ص1       الفهرس  71-80

اليهود في المغرب

قراءة سوسيو– تاريخية في المورفولوجيا الاجتماعية

منطقة الريصاني نموذجا.

                                                      عبد الله استيتيتو

تقديم:

يعتبر التواجد اليهودي في المغرب من الإشكاليات التاريخية الكبرى التي يستعصي الخروج منها بنتائج قطعية ويقينية، شأنها شأن باقي قضايا الأنساب والإثنيات المتعددة في بلاد المغرب؛ إذ من الصعب على أي مهتم بمسألة اليهود في هذا البلد، أن يدلي بتخريجات نهائية تجيب عن عدة فرضيات مرتبطة بالجانب التأصيلي لهذه المسألة، سواء من حيث منطلقاتها التاريخية، أو من حيث تطوراتها الكرونولوجية والتراكمات التي خلفتها العناصر اليهودية في المغرب، أو من حيث الجهات التي كانت منطلقا لليهود في اتجاه الأراضي المغربية.

وفي هذا الصدد لا بد من وضع بعض المحددات التي من شأنها أن تؤطر معالجتنا لهذه الإشكالية، وذلك من خلال جملة من التساؤلات المشروعة والملحة – في الآن نفسه – بخصوصها، حيث إن أول ما يغري الباحث في قضية الأنساب بالمغرب، هو معرفة مدى أصالتها وعراقتها. فيكون من الحكمة والتعقل أن نتساءل: هل اليهود في المغرب من أصول أجنبية وافدة، أم هم من أصول محلية نابعة من الأراضي المغربية؟ وإذا كان الأمر كذلك ما هي الأصول الجغرافية ليهود المغرب؟ وهل المسألة اليهودية في البلاد المغربية تعتبر قضية عقدية دينية، أم عرقية سلالية؟

 ومن جانب آخر، ما السر في التواجد اليهودي المكثف في المغرب عبر تاريخه؟ وكيف كانت علاقة هذه الشريحة الاجتماعية مع باقي مكونات المجتمع المغربي، ما قبل الإسلام وبعد وصول العرب الفاتحين إلى الديار المغربية؟ بل كيف كانت الجهات الرسمية المتمثلة في السلطة المخزنية تنظر إلى مسؤولياتها تجاه مختلف العناصر اليهودية؟ ألم يكن هناك نوع من التحالف بين الجهاز المخزني والعنصر اليهودي في ظل عهود العديد من السلاطين المغاربة، كما هو الحال بالنسبة إلى أبي الحسن المريني وأحمد المنصور السعدي وسيدي محمد بن عبد الله العلوي، وغيرهم ممن خص اليهود بظهائر التوقير والاحترام؟

 وبالمقابل، ألم يعان اليهود في تاريخ المغرب من الكثير من التهميش والإقصاء؟ ألم يكونوا دوما مجرد أقلية تتحمل كافة التبعات الشعبية والرسمية؟ ألم يكونوا مصدر نهب وسطو من قبل الأجهزة المخزنية سواء بطرق شرعية من خلال قضية الجزية، أو بطرق ملتوية مثلتها مختلف الرسوم والجبايات الزجرية؟ ألم يكونوا عرضة للمصادرات وعمليات التجريد من الممتلكات التي يعتبر حادث اليهودي ابن مشعل نافذة كافية تمكن الناظر عبرها من إلقاء نظرة شافية على جوانب هذه الإشكالية؟

 وعكس هذا ألم يكن اليهود من العناصر المتقنة لحبك الدسائس وزرع النعرات الخطيرة داخل الدوائر السياسية العليا للدولة المغربية في العصور الوسطى والحديثة؟ ألم يشكلوا بتعاملاتهم المشينة الملامح العامة لشخصيتهم، فصاروا في أعين المغاربة عبارة عن محتالين ومخادعين؟ ألم يكن بلاؤهم في الدين عظيما وضررهم بالمسلمين كبيرا؟ ألم يبح لهم أحبارهم الغش والكذب والاحتيال "ويقولون لهم في مجالس وعظهم: اعلموا أن أبا القاسم نبي العرب قال لأمته: من غشنا فليس منا. فإن غششتهم فلستم منهم، وإن لــم تغشــوا فأنتم منهم"؟ 1.

وفي الأخير ما حظ منطقة تافيلالت من كل هذه التساؤلات المتعلقة بالعناصر اليهودية كمكون أساسي ضمن مكوناتها الاجتماعية؟

  إن كل واحد من هذه التساؤلات المرتبطة باليهود في المغرب عامة وتافيلالت خاصة، يعتبر إشكالية ذات جوانب متعددة، وهو ما يعني أن الإجابة عنها في شكلها النهائي والتام وبكثير من التخصيص والتفصيل، يتطلب دراسات متكاملة ومفصلة وعميقة، وهو ما لا يتسع له هذا المقال. إلا أن ذلك لا يمنع من تسليط  الضوء على بعض مناطق الظل التي تتضمنها هذه التساؤلات اعتمادا على مادة علمية مضبوطة، مراعاة لأهمية الموضوع وحساسيته من جهة، واحتراما للأمانة العلمية وشروط البحث العلمي من جهة أخرى. وتماشيا مع هذه الإشكالية لا بد من الإشارة إلى أن مسألة التأصيل للقضية اليهودية في المغرب، ليست بالشيء الجديد بالنسبة إلى البحث التاريخي في المغرب، إلا أن الجديد فيها حقا، هو بعدها الإيديولوجي المسند بمعالجة سياسوية قد يصل الأمر فيها إلى حد التعصب العقدي وأحيانا العرقي والإثني، وهو ما يعقد الاشتغال على مثل هذه التصورات وما خرجت به من نتائج تهم التأصيل لليهود في المغرب؛ إذ يحتاج فيها الباحث إلى إعادة تقييمها وتمحيص مختلف مكوناتها وعناصرها، انطلاقا من المقدمات والمدخلات والافتراضات، وانتهاء بالخواتم والمخرجات والاستنتاجات، وفق أسلوب علمي يتوخى المعالجة الموضوعية، ويقبل بنتائجها التي تكون أحيانا غير مرضية ولا خادمة لتوجهاته الإيديولوجية وانتماءاته السياسية.

