ص1       الفهرس  81-90

في الخطاب الرحلي

محمد حاتمي

 تمهيد

إن الحديث عن الرحلة يقتضي التفريق بين أمرين أو معنيين :

1- الرحلة حركة انتقال لشخص أو أشخاص من مكان إلى مكان آخر، وهذا هو المعنى اللغوي للكلمة؛ ففي معجم مقاييس اللغة لابن فارس : "رحل : الراء والحاء واللام أصل واحد يدل على مُضي في سفر. يقال : رحل يرحل رحلة [ ... ]. والرحلة : الارتحال [ ... ]. ورَحَّله، إذا أَظْعَنَه من مكانه"[1]، وعند ابن منظور : "رحل الرجل؛ إذا سار، ورجل رَحول، وقوم رُحّل؛ أي يرتحلون كثيرا. ورجل رحَّال : عالم بذلك ومجيد له [ ... ] والترحل والارتحال : الانتقال. والرّحلة : اسم للارتحال. وقال بعضهم : الرِّحلة : الارتحال، والرُّحلة بالضم : الوجه الذي تأخذ فيه وتريده"[2].

وفي القاموس المحيط للفيروزآبادي : "ارتحل البعير : سار ومضى، والقوم عن المكان : انتقلوا، كتَرَحَّلُوا. والاسم : الرِّحلة والرُّحلة بالضم والكسر، أو بالكسر : الارتحال، وبالضم : الوجه الذي تقصد، والسفرة الواحدة"[3].

وتكاد المعاجم الأخرى تكرر المعاني نفسها، وبهذا المعنى أشار القرآن الكريم إلى رحلتَي الشتاء والصيف اللتين كانت قريش تقوم بهما من أجل التجارة : "لإيلافِ قريش إيلافِهم رحلةَ الشتاءِ والصيف"[4].

إذًا، فمعاجم اللغة تجمع على أن الرحلة هي انتقال من مكان إلى آخر. وبهذا المعنى يكون العديد من السوسيين والمغاربة وغيرهم من البشر، قديما وحديثا، قد أنجزوا رحلات ورحلات لا تعد ولا تحصى، لأن الحركة والتنقل من مقتضيات الحياة، وطبيعة البشر، ولأن "الثواء هو الثوى"[5]. بيد أننا لا نعرف أي شيء عن كل تلك الرحلات، لأنه ليس كل من ارتحل قد دوّن رحلته.

وهذا المعنى الأول لا يهمنا إلا بالقدر الذي يتأسس عليه المعنى الثاني.

2- الرحلة كتابة يحكي فيها الرحالة أحداث سفره وما شاهده، وعاشه من أحداث، مازجا ذلك بانطباعاته الذاتية حول المرتحل إليهم.

وإنجاز الرحلة بالمعنى الثاني يتطلب -عكس الأول- أن يكون الرحالة ذا مستوى ثقافي معين يؤهله لنقل أحداث سفره إلى كتابة.

إن التفريق بين المستويين ضروري لتحديد مجال الاهتمام والبحث، فالرحلة بالمعنى الأول؛ أي بما هي انتقال في المكان، لا تهمنا رغم أن القائمين بها كثر. بينما الرحلة بالمعنى الثاني؛ أي بما هي كتابة وخطاب، هي التي تهم الباحثين، ويشتغلون بها.

ولا ينبغي أن يتبادر إلى الذهن، ونحن نفرق بين المعنيين، أن لا علاقة بينهما، بل إن بينهما علاقة، لأن كتابة الرحلة تستلزم القيام بسفر، ولا يمكن تصور كتابة رحلية دون رحلة إلا في الرحلات الخيالية، كـ"رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري، و"رسالة التوابع والزوابع" لابن شهيد، و"التوهم" للحارث المحاسبي.

إن المعنى الثاني لكلمة "رحلة" هو ما يسميه الأستاذ سعيد يقطين : "خطاب الرحلة"[6]، ويعرفه بأنه : "عملية تلفيظ لفعل الرحلة"[7]. بينما المعنى الأول هو الرحلة ذاتها، ولهذا نجده يتحدث عن الرحلة وخطابها، ويرى أن خطاب الرحلة "يتماهى مع الرحلة وعوالمها، ويسعى إلى مواكبتها من البداية إلى النهاية"[8]، فيبدأ الخطاب من لحظة الخروج، وينتهي لحظة الأوبة.

إن هذا الخطاب، إذًا، يواكب انتقال الرحالة في أماكن متعددة ومختلفة، واصفا إياها جغرافيا وعمرانيا واجتماعيا وبشريا، وذاكرا ما لقيه من رجالات العلم والأدب، وما دار في مجالسهم من مناقشات، إضافة إلى ذكر كثير من الفوائد العلمية والدينية والتاريخية والأدبية، والرسائل والإجازات والأشعار، وكل ذلك يسوقه الرحالة في أساليب مختلفة. وهذا كله يكسب الخطاب الرحلي تعقيدا تطرح معه قضية تجنيس هذا الخطاب :

قضية التجنيس :

يصرح تودوروف بأن "مشكل الأجناس هو واحد من أقدم مشاكل الشعرية، وقد طرح منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا [ ... ]، فتعريف الأجناس، وعددها، والعلاقات المتبادلة بينها، لم يتوقف النقاش حولها قط"[9].

