمام نصوص تتطلب مني أن أمارس البحث العلمي فيها كتراكيب ومفاهيم الخ. وهناك قصص كثيرة ومضحكة حصلت لي، فقد أصادف كلمات تتكرر في كتب أو يكررها كثير من "الباحثين" مع أنه لا أصل لها ولا فصل، وإنما هي خطأ في القراءة من طرف "المحقق"، أو في الكتابة من طرف الناسخ. إن الذي ينوي القيام ببحث محترم لابد أن يضطر إلى التعامل مع النصوص والمخطوطات بمنهج الشك، الشك في كل شيء. وإذا كان هذا هو حال النصوص التراثية الموجودة، والتي هي المصادر الأساسية، فماذا نقول عن الكتب التي تلخص أو تنقل أو "تناقش" هذه النصوص.

المهمة مضاعفة إذن، خصوصا وقد رسمت لنفسي كهدف : إعادة ترتيب العلاقة بين أجزاء التراث بعضها مع بعض وبيننا وبينها. وليس من قبيل الفخر، ولا أحتاج إلى تواضع زائف، إذا نقلت إليك هنا ما قاله لي صديق من كبار مثقفي المشرق ومناضليه منذ أسابيع. قال :إن أهمية ما كتبت بالنسبة لي هو أنك نظمت لي في عقلي ما كان مشتتا لا معنى له. وأعتقد فعلا أني ساهمت في تنظيم معرفتنا بالتراث وموضوعاته، فبدون هذا التنظيم لا يمكن الاستفادة منه. ولعل أهم  عمل قمت به هو أنني دشّنت عملية إعادة الترتيب المزدوجة تلك.

7- كيف أمكن الانتقال من دولة البداوة إلى دولة الحضارة بدون تدرج؟

سؤال: هناك سؤال ذو شقين : الشق الأول يتعلق بالدافع الذي جعلكم في الحديث عن الموروث الفارسي لا تختارون سوى الجانب السلبي فيه  أعني القيم الكسروية، قيم الطاعة. أما الشق الثاني من السؤال فهو: لماذا حضر الموروث الفارسي في الثقافة العربية الإسلامية وغاب موروث الروم مثلا؟

جواب: واضح أنني لم أكن أؤرخ للثقافة الفارسية بجوانبها المختلفة. إن ما كان يهمني منها هو الجانب أو الجوانب التي فرضت نفسها في الثقافة العربية كموروث أخلاقي أو له صلة بالأخلاق. وكما تذكر أنت فقد التمست طريقا إلى توضيح حضور الموروث الفارسي في الثقافة العربية من خلال إبراز حاجة الدولة الأموية في أواخر عهدها إليه، وكان الشغل الشاغل لها هو فرض الطاعة في وقت كثرت فيه الثورات عليها ولم تكن لها القوة المادية للدولة الكافية لقمعها وإسكات صوتها، فكانت الوسيلة التي لجأت إليها الدولة الأموية في آخر عمرها كسلاح لمقاومة الثوار، هو الترويج لإيديولوجيا الطاعة. وقد أوضحت كيف أمكن ذلك من الناحية التاريخية حينما نبهت إلى دور الكتاب -وقد كانوا من أصل فارسي- خصوصا بعد تعريب الدواوين زمن عبد الملك بن مروان وابنه هشام. هؤلاء الكتاب الفرس كانوا -ككتاب سلاطين اليوم- مروجين لإيديولوجيا الطاعة، وهذه مهمتهم. فكان أن نقلوا هذه الإيديولوجيا التي سادت في الدولة الساسانية، وحاولوا في بداية الأمر تزكيتها، بإقحام آيات من القرآن فيها (سالم وعبد الحميد)، ثم استغنوا عن القرآن فيما بعد كما فعل ابن المقفع، واقتصروا على ترجمة النصوص الفارسية بنوع من التصرف الذي غُيِّب فيه عنصر الترجمة.

هذا على عهد الدولة الأموية في أواخر عمرها، أما زمن الدولة العباسية فمعروف أن العنصر الفارسي قد لعب فيها دورا كبيرا، وكان موظفو الدولة السامون، الوزراء والكتاب الخ، من العنصر الفارسي. فالذي حصل هو أنهم نقلوا النموذج الفارسي في الحكم بكل مظاهره البروتوكولية والدعائية الخ، كما هو معروف. وسواء كان هذا مما نقلوه عن الفرس، أو مما اخترعوه ونسبوه إلى الفرس، فإن "أخلاق الملوك"، كما نقرؤها في كتاب منسوب للجاحظ، وفي "كتاب التاج" في أخلاق كسرى أنو شروان والذي فقد نصه وبقيت منه شذرات، هي أخلاق لا صلة لها بالمجتمع البدوي الذي نشأ فيه الإسلام، وقامت فيه دولته زمن النبي وزمن الصحابة والمرحلة الأولى من الدولة الأموية.