أ - فئة اليهود في المغرب عامة:

    بالعودة إلى قضية التأصيل التاريخي والجغرافي للعنصر اليهودي في بلاد المغرب الأقصى عامة، نجد أن الأدبيات التاريخية تؤكد بشكل لا ريب فيه، أن الفئات اليهودية وطأت أرض المغرب منذ أمد بعيد يعود إلى ما قبل الميلاد بكثير؛ حيث قدم اليهود إلى المغرب الأقصى عبر بوابتين رئيستين:البوابة المشرقية والبوابة الأوربية2. وهو ما أكده مونتاي ( Monteil ) عند اشتغاله على اليهود واليهودية في السودان الغربي، موضحا أن اليهود الذين تواجدوا بشمال إفريقيا، وخاصة في المغرب الأقصى، يخضعون لفرضيتين اثنتين من حيث التأصيل: فإما أن يكونوا من أصول أيبيرية أندلسية؛ حيث ظلوا يتنقلون بين العدوتين لفترات تاريخية طويلة، لكنهم اضطروا لمغادرة الأندلس بعد سقوط غرناطة في يد المسيحيين في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي(التاسع الهجري) بعد ما تعرضوا – إلى جانب المسلمين– لكثير من المضايقات والاستفزازات من قبل العناصر الكاثوليكية المسيحية المتشددة، والمدعومة رسميا من قبل الدوائر السياسية العليا في أرغون وقشتالة الإسبانيتين، مما أرغم اليهود على الهجرة نحو المغرب والاستقرار في العديد من مناطقه في الشمال والجنوب، وإما أن يكونوا من أصول مشرقية قدمت إلى المغرب عبر فترات تاريخية متفطعة، وخاصة بعد الفتح العربي الإسلامي لبلاد الأمازيغ بشمال إفريقيا؛ إذ كانت الكثير من العناصر اليهودية ترافق الفاتحين العرب نظرا إلى معرفتها الدقيقة بمسالك وشعوب المنطقة3؛ حيث استقرت العديد من العائلات اليهودية في الأطلس الصغير ووادي نون4. وفي السياق نفسه تؤكد الباحثة جاك دوزي مونيي على قدم العناصر اليهودية في المغرب شأنها شأن باقي السلالات والأعراق الأخرى؛ إذ كانت متواجدة في العديد من المجالات المغربية، وخاصة في المناطق الأكثر أهمية من حيث مواقعها الجغرافية؛ كالتحكم في الطرق التجارية أو قربها من المواقع المنجمية؛ مثل مناجم الذهب والفضة التي يعتبر اليهود من أمهر محترفيها، نظرا إلى تعاطيهم الكبير لسبك الحلي وصنع المجوهرات الثمينة5.

  بخصوص الأصل المشرقي لليهود يوضح روجي فوري، أن الهجرة اليهودية للديار المغربية يؤرخ لها بحدث تخريب مدينة القدس على يد قراقش عام 70 م؛ حيث تشتت اليهود على إثر هذا الحدث، في مختلف أصقاع الأرض، ومنهم من توجه إلى الشمال الإفريقي واستوطن بعض المناطق في المغرب الأقصى، وخاصة في جنوبه الشرقي6. ومنذ هذا الحدث تقاطر اليهود على المغرب زرافات ووحدانا، وباتوا يشكلون به جاليات وطوائف مهمة كما وكيفا، وهو ما استرعى انتباه أحد الباحثين الذي أكد على الدور الحيوي الذي ظل اليهود يلعبونه باستمرار داخل المنظومة الاقتصادية – وحتى السياسية – المغربية، في مختلف دوله وخاصة في العصور الوسطى، وذلك راجع إلى الخبرة والتجربة الكبيرتين اللتين ظل هذا العنصر يتمتع بهما في عالم المال والاقتصاد؛ إذ ظل شغله الشاغل هو المتاجرة في الذهب والبحث عن المعادن النفيسة، وكل السبل التي تقربه إلى هذا المجال، لذا فحتى الحرف التي تعاطى لها كانت كلها تصب في هذه المقاربة مثل الصياغة وسبك الحلي وإعداد المجوهرات، بل حتى ضرب العملة وسك النقود ظلا دوما حكرا على اليهود في الدولة المغربية،  مما جعل هذه الفئة متميزة ومتسمة بالغناء والثروة اللازمتين7. كما أن أهمية هذه الطائفة في المورفولوجيا الاجتماعية المغربية تظهر من خلال مساهمتها الفعالة في موارد الخزينة المخزنية؛ إذ ظل بيت مال المخزن ينظر دائما إلى اليهود كمورد اقتصادي لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه يمكن خزينة الحكام والأمراء والسلاطين والملوك من القدرة على مسايرة حاجياتهم وتسيير دواليب حكمهم، من خلال الجزية وأنواع الرسوم التي كانت تفرض على هذا العنصر، وهو ما كان يجعل اليهود أيضا محل تقدير واحترام من قبل الأجهزة المخزنية العليا في البلاد8.