وإذا كان ذلك النقاش حول الأجناس الأدبية دائرا في الغرب منذ القديم، فإنه انتهى اليوم بـ"دومنيك كومب" إلى حصر الأجناس الأدبية في "أربعة أقسام كبيرة من النصوص حسب الوعي "الساذج" الذي كيفته عادات القراءة، بل وكيفه أيضا التعليم والمؤسسات، وهذا ما يجعل هذه الأقسام غير طبيعية بالمعنى الشائع لهذه الكلمة"[10].

وهذه الأقسام هي :

"- المتخيل السردي Fiction narative) ( الذي يضـم : الروايـة والأقصوصـة والحكايـة والقصـة.

- الشعـر.

- المسرح.

- المقالة (essai) التي تضم : الخطاب الفلسفي أو النظري، والسيرة الذاتية، والذكريات، والمذكرات الشخصية... والمراسلات، والتقارير، وحكاية الرحلة، إلخ "[11].

إذًا ، فالرحلـة تندرج -عند دومنيك كومب- ضمن قسم المقالة التي هي “كل نص لا ينتمي إلى الخيـال ولا إلى الشعـر ولا إلى المسرح [... ]، فهي الجنس الذي يجمـع بين كل الأجنـاس التي نبذتها "الأجناس الكبـرى"[12]، وهـي بهـذا، "أقـل الأجنـاس وضوحا... ومع ذلك تتميـز بسمـة ثابثـة هـي : تفضيلها للنظر العقلي والأفكـار، والفكر الخطابي وليس للخيال"[13].

هكذا، إذًا، تتجنس الرحلة في النقد الغربي، عند دومنيك كومب. أما أغناطيوس كراتشكوفسكي فيصنف الرحلة (العربية أساسا) ضمن "الجغرافيا الوصفية التي ترتبط بها ارتباطا وثيقا قصص الرحلات"[14]، وبهذا تصطبغ الرحلة عنده بصبغة علمية (الجغرافيا) وصبغـة أدبية (القصص)، وهذا ما سوغ له استعمال عبارة "الأدب الجغرافي" الذي "يقدّم متعـة ذهنية كبرى، إذ نلتقي فيه بنماذج أدبية/ فنية رائعة، صيغت بالسجع أحيانا. والمصنفات الموضوعـة من أجـل جمهـرة القـراء يتراوح فيها العرض بين الجفاف والصرامة من جهـة، والإمتاع والحيوية من جهة أخرى. وهنا تبدو مقدرة العرب الفائقة وبراعتهم في فن القصص"[15].

وإذا كان هذا النقاش يجري في النقد الغربي، فإن النقد العربي القديم كان شبه غائب عن هذا المضمار، إذ اكتفى بتقسيم الأدب إلى الثنائية المعروفة : الشعر والنثر، وقسم الشعر إلى أغراضه، والنثر إلى الخطبة والرسالة، ثم المقامة في وقت لاحق، أما الرحلة فلا نجد لها ذكرا لدى الناقد العربي القديم، لأنها كانت تنتمي إلى الأجناس السردية. ونعلم أن الأجناس السردية (القصص والحكايات والمقامات...) كان ينظر إليها نظرة تنقيصية بالمقارنة مع الشعر الذي عدّ ديوان العرب والذي أُحل الدرجة العليا.

ورغـم تلـك النظـرة التنقيصيـة التي نظـر بها إلى الأجنـاس السردية، فإن تلك الأجناس عرفت نماء واتساعا، واستطاعت أن تجلب إليها العديد من المستهلكين والباحثين عن المتعة والإفادة.

وقد صنف الأستاذ شعيب حليفي هذه الأجناس السردية إلى "قطبين كبيرين كان لهما حضور متبادل ومتواتر، هما : الشكل الخالص، والهجين.

- تضمنت الأشكال الخالصة : المقامة والسيرة والحكاية الشعبية والرحلات...

- أما الأشكال الهجينة فيندرج ضمنها الخبر والمحكيات الصغرى المتفرقة، ثم أدب القيامة، والتراجم والطبقات وأخبار الشعراء"[16].

هكذا يصنف الباحث الرحلة ضمن الأشكال الخالصة، وهذا التصنيف لا يوافقه عليه الأستاذ عبد النبي ذاكر الذي يرى أن الرحلة "شكل أدبي هجين ينماز بتعدد أوجهه وتمظهراته، إلى حد أنه يمكن القول : إنه جنس متكامل يحطم قانون صفاء النوع، وذلك بإدماجه أنماطا خِطابية متنوعة من حيث الأشكال والمحتويات، الشيء الذي يعطي الانطباع بأنه شكل مائع ومرن إلى حد كبير، إضافة إلى شدة تعقده واحتماله لأنماط وأساليب ومضامين كتابية تبعده عن البساطة الظاهرة لتجعل منه جنسا مركبا وكليا وشموليا وعاما، وجنس الأجناس"[17].

ويسير في المسار ذاته جبور الدويهي الذي يصف الخطاب الرحلي بكونه "نوعا من التعبير الأدبي الهجين والضبابي"[18].

ويوافق الأستاذين (ذاكر والدويهي) في هذا الرأي الأستاذُ عبد الرحيم مودن الذي يذهب أيضا إلى أن الرحلة "كتابة ملتبسة سواء على مستوى الهوية الأجناسية Génétique، أو على مستوى محاورتها -في سياق نظرية الأدب- لأجناس أدبية وغير أدبية"[19]، وهذا ما أفضى بِبُولْ هازار إلى عد الخطاب الرحلي"نوعا أدبيا غير واضح الحدود"[20].

