ص1       الفهرس 91-100 

 

"محاسن العربية في المرآة الغربية"

اللسانيات والترجمة وميزان النقد

حافيظ إسماعيلي علوي

توطئة :

الترجمة أداة من أدوات تحديث الثقافة العربية، ومدخل مهم لتجاوز ذهنية ما كان إلى ذهنية ما هو كائن ناجز، ومفتاح للدخول إلى الإنجازات العلمية والمعرفية المعاصرة، التي تشكل مظهرا من مظاهر الوضعية المعرفية الحديثة.

لقد أدرك العرب منذ أمد بعيد أهمية الترجمة ودورها في الانفتاح على "الآخر" وتعرف ثقافته وحضارته للتواصل معه؛ إذ «يذكر مؤرخو نشأة العلوم الإنسانية وتطورها أنها بدأت في القرن الأول الهجري، ثم تطورت بعد ذلك نتيجة لعوامل متعددة، لتصل مداها إبان العصر العباسي، وبخاصة عهد المأمون...»[1].

وفي الوقت الذي أصبحت فيه أهمية الترجمة العلمية تتعاظم اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نتيجة للانفجار المعرفي الكبير، والتقدم التكنولوجي الهائل في جميع مجالات الحياة، تعيش حركة التعريب والترجمة في البلاد العربية تعثرا كبيرا، وهذا على عكس ما يفرضه منطق العقل، الذي يحتم أن تولى الترجمة أولوية خاصة في العالم العربي، لكونه متلقياً للمعرفة العلمية أكثر منه منتجاً لها.

 وللتدليل على تخلف الترجمة في ثقافتنا يكفي أن نشير هنا إلى «أن بلدان الوطن العربي، البالغ تعداد سكانها 250 مليون نسمة في العام 1992، قد أصدرت 6795 مطبوعة، تأليفا وترجمة، في العام 1992، منها 548 مطبوعة فقط في العلوم. بينما دولة واحدة، كإسبانيا، مثلا، البالغ تعداد سكانها 39 مليون نسمة فقط، أصدرت في العام ذاته 41816 مطبوعة، منها 2512 مطبوعة في العلوم. هذا يعني أن دول الوطن العربي مجتمعة، وتعداد سكانها ستة أضعاف تعداد سكان إسبانيا، تصدر فقط سدس ما تصدره إسبانيا وحدها، والتي تعتبر دولة متقدمة علميا. كما أن عدد عناوين الكتب المترجمة، في كافة أقطار الوطن العربي، منذ ما بعد عهد الخليفة العباسي، المأمون، وحتى عقد التسعينيات من القرن العشرين المنصرم، لا يصل هذا العدد إلى 15 ألف عنوان. وهذا ما يساوي ما ترجمته دولة البرازيل وحدها، وهي من الدول النامية، في 4 سنوات»[2].

وإذا كان هذا هو وضع الترجمة عموما في الثقافة العربية، فإن وضع الترجمة اللسانية ليس أحسن حالا، على الرغم من إدراك العرب لأهمية اللسانيات في القرن العشرين، وقدرتها الجبارة على صياغة المعرفة النقدية الحديثة وخطرها في تشكيل الوعي المنهجي المتجدد في العلوم الإنسانية والاجتماعية[3]، وعلى الرغم، أيضا، من أن الترجمة اللسانية من أهم الأبواب التي بها يمكن، بل ينبغي للبحاثين العرب أن يساهموا في نشر اللسانيات العامة الحديثة بربوعنا نشرا سليما بعيدا عما يكتنف -مع الأسف- الكثير من أعمال التبسيط اللساني الصادرة بالعربية أصلا من خلل واضطراب[4].

وتتحكم في تخلف الترجمة اللسانية في ثقافتنا العربية اعتبارات كثيرة نجملها فيما يلي:

+ تأخر البعثات اللسانية إلى الخارج، التي لم تعرف إلا منتصف القرن العشرين، حينما أوفدت جامعة القاهرة(جامعة فؤاد الأول سابقا) عددا من المعيدين بها إلى كل من انجلترا، وألمانيا، وفرنسا، للتخصص في اللسانيات العامةgeneral linguistics ، أو اللسانيات المقارنة comparative Linguistics، وما تبع ذلك من قيام حركة لسانية حديثة تأليفا وترجمة[5].

+ غياب شرط التفاعل الحضاري الذي يشجع على الإقبال على ترجمة الكتب اللسانية؛ فما تزال اللسانيات تعتبر من العلوم الكمالية عند شريحة عريضة من المثقفين، وهذا يلخص الوضع الحالي للدرس اللساني في ثقافتنا، وهو الوضع الذي يبدو نتيجة طبيعية لملابسات التلقي؛ التي اعتبرت اللسانيات بموجبها علما غربيا لا يمكن أن يفيد الثقافة العربية في شيء[6].