 ونظرا إلى الشهرة التي صارت للصناع والتجار اليهود في الصياغة والصيرفة، فإنهم أصبحوا محببين لدى حكام المغرب، ولاسيما بعد ما اتسعت رقعة الدولة واستحكمت سلطة المخزن، فبات الحكام والسلاطين يرغبون في الظهور بمظهر الأبهة والعظمة، تجسيدا للرهبة والأنفة من خلال الأمتعة النادرة والمقتنيات الثمينة المصنوعة من الذهب والفضة، والمكللة بالأحجار النفيسة الرفيعة10. إن هذا الطريق الذي شقه اليهود لأنفسهم، مكنهم من الاقتراب من الدوائر العليا للبلاد، بل جعلهم موفوري الحظ وذوي همة عالية، حتى مع أشد الدول تعصبا ضد التواجد اليهودي في المغرب، كما هو الشأن بالنسبة إلى الدولة الموحدية المبنية وفق الفكر التومرتي الموسوم بسمات شيعية واضحة11، ومع ذلك فاليهود حافظوا على مكانتهم ضمن الجهاز المخزني الموحدي، وسيطروا سيطرة كبيرة على موارد الدولة، إلى حد أن إمارة المؤمنين الموحدية امتعضت منهم، كما يظهر ذلك من خلال أحد من شهد على عصره وهو "صاحب الاستبصار"الذي أكد أن اليهود فعلا    " هم تجار أهل هذه البلاد كلها وأغنياؤها وخاصة بمدينة فاس، فإني عاينت منهم من يقال عنه عنده المال الممدود رجالا كثيرين، وقد كان تنبه لهم الأمر العالي أيد الله دوامه سنة اثنين وثمانين وخمسمائة" 12، وهي المكانة التي حافظوا عليها في ظل الدولة الزناتية؛ إذ أجلهم كثيرا بنو عبد الحق، وعبدوا لهم الطريق للدخول إلى المغرب، نظرا إلى المصلحة المشتركة التي كانت تجمع بين الطرفين؛ لأن حكام بني مرين كانوا في حاجة ماسة إلى العناصر اليهودية لتوظيفها في عدد من القطاعات التي كانوا يرغبون في تنشيطها وإعطائها المزيد من الحيوية والقوة؛ مثل قطاع الأسلحة النارية والمعادن النفيسة وضرب السكة وغيرها13. في حين كان اليهود من جهتهم يطمحون في المزيد من الانتشار والتغلغل داخل الأجهزة المخزنية لإثبات وجودهم ودعم نفوذهم اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا14، إلى درجة أن اليهود صاروا بمثابة سفراء للدولة المرينية لدى الدول الأجنبية، حيث شكلوا القناة الأساس للتعريف بالعديد من المناطق المغربية وربطها بالعالم الخارجي وإعادتها إلى واجهة الأحداث شرقا وغربا؛ كما كان ملحوظا بخصوص إقليم سجلماسة ومدينته الأثرية في القرن الرابع عشر الميلادي (الثامن الهجري)، والتي كانت قاب قوسين أو أدنى من فقدانها النهائي لبريقها التجاري لولا هذا العنصر النشيط، الذي جعل لها علاقات متميزة سواء مع المناطق القبائلية المجاورة؛ مثل تلمسان، أو المجالات الأوربية وخاصة المدن الأندلسية كبرشلونة ومايوركا وقرطبة وغرناطة وغيرها15.

  إن هذا المنحى التصاعدي للمد اليهودي في كل الأجهزة والمؤسسات المخزنية، استفحل بشكل خطير خلال الحكم الوطاسي، وما صادف ذلك من انكسارات كارثية في المنظومة السياسية المغربية، التي انهارت بشكل سريع أمام الصحوة التي حدثت في الضفة الجنوبية لأوربا الغربية، وخاصة في شبه جزيرة أيبيريا، التي وضعت لنفسها إطار عمل يرمي إلى دحض التواجد العربي الإسلامي في الديار الأندلسية، والتمكين للمسيحية الكاثوليكية المدعمة رسميا من قبل حكام أرغون وقشتالة. مما جعل كل الذين هم من غير المسيحيين يتعرضون لعمليات تصفوية قل مثيلها، وخاصة المسلمون واليهود، هؤلاء الذين بدأوا ينزحون إلى المغرب منذ نهاية القرن الرابع عشر الميلادي ( الثامن الهجري ) بأفواج ضخمة فرارا من جحيم حرب الإبادة التي اشتعلت نيرانها في الأندلس في القرن الموالي،" فتم طردهم من إسبانيا سنة 1492 ومن البرتغال 1497"16، وذلك بعد ما أعلن المسيحيون الكاثوليك تعصبهم الأعمى لعقيدتهم، فجهروا بتشددهم الأصولي ضد الغير باعتباره مارقا عن الديانة الكاثوليكية، سيما بعد إقامة محاكم التفتيش وتضمينها بنودا قاسية في حق الفئات اليهودية، كرفض تنصر اليهود17. وهو ما يعني أن المغرب في عهد السلطة السعدية التي حلت محل النظام الوطاسي، عرف تدفقا يهوديا مكثفا لم تشهد البلاد المغربية مثيلا له حتى مع حدث تدمير القدس. وفي هذا الصدد يشير مؤرخ الدولة السعدية عبد العزيز الفشتالي في "مناهل الصفا" إلى المكانة المتميزة التي كانت للعنصر اليهودي في ظل الدولة التكمدارتية، ومثل هذا العنصر الساعد الأيمن لحكام السعديين، فيما يتعلق بالأسلحة والعتاد الحربي، وخاصة البارود والآليات العسكرية 18؛ كما أن بيير برثي P. Berthier أشار إلى كون اليهود في الدولة السعدية، كانوا متحكمين في عصب الحياة الاقتصادية للمغرب بسيطرتهم على مادتي الذهب والسكر؛ حيث كانت معاصر السكر تدار اعتمادا على خبرتهم وتجربتهم في المجال الصناعي، فكانت هذه البضائع تجد فيهم التجار المحترفين الذين لهم كامل القدرة على التعريف بالمنتوج  المغربي في أقصى المناطق الأوربية19، في ظرفية دقيقة تميزت بالاستعمار الأيبيري للسواحل المغربية والمد العثماني في الجهة الشرقية، هذا ناهيك عن الاستراتيجية التي كان يخطط لها المنصور السعدي بهدف التوسع نحو الجنوب على حساب الأراضي السودانية لضمان موارد الذهب والعبيد، هذه الاستراتيجية لم تخل من المشاركة اليهودية على مستوى الدعم والتحميس والتشجيع، نظرا إلى لهفة اليهود واشتياقهم لمناجم التبر وعرق العبيد20؛ الشيء الذي يفسر اليد الطولى للعنصر اليهودي في النظام السعدي.