يبدو أن الرأي الأخير أكثر وجاهة وأكثر انطباقا على واقع الكتابة الرحلية، لأن الخطاب الرحلي على مستوى المضامين يحتوي على معارف متنوعة : تاريخية وجغرافية ودينية وأدبية وإثنوغرافية...، وعلى مستوى الأشكال نجد فيه السرد والوصف والحكايات والأخبار والرسائل والأشعار...، وهذا الغنى والتنوع في المضامين والأشكال يسمح بتشبيه الرحلة بفناء بيت تنفتح فيه أبواب حجرات متعددة[21]، وكل باب يجد فيه مبتغاه؛ "إذ تتوفر فيه مادة لا ينضب معينها لا للمؤرخ أو الجغرافي فحسب، بل أيضا لعلماء الاجتماع والاقتصاد ومؤرخي الأدب والعلم والدين، وللغويين وعلماء الطبيعة"[22].

إن هذه الطبيعة الغنية للكتابة الرحلية جعلت دراستها تتجه اتجاهات مختلفة تبعا لاهتمام الدارس، وهكذا جعلها المؤرخ نصا تاريخيا يمتح منه كثيرا من المعلومات الغميسة المتصلة بالبلدان المزورة، وجعلها الجغرافي مصدرا يستقي منه ما يورده الرحالة من معلومات جغرافية عن الأماكن التي مر منها، كما يجد فيها الباحث الإثنوغرافي كثيرا مما يود معرفته عن الشعوب التي تحدث عنها الرحالة، كما يجد فيها الباحث في تاريخ الأفكار ما يود معرفته عن ثقافة الذات التي يجليها الرحالة بمقارنتها بثقافة الغير، ويجد فيها الدارس الأدبي أنماطا أسلوبية، وأنواعا أدبية أفرزتها ظروف اجتماعية وثقافية عاش الرحالة في أحضانها، ويجد فيها غير هؤلاء مبتغاهم من المعلومات والمعارف التي تزخر بها، وهذا ما أكده الأستاذ عبد النبي ذاكر بقوله : "لا أحد ينكر ما أفاده المثقفون -منذ أقدم العصور- من أدب الرحلات، فتنوع موضوعاتها جعلها قبلة لمتح المعلومات الجغرافية والتاريخية والشعرية والصوفية والإثنولوجية، إلخ"[23]، وهذا كله يجعل نص الرحلة مستعصيا على الانتساب النوعي، وينعكس ذلك على التسمية التي تصبح متعثرة أو متعددة[24]، وهكذا نجد أسماء مثل : الرحلة، وأدب الرحلة، والأدب الجغرافي، والجغرافيا الوصفية. بيد أن هذا التنوع والغنى اللذين تمتاز بهما الكتابة الرحلية ينبغي أن لا يخدعانا ويصرفانا عن البحث عن العناصر المشتركة بين كل تلك الكتابات التي تسمى رحلة. وهذه "العناصر المشتركة بين كل هذه الأنواع/ الأشكال، تظل واحدة في تعددها، تتعدد أسلوبيا وتتخذ أوضاعا شتى في السياقات الموضوعة لها"[25]. ومعرفة هذه العناصر المشتركة "يقلص من دور المصادفة، ويقدم لنا، بقدر كبير، قواعد إنتاج النص، وقواعد تلقيه في آن معا"[26].

إن معرفة هذه العناصر المشتركة بين الكتابات الرحلية المتنوعة، وتحديدها، يبيح لنا الحديث عن جنس أدبي يسمى الرحلة، وبهذا تصبح الرحلة جنسا أدبيا قائم الذات له مميزاتـه وخصائصـه واستقلالـه الذي يمنعـنا من إدخالها ضمن الجغرافيا أو الأدب الجغرافي[27]، أو ضمن التاريخ[28]، أو ضمن الإثنوغرافيا[29]، أو ضمن الفن القصصي[30]، بيد أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا الكلام القول بخلو كتب الرحلات من كل هذه المعارف، لكن وجود بعض المعلومات التاريخية لا يجعلها مؤلفا في التاريخ، ولا وجود بعض الإفادات الجغرافية يجعلها كتابا في الجغرافية، وهلم جرا.

وبعد هذا التوضيح نطرح هذا السؤال : ما هي هذه العناصر المشتركة بين الكتابات الرحلية؟ أو بعبارة أخرى : ما هي مكونات الخطاب الرحلي؟

مكونات الخطاب الرحلي :

إن الرحلة حكي، وكل حكي يستلزم وجود أطراف ثلاثة : ذات حاكية، وخطاب مَحْكِي، وموضوع مَحْكِي عنه، ويمكن توضيح هذه المكونات في هذا الشكل :

 

الحاكي

 

المحكي (الحكاية)            

المحكـي عنه

 

المؤلف الرحالة :

 

الخطاب الرحلي

السفـر

1- فالحاكي أو الراوي في الرحلة هو المؤلف نفسه، وهو الذات المركزية التي تقوم بفعل الرحلة، وتقوم بتلفيظ تلك الرحلة. وهذه الذات، في انتقالها عبر الأماكن المزورة، لا تنفصل عن ثقافتها ومعتقداتها ورؤيتها للعالم، وشأن الرحالة شأن المساح الذي قال عنه الأستاذ عبد الفتاح كيليطو : "إن المساح ليس مسافرا بدون أحمال، فهو يحمل أدوات لازمة تنظم عمله. والفضاء الذي يخترقه ليس مرئيا إلا عبر عيون شبكة ثقافية تحصره حصرا وثيقا"[31]. ولهذا نجد الذات حاضرة باستمرار يمر من خلالها الحكي (الحكاية)، فيصطبغ بأحاسيسها وميولاتها وعواطفها ومرجعيتها الثقافية، وهكذا فعندما يرحل الرحالة، لا يرحل بجسده فقط، بل بعقله وفكره وقلبه ووجدانه أيضا.