+ ارتباطا بغياب شرط التفاعل الحضاري، نسجل عدم وجود سوق لسانية تدخل في عجلة الرواج. إن هذه السوق غير موجود لدينا للأسف.وهذا على عكس ما نجده في العالم المتقدم؛ فأي علم من العلوم كيفما كان لا بد له من مؤسسات سواء على مستوى الإنتاج أو الاستهلاك. كما أن الثقافة العربية تفتقر بشكل ملحوظ إلى كل جوانب التكامل الذي يفرض تداخل الاختصاصات، حتى تكتمل الدورة ويتم بلوغ الأهداف المتوخاة، وما يؤسف له أن اللسانيات معرضة أكثر من غيرها لاهتزاز الوضعية بسبب حاجتها الماسة إلى هذا التكامل. إن أي علم من العلوم سواء أكان رياضيا أم فيزيائيا أم لسانيا هو في حاجة ماسة إلى مؤسسات للإنتاج والترويج والاستهلاك، كما أن مجالات البحث تفرض هذا التكامل والتداخل.

+ إشكالية المصطلح اللساني : إن » مفاتيح العلوم مصطلحاتها، ومصطلحات العلوم ثمارها القصوى، فهي مجمع حقائقها المعرفية، وعنوان ما يتميز به كل واحد عما سواه.وليس من مسلك يتوسل به الإنسان إلى منطق العلم غير ألفاظه الاصطلاحية، حتى كأنها تقوم من كل علم مقام جهاز من الدوال ليست مدلولاته إلا محاور العلم ذاته ومضامين قدره من يقين المعارف وحقائق الأقوال«[7]. لكن، وعلى الرغم من هذه الأهمية، فإن المصطلحات اللسانية العربية ما تزال تشكل موضوعا سجاليا في الثقافة العربية، وتفتقد إلى الصرامة الاصطلاحية اللازمة، وتقف عائقا أمام تطور اللسانيات عوضا عن أن تكون مساعدا يقربنا من هذا العلم الحديث. 

+ وجود مجموعة من المدعين، فأصبح الخلط قائما بين خطابات/ترجمات لسانية، وخطابات/ترجمات محسوبة على اللسانيات لا تمت إليها بصلة. إن اللسانيات بوصفها علما من العلوم الإنسانية تقبل ما يمكن أن نسميه "الشعوذة اللسانية"[8]. وهذا يجعل الكثير من الكتابات/الترجمات التي تحسب على اللسانيات، لا تساعد الناس على استيعاب اللسانيات استيعابا صحيحا. ويزيد من تعميق هذا الإشكال غياب مؤسسة علمية يعهد إليها الاهتمام بمراجعة ما يكتب وتقويمه قبل نشره

غير أن هذه الصعوبات لا تعني مطلقا أن الثقافة العربية ظلت أرضا مواتا، تنعدم فيها كل ترجمة جادة، فالإنصاف يقتضي منا أن نشير إلى أن ثمة إشراقات عربية في مجال الترجمة، نجحت نجاحا في تفعيل الترجمة ونشر المعرفة، وتمكين القارئ العربي من الانخراط في الثقافة اللسانية المعاصرة، وربطه بسياقاتها الفلسفية والمعرفية والاستدلالية، وفي هذا الإطار نقدم نموذجا لهذه الترجمات الجادة في اللغة العربية، يتعلق الأمر بترجمة كتاب: "محاسن العربية في المرآة الغربية، أو دلالة الشكل في العربية في ضوء اللغات الأوروبية".

نبذة عن الكتاب المترجم وأهميته :

"محاسن العربية في المرآة الغربية، أو دلالة الشكل في العربية في ضوء اللغات الأوروبية". هو عنوان الكتاب الذي ألفه المستعرب الأمريكي المعاصر "ديفيد جستس" عام 1987، ونقله إلى اللغة العربية الدكتور حمزة بن قبلان المزيني، ونشره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية سنة 2005. يقع الكتاب في 663 صفحة من الحجم الكبير.

تكمن أهمية هذا الكتاب فيما يلي :

- أنه دراسة معمَّقَة للدلالة في العربية مقارنةً بما في اللغات الأوروبية القديمة والحديثة؛ إذ استقصى مؤلفه كثيرا من الظواهر اللغوية الشكلية التي تؤثر في التعبير عن الدلالة. وناقش نقاشا مستفيضا تلك العلاقة بين المعنى وشكل الكلمة وبينه وبين أشكال العبارات والتركيبات النحوية المختلفة. وقد تضمن الكتاب كثيرا من الآراء الجديدة في تحليل هذه العلاقة.