 والحق أن السؤال الذي شغل ذهني مدة من الزمن بخصوص هذا الموضوع هو التالي: كيف أمكن لدولة جميع تقاليدها ومفاهيمها وسلوك أفرادها تنتمي الى المجتمع القبلي، دولة كان فيها الواحد من الأعراب، ومن "أيها الناس" يدخل على عمر بن الخطاب أو على معاوية، ويخاطبه كندّ له، إلى دولة صار كل شيء فيها بروتوكولا، كل شيء فيها محسوبا! دولة تمارس السلطة من وراء حجاب، بعد أن لم يكن هناك حجاب. وبعبارة ابن خلدون : كيف أمكن الانتقال من "خشونة البداوة" في الحكم إلى "رقة الحضارة" في الحكم والسياسة هكذا في فترة زمنية قليلة، وبدون مراحل ولا فترة انتقال.

من هنا كان البحث عن الجواب يفرض النظر إلى الروم والفرس باعتبار أنهما الدولتان الحضاريتان المثقلتان بالمراسيم والبروتوكولات الخ، وواضح أن تأثير الروم كان غائبا في هذا المجال، وقد شرحت ذلك في موضعه، وبقي النموذج الفارسي هو النموذج الذي نقل جاهزا ليكون " الدولة العربية الإسلامية منذ بداية العصر العباسي على الأقل.

8- كان ابن المقفع يتحرك وهو يعرف ما يريد ويخطط له

 

سؤال:  لكن هل كان ابن المقفع واعيا فعلا بكونه يروج ويشيع إيديولوجيا الطاعة وقيم الخنوع؟ ولماذا اعتبرتموه مرجعا أولا للنموذج الكسروي المؤسس لطاعة السلطان وأخلاق السلطان وأخلاق الكاتب؟

جواب: أما أن يكون ابن المقفع واعيا بالدور الذي قام به في نقل الموروث الفارسي في أدب السياسة والحكم والترويج له، فهذا في نظري مالا يحتمل الشك. ودون أن نذهب الى محاكمة نواياه كما فعل بعض الكتاب الذين لم يعترفوا بإسلامه، والذي تعاملوا معه كعميل صريح للفرس ضد العرب الخ، فإن وضعيته تجعل من غير المستساغ القول إنه لم يكن يعرف ما يفعل وما يريد. كان الرجل ميسورا، كريما، من الأعيان، فلم يكن من مطلق الناس بل كان في وضعية الكاتب السلطاني صاحب الوجاهة والمكانة والمشورة. وكان من الذكاء بحيث لم ينخرط في سلك الدولة الأموية، كما فعل صديقه عبد الحميد، بل احتفظ بعلاقة جيدة مع رجالها، وفي نفس الوقت ربط صلات قوية مع الثورة العباسية، وخاصة مع كبار رجالها كأبي جعفر المنصور. فالرجل إذن لم يكن مرتزقا ولا كان يعمل من أجل مكانة كيفما كان الحال. بل كان رجلا يتحرك وهو يعرف ما يريد ويخطط له. وإذا نظرنا إلى كتبه التي ترجمها أو ألفها فإن ما يثير الانتباه فيها هو خلوها من الارتباط بالتراث العربي الإسلامي، فهو لا يستشهد لا بالقرآن ولا بالحديث ولا يذكر الصحابة ولا الخلفاء الأمويين. لقد التزم المرجعية الفارسية بدون أن يذكرها بالاسم ودون أن يسمي رجالها، بل قدمها كثقافة كونية، وألبسها لباسا بلاغيا، فارسي الأصل عربي الشكل. ومن هنا اعتبر مجددا في اللغة والأدب، في حين إنما كان ينقل ويعرب لغة الفرس وآدابهم وبلاغتهم!

 والحق أننا نفتقد إلى دراسات عميقة في هذا الموضوع، موضوع العلاقة بين البلاغة العربية والبلاغة الفارسية، وكما يمكن أن يلاحظ أي قارئ لنصوصه، يهتم بهذا الجانب، فإن عبارات ومقاطع بأكملها عربية النغمة، فصيحة اللسان، ولكنها أجنبية التركيب عن المعهود العربي في هذا المجال، فهي لا من قبيل الخطابة العربية، ولا من قبيل أسلوب الآداب والأمثال، بل هي شيء آخر. وبما أن النص المتميز عربيا بلغته ونظمه ومضمونه هو القرآن، فقد رأى بعض القدماء في كتابات ابن المقفع نوعا من معارضة القرآن. وسواء قصد ابن المقفع هذا أم لم يقصده، فإن جدة تراكيبه وطريقة نظمه لعباراته وإقحامه لجمل اعتراضية غير مألوفة في اللغة العربية، كل ذلك يحمل على القول إن الكاتب ابن المقفع لم يكن يكتب هكذا بدون أن يكون له مشروع ما، كان صاحب مشروع، هذا شيء لاشك فيه، وقد أفصح عن بعض جوانبه وملامحه في "رسالة الصحابة" التي وجهها لأبي جعفر المنصور والتي حللناها في الكتاب.

البقية في العدد القادم



[1] - جوار أجراه مع المؤلف الأستاذ مصطفى النحال ونشر في جريدة "الاتحاد الاشتراكي" المغربية  26/7-8/8-2001. نعيد نشره تعميما للفائدة.

[2] - صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية بيروت سنة 1997

[3] - لنذكر أننا نتحدث عن الثقافة العالمة وحدها، كما وصلتنا في الكتب.