قلت سابقا إن الراوي في الرحلة هو المؤلف ذاته، وهذه إحدى خصائص الكتابة الرحلية[32]، وهذا الراوي يكون حاكيا وموضوعا للحكي، فهو يكون حاكيا عندما يصف، ويكون موضوعا للحكي عندما يسرد، وبهذا يقدم الراوي معرفة موضوعية أثناء الوصف، كما يقدم تجربة ذاتية أثناء السرد[33].

2- المحكي عنه، وهو السفـر الذي أنجزه الرحالة فعليا، وحديث الرحلة عن السفر جعلها "تنتمي إلى "أدب السفـر"، ولكنها تختلف عن بعض أنماطه التي وظفت السفر بشكل أو بآخـر.

هكذا يصبح السفر بنية مهيمنة من جهة، وهي -من جهة ثانية- بنية متحكمة وجاذبة لباقي البنى إلى الحد الذي تخضع فيه هذه الأخيرة لبنية السفر"[34]، وبهذه الهيمنة التي تتمتع بها بنية السفر داخل الكتابة الرحلية يُصبح السفر هو الناظم لمختلف مكونات الرحلة الأخرى من سرد ووصف وأخبار وحكايات وأشعار ومعارف متنوعة، بيد أنه ينبغي الانتباه والتفريق بين السفر عندما يكون بنية مهيمنة وناظمة، وبين السفر عندما يكون بنية ومكونا كباقي المكونات، في الحالة الأولى نكون أمام جنس الرحلة، وفي الحالة الثانية نكون أمام أجناس أخرى، قد تكون تاريخا أو سيرة ذاتية أو رواية أو غيرها. وهكذا أصبحت هيمنة بنية السفر "معيارا نقديا يتم فيه التمييز بين الرحلة وباقي نصوص السفر، بين الرحلة و"الحرْكة"، بين الرحلة والدليل السياحي"[35].

إن هيمنة مكون السفر لا يعني أن الرحلة تخلو من باقي المكونات الأخرى، بل تعني أن السفر هو العنصر المؤطر لكل العناصر والمكونات الأخرى، ومن النادر جدا وجود رحلة اقتصر فيها مؤلفها على هذا المكون فقط[36].

بعد الوقوف عند طرفي عملية الحكي في حكاية الرحلة، وهما الذات الحاكية، وموضوع الحكي، ننتقل إلى لب هذه العملية وقلبها، وهو الخطاب المحكي، وستتم الإشارة في الحديث عن هذا الخطاب إلى بنائه، ثم مكوناته.

3- المحكي أو الحكاية، وهو خطاب الرحلة. ومن المعلوم أن لكل خطاب طريقته الخاصة في البناء، بها يتميز عن غيره من الخطابات. وبما أن خطاب الرحلة موضوعه هو السفر الذي قام به الرحالة، فإن "خطاب الرحالة يتماهى مع الرحلة وعوالمها، ويسعى إلى مواكبتها من البداية إلى النهاية. فهو يبتدئ بتحديد أسباب الرحلة ودوافعها، وزمن الخروج ومكانه. وكلما انتقل الرحالة في المكان واكب الخطاب هذه التحولات، وصولا إلى النهاية (نهاية الرحلة)، والرجوع إلى نقطة الانطلاق"[37]، وبهذه المواكبة يكون "خطاب الرحلة هو عملية تلفيظ لفعل الرحلة. وبعملية التلفيظ هاته يختلف خطاب الرحلة عن غيره من الخطابات المجاورة التي تقوم على أساس فعل الرحلة، ولكنها تستثمر جوانب منها، وتوظفها في خطاب مختلف"[38].