- لا يندرج الكتاب في اللسانيات المقارنة بالمعنى الدقيق للكلمة، فهو كإطار نظري ينضوي تحت لواء اللسانيات التوليدية، فيجمع مؤلفه بين مناهج لسانية متعددة: علم التاريخ اللغوي، وعلم الاجتماع اللغوي، اللسانيات الوصفية والمقارنة.

- يوفر الكتاب للقارئ قاعدة من المعطيات الصواتية والصرافية والتركيبية والدلالية التي يمكن أن تكون منطلقا للباحث في دلالة الأشكال والبنى. ويمكن إعادة صياغتها وتحليلها في نماذج لسانية معاصرة.

- يسد الكتاب الطريق على المزاعم التفاضلية التي تنطلق من فرضية المفاضلة بين اللغات، وهي أطروحة إيديولوجية أكثر منها علمية. ويمكن القول، إن هذا الطرح حاضر في مرجعيتين ثقافيتين: مرجعية ثقافية عربية تمثلها لسانيات التراث[9]، ومرجعية استشراقية متعصبة لأفضلية اللغات الأوربية[10]. في هذا الإطار يقدم الكتاب قيمة مضافة للقارئ العربي تتمثل في استحضار قراءة المستشرقين لعدد من الظواهر اللغوية وآرائهم من منظور المقارنة أو من منظور إعادة بناء تحاليل القدماء، أو أحيانا اقتراح اجتهادات خاصة في تحليل الظواهر اللغوية العربية، ولا شك أن استحضار هذه المنظورات الاستشراقية في دراسة مظاهر الصرف والتركيب والدلالة تمكن القارئ من الإلمام بمنظورات قرائية متعددة غير منحصرة في المرجعية النحوية التراثية.

- يتميز الكتاب أيضا بدفاعه العلمي العميق عن العربية في مواجهة اللغط غير العلمي المألوف الذي يثار في بعض الكتابات المتحيزة، ويتمثل في الإشارات الكثيرة إلى ما يزعم أولئك أن فيه دلالة على عيوب تصور قصور العربية وقصور العقلية العربية التي تتكلمها. وقد بين المؤلف بتفصيل عميق أن هذه المزاعم غير عادلة، بل سطحية، وهي تدل على مدى جهل قائليها بطبيعة اللغات عمومًا، كما أنها تدل على أن من يتفوهون بتلك المقولات يجهلون لغاتهم هم، حقيقة، لأن تلك العيوب المزعومة (إن كانت عيوبا بالمفهوم اللغوي المحض) موجودة في اللغات الأوروبية نفسها التي ينظرون إليها على أنها النوع الأرقى من اللغات. وبين أن كثيرا من تلك الآراء ينطلق من مواقف مسبقة غير موضوعية من اللغة العربية لأسباب ثقافية وإيديولوجية في الغالب، كما سنبين في عرضنا التفصيلي لمحتويات الكتاب. وبالمقابل جاء الكتاب ردا علميا هادئا على مجموعة من المغالطات والمزاعم المتحيزة ضد اللسانيات التي يرددها بعض الباحثين العرب، انطلاقا من أن البحث اللساني لا يمت بصلة إلى الثقافة العربية واللغة العربية؛ لأنه «بحث أوجدته ظروف اللغات الأوربية التي تختلف في انتماءاتها وتكوينها وبيئاتها وشعوبها المتكلمة بها وتأريخها عن العربية وظروفها، اختلافا كبيرا، يجعلنا في موقف رافض لكل ما يراد من الباحثين المعاصرين العرب أن يسلكوه، أو يتعاملوا به مع العربية»[11].فقد جاء كتاب جستس ليفند هذه المزاعم من خلال محاولته إنصاف العربية، فهدفه، كما يقول، أن يجعل من دراسته: «مرآة لسانية متعاطفة مع العربية. وسوف تستقصي هذه الدراسة الاستراتيجيات والبنى التي تبدو كأنها تميز هذه اللغة، وسوف تحاول أن تجلي عنها الغموض بإيراد المشابهات الأساسية لها في اللغات الأوروبية المعروفة. وغرضي هنا ذو شقين: أن أكشف للقارئ الخصائص المتحققة في الفضاء اللغوي العربي، وأقصد بذلك الارتباط بين الوزن والمعنى الذي يمكن أن تَفخر به العربية فخرا خاصا؛ ثم أكشف، حين يكون ذلك ملائما، الإجراءات الشكلية التي نستعملها نحن [يقصد متكلمي اللغات الأوروبية] في لغاتنا لنؤدي الأغراضَ الدلالية نفسها»[12].