    لكن هذه الحظوة التي نالها اليهود لدى السلطة السعدية، لم تكن خافية على أعين كل الملاحظين والمتتبعين للشأن العام السعدي، وفي هذا السياق يؤكد محمد حجي في دراسته حول" الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين" أن العديد من الأوساط المغربية امتعضت كثيرا من ذلك التقارب الذي حصل بين الجهاز الرسمي السعدي والطرف اليهودي، وأن هذا الامتعاض جسده نقاش ساخن في الأوساط العلمية والفقهية المغربية، مشيرا إلى أن أهم نموذج لهذا الجدل الذي كان يدور في أوساط النخبة المغربية في تلك الفترة، هو الذي جسده الفقيه محمد بن عبد الكريم المغيلي، الذي انتقد بشكل صريح السياسة الرسمية تجاه الفئات اليهودية، بل امتطى المغيلي المد الشعبي وارتكن إلى الحقل الشرعي لإدانة هذا النوع من السلوك الذي أقدمت عليه الدولة السعدية؛ حيث اعتبرها مخلة بقواعد الشرع وأحكام الدين، مما جعل فكر المغيلي يصل إلى العديد من الأرياف والحواضر المغربية، فانتصر له الكثير من المؤيدين، مثل الفقيه الحسني المدغري في الجنوب والفقيه بن خجو الشفشاوني في الشمال، لكن المثير في المسألة، هو أن هناك من الفقهاء من عارض المغيلي ورد على أقواله واعتبر مواقفه من التشدد بمكان21. إلا أن موقف المغيلي المعارض لتسرطن العنصر اليهودي في الأجهزة والمؤسسات السعدية، ربما يستجيب لتراكمات تاريخية عديدة خلفتها الممارسات اليهودية داخل المغرب وخارجه، وخاصة علاقتهم مع الفئات الشعبية التي اتسمت دوما بنوع من عدم الرضى والارتياح من طرف باقي عامة المجتمع المغربي، المتأثرة بالتعاليم الإسلامية الواردة في النصوص القرآنية أو السنة النبوية والتي تبين بالملموس الجوانب السلبية في الشخصية اليهودية تاريخيا؛ مثل الدسائس22، والاحتيال* وعدم وفاء اليهود بالعهود؛ كما جاء في سورة النساء »فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق « 23، وقوله تعالى: » أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم « 24، وقوله أيضا: » فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية« 25، هذا ناهيك عن بث المكائد والحروب وزرع الفرقة بين الجماعات »كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا «26، كما يعرفون بإفساد الأخلاق والنفوس، وهو ما اعترفوا به هم أنفسهم من خلال بروتوكول حكماء صهيون الذي وضعوه في مخططاتهم السرية، والذي جاء فيه"إن الشباب قد انتابه العته لانغماسه في الفسق المبكر الذي دفعه إليه أعواننا من المدرسين والخدم والمربيات اللائي يعملن في بيوت الأثرياء والموظفين والنساء اللواتي يعملن في أماكن اللهو ونساء المجتمع المزعومات اللواتي يقلدنهن في الفسق والترف"27. هذا علاوة على صفات أخرى مثل الغش والربا وأكل السحت والحرام، وهو ما عبرت عنه العديد من الآيات القرآنية28. هذا دون الحديث عن الإجرام29 والسحر والشعوذة 30.

  إن هذه الصفات التي وردت في النصوص الدينية، أكدتها الوقائع الاجتماعية والأحداث التاريخية التي تؤرخ لماضي اليهود في المغرب وتعمدهم الإساءة لغيرهم من خلال الاحتيال عليهم وغشهم31، هذا ناهيك عن التضييق عليهم في جمع الكلف المخزني، عند ما قلدهم بعض حكام المغرب هذه المسؤولية32؛ حيث وجدوها فرصة للاغتناء على حساب العرب والأمازيغ وباقي العناصر المكونة لمورفولوجية المجتمع المغربي من جهة، ومن جهة أخرى، فهم وظفوا هذه المسؤولية التي أنيطت بهم توظيفا سياسيا، للتقرب أكثر من السلطة الحاكمة والظهور في أعينها بمظهر الخادم الأمين الساهر على المصالح العليا للمخزن؛ إذ من خلال الجهاز الجبائي ومدى استجابة الرعية لشروطه ومتطلباته العينية والنقدية، يمكن للمخزن المغربي أن يقيس درجة حرارة المجتمع من حيث الطاعة والخضوع للسلطة المخزنية؛ وهو ما يفسر ذاك النوع من التحالف بين العنصر اليهودي والجهاز المخزني*، هذا التحالف الذي طالما ولد ردود فعل قوية من قبل خاصة وعامة المجتمع المغربي، فأصبحت كراهية الناس للمؤسسات المخزنية لا تقل عن كراهيتهم للممارسات اليهودية، ما دام الجهاز المخزني هو المسؤول المباشر عن فرملة السلوكيات اليهودية وإخضاعها للأمور الشرعية 33.