هكـذا تكون طريقة بناء الخطاب وسيلة لتمييز خطاب الرحلة عن غيره من الخطابات، وبواسطته أيضا يمكن إخراج مؤلفات تصنف ضمن دائرة الرحلة من هذه الدائرة، ومنها-مثلا- "الترجمانة الكبرى" لأبي القاسم الزياني[39]. فالسفر في هذا المؤلف ليس بنية مهيمنة، وليس بنية ناظمة لباقي بنيات الكتاب، وعليه فالخطاب في هذا المؤلف لا يسير مع سير الزياني في رحلاته الثلاث؛ فهو لا يبتدئ بالحديث عن لحظة الانطلاق، بل يبتدئ بالحديث عن ميلاد المؤلف ثم شيوخه[40]، وبعد هذا سيأتي الحديث عن رحلته الأولى برفقة والده، إلى أداء فريضة الحج، فتوقف بمصر لظروف اضطر معها إلى الرجوع. إن الحديث عن هذه الرحلة لا يمتد إلا على ما يقارب صفحتين ونصفا، مما يدل أن هدف الزياني ليس تدويـن الرحلة، بل الإشارة إلى بعض الأحداث الهامة في حياته. ويكفي للتدليل على هذا قوله : "ولما بلغنا مصر، وتعين سفر الركب إلى الحجاز..."[41]. فالمؤلف هنا لم يحدثنا عن منطلق الرحلة، ولا عن المراحل التي مر منها قبل أن يصل إلى مصر. وهذا صنيعه عند حديثه عن الرجوع. وصنيعه أيضا في الرحلتين الباقيتين. إن مقصدية المؤلف ليست تدوين الرحلة وأحداثها، بل إن الرحلة كانت وسيلة للحديث عن أشياء أخرى. وبهذا لا يكون خطاب الكتاب تلفيظا لرحلات الزياني، بدءا من نقطة الانطلاق، ورجوعا إليها، بل توظيفا لهذه الرحلات إلى جانب مكونات أخرى، مما يحيد بالخطاب عن جنس الرحلة إلى جنس آخر قد يكون الخطاب التاريخي، أو الجغرافي، أو هما معا[42].

إن طريقـة بناء الخطـاب الخاصة هي ما يسميه الأستاذ عبد الرحيم مودن "نمطية التأليـف" التي بها يتـم بها إدخـال كتابـة ضمـن جنس معين، أو إقصاؤه منها، يقول : "ولعـل شرعية انتساب الرحلة إلى الجنس المستقل ببنائه وخصائصه يعود إلى هذه النمطية في التأليف"[43].

بعد هذه الإشارة إلى بناء الخطاب في الكتابة الرحلية، نشير إلى مكونات هذا الخطاب التي يمكن حصرها في :

1- المعرفة : تزخر الرحلات بالعديد من المعارف المتنوعة، منها ما هو ديني، وما هو تاريخي، وما هو جغرافي، وما هو أدبي، وما هو اجتماعي... وغير ذلك، مما يجعل هذه الرحلة قبلة للعديد من الباحثين المختلفي المشارب؛ من أجل متح المعارف التي تهمهم.

والرحالة، وهو يقدم هذه المعارف، إنما يسعى إلى إفادة القارئ بما يظنه مفيدا له. وهـذه المعرفـة التي يقدمـها الرحالـة تخضع لشخصيتـه وتكوينـه الثقافي. وهكـذا نجـد الرحالة المؤرخ يولي اهتماما أكبر للمعرفـة التاريخية، والمتصوف يعتني كثيرا بالمعرفة الصوفية، وهكذا دواليك.

وتقديم المعارف في الرحلات ليس مستغربا، لأننا نجد كثيرا من الرحالين ينصون في مقدمات رحلاتهم على أن مقصديتهم هي إفادة القارئ بكثير من المعارف والإفادات، وبهذا تحقق الرحلة "هدفها الديداكتيكي؛ إنها تسعى لتعليم بعض الأشخاص بعض الأشياء"[44].

2- السرد : لا تنفك الكتابة الرحلية عن السرد، ولا يمكن أن تستغني عنه مادامت تنقل إلى المتلقي أحداثا وأفعالا قامت بها الذات الكاتبة، وهذه الأحداث والأفعال هي الانتقال من نقطة الانطلاق ثم العودة إليها.

والسرد يبدأ مع بدء الرحلة، ويستمر إلى نهايتها، وهذه المسيرة السردية تتكون من مقاطع سردية دائمة الحضور في كل الرحلات، ومقاطع سردية تحضر في بعض الرحلات وتغيب في أخرى، والمسيرة السردية في الرحلات تتخللها محطات يتوقف فيها السرد ليفسح المجال لمكونات أخرى بالاشتغال، وهكذا يوقف الراوي السرد ليقدم وصفا أو ليقدم معلومات ومعارف، أو ليسوق شعرا. وبعد الانتهاء من هذا يعود السرد إلى جريانه.

3- الوصف : السـرد والوصـف نمطـان خطابيـان يتناوبان على طول الخطاب الرحلي، فالراوي يسرد حين يتحدث عن المتحرك، ويصف حين يتحدث عن الساكن، وبعبارة أخرى : يتم السرد بالحديث عن الفعل في الزمان، ويتم الوصف بالحديث عن المكان أو الأشياء أو الأشخاص.

والوصف يتطلب انتباها ودقة ملاحظة من الواصف لكي "يستوعب أكثر معاني الموصوف، حتى كأنه يصوِّر الموصوفَ لك، فتراه نصْبَ عينيك"[45]. والموصوف الذي يلفت نظر الرحالة هو الأشياء الغريبة وغير المألوفة لديه، وتبعا لهذا ستختلف الموصوفات في الرحلات حسب الأوساط التي عاش فيها الرحالة وما ألف مشاهدته فيها، لأن المألوف معروف لا يحتاج الرحالة إلى إعادة التعريف به.

4- الشعر : نجد كثيرا من الرحلات تطفـح بالكثير من الأشعـار المختلفة المضامين، والمتفاوتة في القيمة الفنيـة، وهذه الأشعار إما من إبداع الرحالة أو من إبداع غيره من الماضين أو المعاصرين الذيـن ينشدهم وينشدونـه. والرحالة وهو يحلي رحلتـه بالشعـر إنما يفعـل ذلك تحت تأثير المكانة العالية التي يحتلها الشعر في الثقافة العربية. وكأني بالرحالة وهو يورد هذه الأشعار، بين الفينة والأخرى، يسعى إلى إمتاع القارئ بهذا الخطاب الشعري الجميل، وإلى رفع قيمة رحلته باحتوائها عددا وافـرا من الأشعار التي توظف في أسيقة مختلفة.