 

العرض التفصيلي لمحتويات الكتاب :

انتظم الكتاب في ثلاث مقدمات(مقدمة المترجم) و(مقدمة المؤلف للترجمة العربية) و(مقدمة المؤلف)، وتمهيد واثني عشر فصلا جاءت موزعة على النحو الآتي :

التمهيد :

استهله المؤلف بالإشارة إلى أن مصطلح "اللغة العربية "وصف واسع جدا، وقد رسم حدود هذا المصطلح، وخص استعماله بتحديد دقيق في الدراسة التي يروم القيام بها، من غير أن يعني ذلك الحديث عن التاريخ الخارجي للغة العربية أو أن يحدد مكانها في الأسرة اللغوية التي تنتمي إليها. لقد "بدأت العربية الأدبية التي نعرفها بداية دقيقة مع القرآن الذي بدأ نزوله شفهيا في سنة 610م. ومع أنه لم يجمع جمعا كاملا إلا في خلافة عثمان (644-656م) إلا أن ظروف جمعه تجعلنا نطمئن اطمئنانا يكاد يكون كاملا إلى الدقة التي روي بها"(ص 17)

ويشير المؤلف أيضا إلى أن الشعر صيغ بلغة مشتركة قريبة من اللغة التي أنزل بها القرآن وازدهر قبل البعثة بقرن أو يزيد. كما وقف على المشكلات التي أثارها تدوين هذه المادة اللغوية بعد الإسلام، والتي وصلت إلى حد التشكيك في صحة الشعر الجاهلي(ص ص 17-18).

 يعرض المؤلف أيضا، للظروف التي ساعدت على استمرار صلاح الوصف الذي أعطاه على الإنتاج الأدبي والرسمي عبر العصور حتى عصرنا الحاضر، ومن تلك الظروف، مركزية القرآن لدين عظيم، وهو الكتاب الذي لم يترجم ولم يعدل، والمكانة السامية للشعر عند العرب.

ويشير الكاتب إلى الاختلافات المعجمية والأسلوبية، بالإضافة إلى اختلافات ليست أساسية في النحو، لكنها اختلافات لا تزيد عن تلك التي نجدها في لغات أخرى، وحتى وإن رغبنا في تجزيء هذه اللغة النموذجية، فإن ذلك لا يتعدى حدود وصفها بمصطلحات مثل "العربية المبكرة"، مما يعني أن مقياس التجزيء تاريخي وليس بنيويا؛ فالتمييز بين العربية واللهجات "ينبغي ألا يتوقع أن تنطبق الأحكام التي أطلقها على"العربية"، لزوما، على أية واحدة من اللهجات، ذلك أن اللهجات ـ مع أن أغلبها أقل اختلافا بعضه عن بعض من اختلاف الفرنسية اليومية عن اللاتينية ـ تمثل لغات مختلفة كما تمثل بالأخص منظومة من الديناميات اللسانية الاجتماعية المختلفة جدا". (ص19)

وتنم هذه الملاحظة عن وعي سوسيولساني عميق لدى الباحث، لأنه يقارن بين العربية الكلاسيكية واللهجات المتفرعة عنها، واستناد الباحث لمقاييس سوسيولسانية أو تاريخية غايته القصوى منها تفادي الأحكام والتعميمات الزائفة. وعلى عكس المسار التاريخي الاجتماعي واللغوي للعالم اللاتيني/الرومانثي(تحول اللهجات الرومانثية لتصبح لغات نموذجية مكتوبة) لم ترتق أية لهجة في العالم المتكلم بالعربية إلى مكانة اللغة النموذجية المكتوبة حتى في المنطقة التي تستخدم فيها تلك اللهجة، لهذا ظل متكلمو اللهجات العربية إلى الآن يستعملون اللغة القديمة المثقلة بالتاريخ في الأغراض الأدبية والرسمية(ص20)

الأمر لا يقتصر على صعوبة رسم حدود اللغة [العربية]، إذ تتمثل هذه الصعوبة أيضا في رسم الحدود بين المستويات والأنواع فيها، وهذا ما استلزم حذرا منهجيا في دراسته التي اهتم فيها بالأسلوب والتركيب.