  ب- اليهود في تافيلالت:

   تعتبر منطقة تافيلالت من أكثر المناطق المغربية استيطانا من قبل اليهود الوافدين على المغرب؛ إذ يؤرخ للتواجد اليهودي في هذه المنطقة الشبه صحراوية بفترات زمنية سحيقة، إلى حد أن اليهودي ناعوم سلوش، أشار إلى كون اليهود استوطنوا تافيلالت منذ القديم، بل كانوا من بين العناصر التي لها قصب السبق للاستقرار في المنطقة الفيلالية، وذلك بدليل أن مصطلح تافيلالت نفسه، هو في واقع الأمر مشتق من إحدى الطوائف اليهودية التي كانت متواجدة بالمنطقة والتي كان يطلق عليها محليا تافيلات Tafilat، إلى جانب طوائف يهودية أخرى كثيرة اشتهرت بالحرف والصنائع والمتاجرة في الذهب والحلي وغير ذلك34. يضيف هذا الباحث اليهودي أن المجال الصحراوي المغربي في عموميته وشموليته، عرف تواجدا يهوديــا مكثفا من السودان وتومبوكتو جنوبا إلى جبال الأطلس شمالا، مؤكدا أن العديد من الواحات والأحواض في هذا المجال الشاسع، كانت مأهولة بالعناصر اليهودية؛ مثل سوس ودرعة وزيز وغيرها، بدليل أن الكثير من الشواهد المادية (بقايا أثرية) والفكرية (العادات والتقاليد) كانت – وما زالت- قائمة هناك إلى غاية بداية القرن الماضي35. لقد تعزز التواجد اليهودي في حوض زيز الأسفل بعد إقامة حاضرته التاريخية مدينة سجلماسة وما ضمته من مغريات للعنصر اليهودي؛ حيث يذكر"صاحب الاستبصار" أن سبب رغبة استقرار اليهود في سجلماسة هو كون هذه المدينة كانت "باب المعادن ومحط التجارة "36، سيما وأن كثيرا من المناجم التي تم استغلالها ببلاد الأمازيغ قبل وبعد الفتح العربي الإسلامي  لشمال إفريقيا "كانت تشرف عليها الجماعات [ اليهودية ] فضلا عن اختصاصها في ضرب العملة أيضا"37. مما يعني أن التواجد اليهودي بالمنطقة كان قديما، وهو ما يفسر أيضا اهتمام اليهود بسجلماسة، التي لعبوا في أحداثها التاريخية ووقائعها السوسيو- اقتصادية، الأدوار الطلائعية 38.

   في السياق نفسه تناولت الباحثة مونيي العناصر المكونة للمجتمعات الواحية قي الجنوب الشرقي، كما هو الحال في تافيلالت بحوض زيز الأسفل، ثم حوض غريس ودادس وفركلة، وأبرزت أن اليهود في فترة من الفترات التاريخية الأولى لهذه المنطقة، كانوا في أعلى الهرم الاجتماعي لساكنة هذه المجالات نظرا إلى ثرائهم وغناهم الواضحين، إلا أن العناصر اليهودية صارت أمشاجا وأخلاطا مع باقي العناصر الأخرى بفعل الانصهار والذوبان اللذين تعرضت لهما خلال صيرورة تاريخية جد مطولة، إلى أن أصبح اليهود في النصف الأول من القرن العشرين يشكلون أقليات في المناطق المذكورة 39. إن السيطرة اليهودية على بعض المناطق في الجنوب المغربي كانت واضحة للغاية، إلى درجة أن بعض القبائل والتجمعات السكانية كانت تدعي اليهودية تقربا من العنصر اليهودي ومخاطبة وده نظرا إلى قوته وثرائه، وبسبب تحكمه في الذهب السوداني، مما كان يشكل عامل طمع بالنسبة إلى الفئات الأخرى غير اليهودية التي كانت تتظاهر بانتمائها لهذه الجلدة40. أما دولاشبيل De Lachappelle فقد اعتبر أن العناصر اليهودية وبعض القبائل الأمازيغية وفدت على توات وسجلماسة ودرعة ووادي نون في زمن متقارب للغاية، فعمل هذان العنصران على إقامة العديد من المراكز التجارية بعد حصول نوع من التحالف بين الجانبين، الشيء الذي ساعدهما على توسيع مجال الاستقرار في اتجاه السودان وخاصة في القرون العشرة الأولى للميلاد41، ويفسر دولاشبيل قدوم اليهود إلى المغرب بسبب الحملات العسكرية التي كان يشنها الرومان ضد شمال إفريقيا، وخاصة بعد التغلغل الروماني في شمال المغرب الأقصى42؛ حيث أسهم اليهود في بناء سجلماسة ورفع قواعد بيوتها 43، باعتبارها " باب المغرب على الصحراء الكبرى المؤدية إلى مناطق استخراج التبر"، مما جعلها تعرف "استقرار العنصر اليهودي بتجمعات كبيرة "44، وخاصة بعد ما"علم اليهود أن التبر أمكن بها من غيرها من بلاد المغرب لكونها بابا لمعدنه"45، فمارسوا بها التجارة والبناء وحتى الكنافة46. مما جعل حرفة الكنافة تلتصق بالعنصر اليهودي وتلازمه، إلى حد أنها صارت سمة من سماته، بل بات من المعروف لدى ساكنة هذه المدينة أنه "من دخل في الكنافين من أصناف الناس سموهم المجرمين لإجرامهم على حرفة موقوفة على    اليهود" 47. وهو ما يبين من جانب آخر، نوع العلاقة التي كانت تربط اليهود بغيرهم من سكان سجلماسة، هذه العلاقة التي أقل ما يقال عنها إنها انطبعت بطابع الحيطة والحذر وفقدان الثقة بين الجانبين48 وهو ما تؤكده اليوم الذاكرة الشعبية الجماعية في مدينة الريصاني[i].