هذه هي مكونات الخطاب الرحلي التي تتناوب على امتداده، وتحتل مساحـات غير متساويـة فيـه. وقد أشـرت إليها هـنا بإيجاز، وسيتـم تفصيل الكلام فيها في ثنايا هذا البحـث.

وبعد الحديث عن مكونات الكتابة الرحلية، نتساءل عن خصائص هذه الكتابة؟

خصائص الكتابة الرحلية

تتميز الكتابة الرحلية بجملة من الخصائص تميزها عن الأجناس النثرية الأخرى، وهذه الخصائص هي :

- هيمنة بنية السفر التي تؤطر الأحداث وتَنْظمها مما سبقت الإشارة إليه.

- الذاتية : تحضر ذات الرحالة في رحلته حضورا بارزا، وليس هذا بمستغرب مادامت الرحلة حكيا لسفر قامت به هذه الذات. وهكذا تحتل الذات المركز في الحل والترحال، وتصطبغ الرحلة بألوانها الناصعة والداكنة.

- الحكي بضميـر المتكلـم مفـردا أو جمـعا : وهـذا تجـل من تجليـات الذات في أسلـوب الكتابــة.

- الواقعية : الرحالة -الراوي رجل واقعي عاش في فترة زمنية معروفة، والأشخاص الذين يتحدث عنهم، هم أيضا واقعيون عاشوا في زمن معروف، ومكان معروف؛ فالأماكن التي يصفها أماكن حقيقة لها وجود فعلي على الأرض. وبهذه الخصيصة تتميز الرحلة عن الرواية والمقامة المبنيتين على الخيال.

- دورة الخطاب بالرجوع إلى نقطة الانطلاق : فالخطاب يبدأ مع انطلاق الرحالة من موطنه، ويسير معه إلى المكان المقصود، ويعود معه إلى نقطة الانطلاق، وهكذا يدور الخطاب مع السفر، وينتهي من حيث بدأ[46].

- تعدد المضامين وتداخل الخطابات : يشتمل الخطاب الرحلي على معارف متنوعة : دينية وتاريخية وجغرافية وإثنوغرافية وأدبية... وتتداخل فيه خطابات مختلفة : الشعر والرسالة والحكاية والوصف والسرد... وهذا ما يجعله جنس الأجناس، أو محصلة الأجناس.

بعد الإلمام بأطراف عملية الحكي في الرحلة، وبمكونات الخطاب الرحلي وخصائصه ومميزاته، ماذا عن تعريفه؟

تعريف الرحلة :

لا شك أن تعريف الرحلة سيكون صعبا، مثل تعريف أي جنس أدبي آخر، كالشعر والرواية، نظرا لتعدد مضامينها وأساليبها، ولتداخلها مع خطابات أخرى. وقد أشرت سابقا إلى هذا بتشبيه الرحلة بفناء بيت تنفتح فيه غرف متعددة : الجغرافيا والتاريخ، والتصوف، والأدب، والسيرة الذاتية، والتراجم، والحكايات، والرسائل، والكرامات، والشعر... وهذا كله يؤدي إلى "صعوبة القبض على تعريف يجمع في حده زخم الخصوصيات والتنويعات في النصوص الرحلية العربية"[47].

ولعل هذه الصعوبة هي التي حدت ببعض معاجم المصطلحات إلى تجنب صياغة تعريف لهذا الجنس، فمعجم مصطلحات الأدب لم يعرض فيه صاحبه مجدي وهبة للرحلة بأي وجه من الوجوه، واكتفى فقط بإشارة مقتضبة للرحلة الخيالية[48]، أما جبور عبد النور، فرغم حديثه عن الرحلة لم يقدم تعريفا لها، بل اكتفى بكلام عام؛ يقول : "تمثل الرحلة في الأدب العربي منزلـة رفيعـة، وأصبحت من الفنون الشائعة في معظم بلدان العالم"[49]. ثم يشيـر إلى أن الإثارة التي تتميـز بها الرحلة "متأتية من الوصف الطريف للواقع، والسرد الفني للمغامرة الإنسانية، والعواطف المحركة للبشر، ونابعة أيضا من أنواع الشخصيات التي تبرزها للقارئ"[50].

إن ما قدمه جبور عبد النور، في كلامه السابق، لا يمكن عده تعريفا للرحلة بأي حال من الأحوال.

أما سعيد علوش، في معجمه، فقد اكتفى بذكر المجال الذي تنتمي إليه الرحلة، وبذكر بعض أعلامها، وجزء من اهتماماتها فقال : "أدب الرحلة :

1- هـو أدب يدخـل في درس "الصـورولوجـيـة"، أي دراسـة صورة شعـب عند شعـب آخـر.

2- من رواد أدب الرحلات في هذا الإطـار : ج. م. كاري، ر. ر. الطهطاوي، أنورلـوقـا.

3- يتبع (أدب الرحلات) عادات وتقاليد وتأثيرات إقليمية"[51].