   إذا كانت الكتابة التاريخية العربية تمقت اليهود من خلال تعاطيهم لحرفة البناء والكنافة في تافيلالت، فإن الكتابة الأجنبية ترى في ذلك العكس تماما،  حيث تفسر سبب تعملق اليهود في الشأن السجلماسي، بالاحترافية العالية لليهود في فن البناء الذي من خلاله خالطوا أهل هذه المدينة من القمة إلى القاعدة، كما استطاعوا بواسطته التعريف بقدراتهم وطاقاتهم الإبداعية التي جسدتها مختلف الرسوم والأشكال الهندسية التي طبعت المعمار في الجنوب الشرقي عامة؛ حيث صار لليهود صيت كبير لدى المجتمعات الواحية المتواجدة بالمنطقة، مما أهلهم لاعتلاء مكانة مرموقة في الهرم الاجتماعي للمجتمع الصحراوي49. هذه المكانة تعززت بشكل لا مرد فيه، عند ما أقام اليهود إمارة خاصة بهم في درعة، هذه الإمارة كان لها تواجد بارز على الساحة السياسية للمنطقة إلى غاية القرن الحادي عشر الميلادي (الخامس الهجري)50. مما يعني أن اليهود الذين استوطنوا المغرب بدأوا يفرضون سيطرتهم على عدد من مناطقه، التي ما زالت مطبوعة بطابع يهودي؛ مثل صفرو والصويرة ووزان من خلال منطقة أسجن، إلى جانب سجلماسة ومنطقة درعة التي أقاموا فيها لنفسهم كيانا سياسيا، حاولوا من خلاله تجسيد التجربة اليهودية في المغرب على المستوى السياسي، إلى جانب التجارب الأمازيغية والعربية51، وباتوا يعرفون بتجربتهم السياسية لدى الممالك الأوربية مثل مملكتي أرغون ومايوركا الأيبيريتين، وهذا واضح من خـــلال الترخـــيص الذي منحه حاكم أرغون ليهود سجلماسة ودرعة يسمح لهم بالمتاجرة في بلاده52، فنشطوا التجارة بين العدوتين من خلال تصديرهم لجلود مختلف الحيوانات كالأغنام والماعز والجمال والأبقار، إضافة إلى الأسماك المملحة والمجففة، كما صدروا بعض الحيوانات وخاصة الخيول من نوع البارب، ناهيك عن الشب الأبيض السجلماسي الذي كان مشهورا في بلاد الفلاندر، علاوة عن المنسوجات الصوفية ومادة الشمع. هذه المواد كانت في بعض الفترات التاريخية حيوية واستراتيجية بالنسبة إلى المجتمع الأوربي الذي كان متلهفا للحصول عليها. مما يعني أن المتاجرين فيها حصلوا على ثروات طائلة وظفوها في إقامة الشركات والمقاولات والوكالات التجارية في تافيلالت كما كان الحال بالنسبة إلى العديد من الأسر مثل أسرة المقري التلمساني53.

  على الرغم من سقوط سجلماسة في القرن الرابع عشر الميلادي (الثامن الهجري)، فإن التواجد اليهودي في تافيلالت لم يتأثر بهذا الحدث، بل على العكس من ذلك، فإن العناصر اليهودية مكنت لنفسها في العديد من القصور الفيلالية؛ مثل قصر تابوعصمت وقصر المامون والقصر الفوقاني والقصبة السجلماسية، وغيرها من القصور والقصبات التي ظهرت بالمنطقة، كما نستشف ذلك من خلال المعلومات القيمة التي أوردها ليون الإفريقي في هذا الصدد، وذلك بعد زيارته لتافيلالت في بداية القرن 16 م (10هـ)؛ إذ لاحظ مدى المكانة المتميزة التي أصبح يحظى بها اليهود في هذه القصور54. بل المد اليهودي صار قويا في القرن 17 م / 11 هـ، كما تؤكد ذلك العديد من القصور اليهودية التي بنيت خارج تافيلالت، وخاصة في المجال الواحي الخصب، كما هو الحال في زيز الأعلى الذي احتضن قصرا يهوديا مشهورا يدعى قصر موشقلال55، ناهيك عن قصر بني موسي56. إضافة إلى الكثير من القصبات أهمها صيبة آيت موحى وعلي57، علاوة على مجموعة من الملاحات، مثل ملاح قصر السوق58، الذي استمر كمركز يهودي كبير إلى غاية القرن العشرين، فاهتمت به السلطة الاستعمارية الفرنسية وحولته إلى نواة حضرية. مما جعل معظم يهود الجنوب الشرقي يتوجهون إليه، فصارت مورفولوجيته الاجتماعية تتشكل في غالبيتها من العناصر اليهودية، إلى حد أن الفئات العربية والأمازيغية كانت تمتعض من الإقامة في قصر السوق خشية نعتها بالتهود ومخالطة اليهود59، كما أن التواجد اليهودي استمر إلى عهد قريب"بمدينة الرشيدية حيث ما زالت دورهم ودكاكينهم وبيعهم ماثلة للعيان، وما زالت بعض بقاياهم حتى العهد الحالي"60. ومن أبرز هذه البقايا العديد من المقابر اليهودية، أشهرها مقبرتان: "الأولى توجد بقصر موشقلال بالقسم العلوي من مدغرة، والثانية توجد بالقيادة الجنوبية الغربية من مدينة الرشيدية وهو الموضع الذي نهض فيه حي المسيرة الخضراء "61. هذا دون إغفال العديد من المقابر المتواجدة في جهات أخرى، وخاصة المقبرة اليهودية في سجلماسة على الضفة اليسرى لوادي زيز قرب مدينة الريصاني، والتي خضعت –وما زالت– للعديد من الترميمات من قبل اليهود الإسرائيليين وغيرهم، الذين ينظمون إليها رحلات سنوية مستمرة، وخاصة في أعياد رأس السنة الميلادية؛ حيث تحظى الآن بحماية أمنية وحراسة دائمة، كما أحيطت بسياجات من الأسلاك الشائكة، وفيها مكان دائم للحراسة على مدار الساعة، كما أنها في توسع مستمر من عام لآخر على حساب مدينة سجلماسة الأثرية.

    لكن الملفت للانتباه هو انقراض العنصر اليهودي بمنطقة تافيلالت حاليا بشكل نهائي وتام، وذلك بسبب الهجرة اليهودية داخل المغرب وخارجه62. هذه الهجرة لم تكن قسرية وإرغامية بل كانت طوعية واختيارية، وتمت عبر مراحل مختلفة امتدت منذ التدخل الاستعماري في المغرب إلى غاية الهزيمة المذلة للأنظمة العربية في حرب 1967 أمام الكيان الإسرائيلي63، حيث كان اليهود في البداية يرحلون من القصور ويستقرون في المراكز الحضرية الجديد التي أقامتها فرنسا كأرفود والريصاني والرشيدية، ثم بدأوا يهاجرون نحو بعض المدن الداخلية كفاس ومكناس أوالساحلية كالرباط والدار البيضاء وآسفي والصويرة، وفي مرحلة نهائية بدأوا يغادرون المغرب في اتجاه بعض الدول الأوربية أو نحو إسرائيل بل منهم من هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. وبذلك سقط أحد المكونات الأساسية للمورفولوجية الاجتماعية بمنطقة تافيلالت، وظهرت تركيبة سكانية جديدة بالمنطقة تتكون من الشرفاء والعرب والأمازيغ والحراطين فقط.

وفي الختام لا بد من التأكيد أن العنصر اليهودي ظل دوما يشكل جانبا من الجوانب الهامة في المورفولوجيا الاجتماعية لسكان المغرب عامة وتافيلالت خاصة، كما أنه ظل يحظى بكثير من التقدير والاحترام من قبل السلطة المخزنية، وأسهم في العديد من المناسبات في تشكيل بعض من ملامحها، كما أن العلاقة التي كانت تجمع اليهود المغاربة بمختلف الشرائح الاجتماعية الأخرى المسيحية والمسلمة وحتى غير المتدينة كانت تنطبع في الغالب بنوع من التعايش والتساكن والتسامح مع كثير من الحيطة والحذر، كما أن اليهود أثروا بعمق في كثير من القضايا الاجتماعية والتاريخية والثقافية والعمرانية للجنوب الشرقي عامة وتافيلالت خاصة.

 



1-علي بن يوسف الحكيم: "الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة "، مجلة معهد الدراسات الإسلامية، مدريد، 1958، ص. 178.

2-إبراهيم حركات، السياسة والمجتمع في العهد السعدي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء 1987، ص. 34.

3 – Monteil ( CH ) ; «  Problème de Soudan Occidental: Juifs et judaïsme » , H, 3 – 4 trimestre. 1976 , p. 270.

4 – Ibid. p. 270.

5 – Meunier ( D.J ) , Le Maroc Saharien des origines à 1670,Paris,1980. p.227 – 228.

6 –Faure ( R ) , Le Tafilalet: Etude d’un secteur traditionnel d’irrigation , Paris , 1968 , p.111.

7 – Khamboubi ( A ) , Les premiers Sultans Mérinides 1269 – 1331: histoire politique et sociale , Paris , 1987. p.176.

8 – Ibid. p. 107.

10  - علي بي يوسف الحكيم: " الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة "، م. س. ص. 117 – 118.

11  - علي محمد محمد علي الصلابي، إعلام أهل العلم والدين بأحوال دولة الموحدين،الشارقة،2001، ط1، ص.36. كما ينظر أيضا: روجر لي تورنو، حركة الموحدين في المغرب في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، تعريب الدكتور أمين الطيبي، شركة النشر والتوزيع، المدارس، الدار البيضاء، 1998، ط. 2، ص..1 1 - 50.

12  - مؤلف مجهول  [عاش في القرن 6 هـ / 12 م ]، الاستبصار في عجائب الأمصار، نشر وتحقيق الدكتور عبد الحميد سعد زغلول، الدار البيضاء، 1985، ص. 201.

13  - علي ين يوسف الحكيم:" الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة "، م. س. ص. 178.

14 نفسه، ص. 177 – 178.

15 – Dufourcg ( Ch.E ) ,L’Espagne catalane au XIII et XIV siècle , Paris , 1966 , P.141.

16  - أحمد عبد اللوي علوي، مدغرة وادي زيز: إسهام في دراسة المجتمع الواحي المغربي خلال العصر الحديث، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1416 هـ / 1996 م. ج 1. ص. 289.

17  - نفسه، ص. 289.

18  - عبد العزيز الفشتالي، مناهل الصفا في مآثر موالينا الشرفا، الرباط، 1972، ص. 210.

19 –Berthier ( P ), Les anciennes sucreries du Maroc et les réseaux hydrauliques, Imprimerie francise et marocaine , Rabat , 1966, T.1, p. 227 – 228.

20  - Ibid. pp. 228 – 230.

21 - محمد حجي، الحركة الفكرية في المغرب في عهد السعديين، ج 1، منشورات المغرب للترجمة والتأليف والنشر، 1976، ص. ص. 268 – 27

22 -عفيف عبد الفتاح طباره، اليهود في القرآن، دار العلم للملايين، بيروت، 1995،  ص42–43.

* -  ولو على حساب الأجهزة العليا للمخزن كما حدث في عهد السلاطين مولاي عبد الرحمن بن هشام والمولى محمد الرابع والمولى الحسن؛ حيث تملص اليهود من الواجبات المخزنية مستغلين في ذلك بنود الاتفاقية التجارية المغربية البريطانية 1856، والاتفاقية المغربية الإسبانية 1861، والاتفاقية المغربية الفرنسية 1863، وقد أقرت هذه الاتفاقيات مبدأ الحماية القنصلية الذي تمت شرعنته في عهد السلطان المولى الحسن الأول على إثر مؤتمر مدريد 1880 حيث خرج اليهود بموجب قراراته عن طاعة المخزن وتخلصوا من صفة الذميين وأداء الجزية

23  - القرآن الكريم، سورة النساء، الآية 154.