وقد سارت الموسوعة العالمية Encyclopédie Universalis على النهج ذاته، فاكتفت بالإشارة إلى أن الخصيصة الأساسية للرحلة[52]هي التنوع ذو المظاهر المختلفة، وأن الرحلة تدخل ضمن السيرة الذاتية لأن المؤلف والراوي والرحالة هم شخص واحد[53].

بهذا خلت هذه المعاجم والموسوعات من تعريف للرحلة، ولا نجد لها تعريفا إلا في قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية : عربي-إنكَليزي- فرنسي؛ يقول هذا التعريف : "أدب الرحلات هو نوع أدبي يقوم على وصف الأديب لما شاهده في رحلاته، من عمران، وأحداث، وأشخاص، وعادات، وتقاليد، وغيرها"[54].

والملاحظ على هذا التعريف أنه يخرج من الرحلات كثيرا من الكتابات التي لم يكتبها أدباء، ويكون الجانب الأدبي فيها باهتا إن لم يكن منعدما، ورغم ذلك تدرج هذه الكتابات ضمن الرحلات.

أما الشبكة الدولية للمعلومات Internet فقد أوردت تعريفا يقول : "إنه النص الذي يحكي فيه المؤلف ما شاهده في بلد آخر"[55].

إن هذا التعريف فضفاض بحيث يمكن أن يدخل فيه ما ليس من جنس الرحلة كالتحقيق الصحفي Reportage.

وآخر تعريف نقف عنده هو تعريف إنجيل بطرس الذي يقول فيه : "أدب الرحلات إذن، هو ما يمكن أن يوصف بأدب الرحلة الواقعية، وهي الرحلة التي يقوم بها رحالة إلى بلد من بلدان العالم، ويدوّن وصفا له، يسجل فيه مشاهداته، وانطباعاته بدرجة من الدقة والصدق وجمال الأسلوب والقدرة على التعبير"[56].

وهذا التعريف يشبه التعريف السابق مع زيادة تفصيل تتجلى في التنصيص على تسجيل المشاهدات والانطباعات، وفي الشروط التي ينبغي توافرها في هذا التسجيل : الدقة والصدق وجمال الأسلوب والقدرة على التعبير.

ولاشك أن هذه الشروط قد لا نجدها في كل الرحلات، وعلى الرغم من ذلك تسمى رحلات، أي إن هذه الشروط ليست محددات تسمى الكتابة رحلة بحضورها، ولا تسمى كذلك بغيابها.

بعد هذه الملاحظات على التعاريف السابقة، أودّ أن أقترح تعريفا يبدو لي شاملا، فأقول : الرحلة خطاب تنشئه ذات مركزية، هي ذات الرحالة، تحكي فيه أحداث سفر عاشته، وتصف الأماكن المزورة، والأشخاص الذين لقيتهم، وما جرى معهم من حديث، وغايتها من هذا الحكي إفادة القارئ وإمتاعه.

 



[1] - معجم مقاييس اللغة، مادة : رحل.

[2] - لسان العرب، مادة : رحل.

[3] - القاموس المحيط، مادة : رحل.

[4] - سورة قريش، الآية : 1.

   - [5]جزء من شطر بيت لابن دراج القسطلي :     ألم تعلمي أن الثواء هو الثوى      وأن بيوت العاجزيـن قبور

[6] -"خطاب الرحلة العربي ومكوناته البنيوية"، مجلة علامات في النقد، النادي الأدبي، جدة، الجزء 9، المجلد 3، سبتمبر 1993، ص. 165.

[7] - نفسه، ص. 171.

[8] - نفسه، ص. 170.

[9] - Tzvetan Todorov et Oswald Ducrot, Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage,

éd. du Seuil, Paris 1972, p. 193.

[10] - Dominique Combe, Les genres littéraires, éd. Hachette, Paris, 1992, p.p. 13-14.

[11] -- نفسه، ص. 14.

[12] -- نفسه، ص. 16.

[13] -- نفسه، الصفحة نفسها.

[14] - تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمه من الروسية: صلاح الدين عثمان هاشم، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية 1987، ص. 20.

[15] - نفسه، ص. 28

[16] - الرحلة في الأدب العربي، دار القرويين، الدار البيضاء، الطبعة الثانية 2003، ص. 20.

[17] - المحتمل في الرحلة العربية إلى أوربا وأمريكا والاتحاد السوفياتي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، رسالة دكتوراه بإشراف الأستاذ سعيد علوش، نوقشت بكلية الآداب بأكادير عام 1998، ص. 83

[18] -"الرحلة وكتب الرحلات الأوربية إلى الشرق حتى نهاية القرن الثامن عشر"، مجلة الفكر العربي، العدد 32، أبريل-مايو 1983، ص. 59.

[19] - مستويات السرد في الرحلة المغربية خلال القرن التاسع عشر، رسالة دكتوراه بإشراف الأستاذ أحمد الطريسي أعراب، نوقشت بكلية الآداب بالرباط عام 1995، ص. 14.

[20] - الواقعي والمتخيل في الرحلة الأوربية إلى المغرب، عبد النبي ذاكر، منشورات كلية الآداب، أكادير، 1997، ص. 8.

[21] - هذا التشبيه استعرته من الأستاذ أحمد صابر الذي شبه الطوبونيميا بفناء بيت تنفتح فيه عدد من أبواب الغرف، وقد ذكر هذا التشبيه في تقريره الذي قدم به أطروحة الأستاذ أحمد الهاشمي للمناقشة.