24 – القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 100.

25  - القرآن الكريم، سورة المائدة، الآية 13.

26  - القرآن الكريم، سورة المائدة، الآية 64.

27 - عفيف عبد الفتاح طباره، اليهود في القرآن، م. س. ص. 46.

28  - القرآن الكريم، سورة المائدة، الآيتان 62 و63.

29 - عفيف عبد الفتاح طباره، اليهود في القرآن، م. س. ص. 45.

30  - نفسه، ص. 50.

31  - علي بن يوسف الحكيم: "الدوحة المشتبكة في ضوابط دار السكة "، م. س. ص. 178.

32  - نفسه، ص. 178.

33 - محمد حجي، الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين، م. س. ص. ص. 268 – 270.

34 – Sleuch ( N ) , Etude sur l’histoire des juifs au Maroc , Archive marocaine , vol. VI , 1906 , P. 23.

35 – Ibid. p. 23.

36 - صحيفة الترقي، ع. 253، 10 غشت، 1918.

37  - حسن حافظي علوي، سجلماسة وإقليمها، م. س. ص. 147.

38  - نفسه، ص. 147.

39  - Meunié ( D. J ) , Hiérarchie sociale au Maroc prèsaharien , H.1 –2em trimestre. 1958 p. 259.

40  - الشريف الإدريسي، وصف إفريقيا الشمالية والصحراوية، الجزائر، 1957. ص. 17.

41   - De Lachappelle: «  Esquisse d’une histoire du Sahara Oriental du VI au XIV siècle » , H. T.XI , 1930, p.52-53.

42 –Ibid. p.52.

43  - أبو عبد الله البكري، المغرب في ذكر بلاد إفريقيا والمغرب، الجزائر، 1857. ص.149.

44 – مؤلف مجهول، الاستبصار في عجائب الأمصار، م. س. ص. 201.

45  - نفسه، ص. 201.

46  - نفسه، ص. 201.

47 - نفسه، ص. 201.

48  - نفسه، ص. 202.

[i]  - أجرينا هذه الرواية الشفوية مع عدد من الشيوخ في القصبة الزيانية وقصر أبو عام فأكدوا لنا هذا النوع من العلاقة التي كانت تجمع بين اليهود وأهل الريصاني والتي كانت تتسم بالحيطة والحذر وعدم الثقة بين الطرفين.

49 – Rosemberger ( B ): «  Les villes d’exploitation minière et les centres métallurgiques du Maroc ; essaie de carte historique » , 2em partie , R. G. M , n°18, 1970 , p.69-70.

50 -Meunié ( D. J ) ,Le Maroc Saharien des origines à 1670 , op.cit, p.227 – 228.

إن البحث التاريخي في المغرب لا يقر بهذه الإمارة اليهودية إما لاعتبارات إيديولوجية أو لشح في المادة المصدرية.لكن إشكالية إثبات أو نفي وجود كيان سياسي يهودي في الجنوب الشرقي للمغرب تبقى قائمة ولا يمكن الحسم فيها إلا بأبحاث تاريخية رصينة وموضوعية لا عن طريق دراسات منفعلة وعاطفية تمسخ الحقائق التاريخية وتطمس جزء كبيرا من الهوية المغربية، كما حدث مع تاريخ الأمازيغ في المغرب الذي تحول من القاعدة إلى الاستثناء، الشيء الذي شوش على هوية المغاربة وجعلها عرجاء تعيش على إعاقة مستمرة وعاهة مستديمة، تحاول الدولة المغربية الآن جبرها ومعالجتها بعد ما أدركت خطورة اعتلالها.

51-إمارة الأدارسة في فاس وبرغوطة في تامسنا وبني مدرار في سجلماسة.حول كل واحدة من هذه الإمارات، ينظر:

-محمد الطالبي وإبراهيم العبيدي، البرغواطيون في المغرب،الدار البيضاء، ط 1، 1999.

-سعدون عباس نصر الله، الأدارسة في المغرب: العصر الذهبي 172-223 هـ/ 788 –835، بيروت، ط1، 1987.

عبد الرحمان ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون، المسمى: ديوان المبتدإ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر،ج7، دار الفكر،ط3، 1996. وخاصة الفصل الذي يتحدث فيه المؤلف عن بني خزرون ملوك سجلماسة، ص.50-53.

52 – Dufourcq: «  Une route de l’or au Moyen Age de l’Afrique Noire ; Majorque par Sijilmassa et Tlemcen » , Bulletin de l’information historique , Faculté de Lettre d’Alger , n°3, Janvier, 1966.

53- لسان الدين ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غر ناطة، القاهرة، 1975، ج2، ص. ص. 192 – 194.

54 - الحسن بن محمد الوزان، وصف إفريقيا، ج2،  م. س. ص. 126.

55 – De Foucauld ( ch. ) , Reconnaissances au Maroc , Paris , 1888 , p , 351.

56 - أحمد عبد اللوي علوي، مدغرة وادي زيز، ج1، م. س. ص. 193 – 194.

57 – Laoust ( E ): «  L’histoire chez les transhumants du Moyen Atlas » ,In Hesp. 1934 , p.163 – 164.

58 – Ibid. p.164.

59  - أحمد عبد اللوي علوي، مدغرة وادي زيز، ج1، م. س. ص. 292.

60  - نفسه، ص. 292.

61  - نفسه، ص. 295.

62  - Bel Meki  ( A) , Variation du parler arabe marocain du Sud ( Cas de Tafilalet ) , Mémoire de D.E.A, en linguistique , Université René  Descartes , Paris , Année universitaire 1988 – 1989. 

63- عبد الغني زين العابدين: "مجتمع الريصاني من خلال نماذج من أمثاله الشعبية " [ بحث لنيل الإجازة في اللغة العربية وآدابها ]، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكناس، السنة الجامعية 1990-1991. ص.13.