[22] - تاريخ الأدب الجغرافي العربي، مرجع سابق، ص. 19.

[23] - المحتمل في الرحلة العربية إلى أوربا وأمريكا والاتحاد السوفياتي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، مرجع سابق : 1/21.

[24] - المقامات، السرد والأنساق الثقافية، عبد الفتاح كيليطو، ترجمة : عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1993، ص. 127

[25] - الرحلة في الأدب العربي، مرجع سابق، ص. 31.

[26] - المقامات، السرد والأنساق الثقافية، مرجع سابق، ص. 127.

[27] - كما فعل كراتشكوفسكي في كتابه : تاريخ الأدب الجغرافي العربي.

[28] - كما فعل الأساتذة: محمد المنوني في كتابه : المصادر العربية لتاريخ المغرب، وبنسودة في كتابه: دليل مؤرخ المغرب الأقصى، وليفي بروفنصال في كتابه : مؤرخو الشرفاء.

 

[29] - وهذا صنيع حسين محمد فهيم في كتابه: أدب الرحلات.

[30] - وهذا صنيع شوقي ضيف في كتابه : الرحلات، وحسين نصار في كتابه : أدب الرحلة.

[31] - المقامات، السرد والأنساق الثقافية، مرجع سابق، ص. 15.

[32] - Encyclopœdia Universalis, Edition à Paris, 1990, Corpus 19, p. 631

[33] -"خطاب الرحلة العربي ومكوناته البنيوية"، مرجع سابق، ص. 176

[34] - أدبية الرحلة، عبد الرحيم مودن، دار الثقافة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1996، ص. 26.35 ـ.

[35] - أدبية الرحلة، عبد الرحيم مودن، مرجع سابق، ص. 21

[36] - نجد من بين مؤلفي الرحلات السوسيين من سلك هذا المهيع، فاقتصر على سرد مراحل سفره وتواريخه ذهابا وإيابا، دون حضور أي مكون آخر كالوصف أو الشعر، أو المعارف المختلفة، وهذا صنيع التناني، والكاشطي، والإسيكَي، ويشكلون حالات استثنائية.

[37] -"خطاب الرحلة العربي ومكوناته البنيوية"، مرجع سابق، ص. 170.

[38] -"خطاب الرحلة العربي ومكوناته البنيوية"، مرجع سابق،، ص. 171.

[39] - أحد أعلام المغرب الكبار في عصره، ولد بفاس عام 1147هـ، وبها تعلم. اتصل بالسلطان محمد بن عبد الله، وبالمولى سليمان من بعده، ونال حظوة كبيرة حتى لقب بذي الوزارتين، سُفر إلى تركيا أكثر من مرة، كما نكب أكثر من مرة. توفي عام 1249هـ. وترك العديد من المؤلفات، أشهرها: الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا. (الترجمانة الكبرى في أخبار المعمور برا وبحرا، حققه وعلق عليه عبد الكريم الفيلالي، نشر وزارة الأنباء، 1967، مقدمة التحقيق، ص. 29 وما بعدها).

[40] - المرجع السابق، ص. 56-57.

[41] - نفسه، ص. 58.

[42] - ومثل هذا الصنيع فعله علي بن محمد السملالي في كتابه "منتهى النقول، ومشتهى العقول" الذي شكل فيه حديثه عن سفره إلى وجدة في بعثة رسمية بنية ثانوية إلى جانب بنيات أخرى مهيمنة، مما يخرج الكتاب من دائرة الكتابة الرحلية.

[43] - مستويات السرد في الرحلة المغربية، مرجع سابق، ص. 23.

[44] - Récit de voyage, Relation, Reportage:

www.cafe.umontreal.ca/genres/n-voyage.html

[45] - كتاب الصناعتين الكتابة والشعر، أبو هلال العسكري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، طبعة 1406هـ/1986م، ص. 128.

[46] - نجد بعض الرحلات لم يتمها مؤلفوها، وهكذا تقف دورة الخطاب دون الوصول إلى نقطة الانطلاق، ورحلة الحضيكَي، ورحلتا أحوزي مثال على عدم مسايرة الخطاب لفعل الرحلة

[47] - الرحلة في الأدب العربي، شعيب حليفي، مرجع سابق، ص.165.

[48] - معجم مصطلحات الأدب، مجدي وهبة، مكتبة لبنان، بيروت، 1974، ص. 165.

[49] - المعجم الأدبي، جبور عبد النور، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثانية 1984، ص. 121.

[50] - نفسه، ص. 122.

[51] - معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، سعيد علوش، المكتبة الجامعية، الدار البيضاء، 1984، ص. 57.

[52] - تنبغي الإشارة إلى أن المعاجم والدراسات الأجنبية تدخل الرحلة ضمن Les récits de voyage (قصص السفر).

[53] -Encyclopœdia Universalis, Op. Cit., p.p. 630-631.

[54] - قاموس المصطلحات اللغوية والأدبية: عربي-إنكَليزي-فرنسي، إميل يعقوب وبسام بركة ومي شيخاني، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى 1997، ص. 25.

 

[55] - Récit de voyage, Relation, Reportage, Op. Cit.

[56] -"الرحلات في الأدب الإنجليزي"، إنجيل بطرس، مجلة الهلال، العدد 7، السنة 83، يوليو 1975، ص.52.