الفصل الأول : صعوبة اللغة العربية

استهله المؤلف بالحديث عن مسلمة رئيسة مفادها صعوبة اللغة العربية. لقد وجد المؤلف أن العربية أكثر صعوبة من اللغات الهندية الأوربية الحديثة التي درسها، لكنه يجادل الذين يرون أن اللغة العربية صعبة على التعلُّم قائلا:"أما أنا فقد وجدت اللغة العربية أكثر صعوبة من اللغات الهندية الأوروبية الحديثة التي درستُ، لكنني انتهيت إلى أن الجانب البنيوي المحض ـأي نظامها اللغوي المجرد ـ لا يُسهِم في هذه الصعوبة إلا بقدر ضئيل"(ص25).

إن اللغة العربية، من حيث البنية، لغة مطردة ومصقولة بشكل غير معهود. وتسهم في ذلك عوامل عديدة منها:

- اطراد الأفعال بشكل عام، مع وجود عدد قليل من القواعد الصواتية الضرورية التي تعمل على الكلمة لتصل بها إلى شكلها المنطوق...

- أن معظم المعجميات تبنى من ثلاثة أصوات صامتة تدخل في عدد قليل من أنماط الحركات (الأوزان)

- اطراد التركيب

لا وجود في العربية إلا للمذكر والمؤنث، فباستثناء عدد محدود من الحالات، يخضع التذكير والتأنيث لقاعدة دلالية واحدة.

- وجود ثلاث حركات للإعراب فقط... (ص27)

والمشكلة الواحدة في اللغة العربية هي مشكلة بنيوية تحديدا، وهي أنه لا يمكن التنبؤ بجمع الاسم، لوجود احتمالات نظرية كثيرة.

ويفسر المؤلف صعوبة اللغة العربية بأسباب خارج اللغة بوصفها نظاما مجردا، وهي أسباب تاريخية  وأسلوبية واجتماعية توقف على أهمها بتفصيل. وبما أن الكتاب موجه بالأساس إلى القارئ الغربي، فإن المؤلف عادة ما يستدل على ما يقوله بعقد مقارنات بين الوضع في اللغة العربية، وغيرها من اللغات الأخرى. ومن أهم الخلاصات التي انتهى إليها أن الصعوبة التي تلصق بالعربية ترجع بالأساس إلى الافتراضات المسبقة التي تتخفى وراء الأفكار المعبر عنها، ولعدم وجود طرق تعليمية عامة معترف بها لتعليم العربية، فكتب المقدمات المتوفرة الآن ليست مرضية.وبالتالي يتمكن المؤلف ديفيد من تمييز مستويات الصعوبة المزعومة، والتي تقترن بالخلفيات المسبقة من جهة، وبعدم وجود أنحاء تيسيرية لتعلم اللغة العربية لكون الجهاز التعليمي ظل أسير لغة النحاة الواصفة. كما يقدم المؤلف على هذا المستوى بعض الاقتراحات الجديرة بالاهتمام.

ويحاول ديفيد جستس دحض الكثير من المقولات السلبية التي تنطلق من الزعم بأن هناك عيوبا بنيوية في اللغة العربية مما يجعلها عصية على التعلم والفهم والنمو والوفاء بالتعبير عن الأغراض العلمية المعاصرة. وهي مقولات سادت في السياق الثقافي الغربي (والعربي) لأمد طويل، من غير أن يتصدى لها أحد بالدرس العلمي المستقصي الرصين. وقد نجح المؤلف ببراعة في تفنيد تلك المقولات الاتهامية الواحدة تلو الأخرى؛ إلا أن تحليلاته لم تكن "دفاعًا" عن اللغة العربية بقدر ما كانت تجلية لأمر مهم هو أن اللغة العربية لغة بشرية طبيعية تتضمن من الظواهر ما تتضمنه اللغات الأخرى[13]. ومن الغريب أن تسود مثل هذه المزاعم في سياق هيمنة النموذج التوليدي واللسانيات المعرفيةCognitive  التي تقوم على فكرة اشتراك اللغات البشرية في عدد من الخصائص البنيوية التي تشكل جزءا من الملكة اللغوية التي يتقاسمها البشر، مما يعني أن الترويج لمزاعم من هذا القبيل يبقى مقرونا بغايات إيديولوجية أكثر منها علمية.

الفصل الثاني : إطلالة مختصرة على العربية

يتغيا المؤلف من هذا الفصل الوقوف على بعض المغالطات والأحكام المسبقة التي تلصق باللغة العربية، ومن أهم القضايا التي عرض لها في هذا الفصل :

الاشتراك اللفظي : التضاد، والبساطة، والخشونة

الصلة بين المشتقات من الجذر الواحد

ظاهرتا الانتفاخ والعنف

الإطناب

الازدواجية المعاصرة

اللبس

التلعب بالكلمات...

فقد عرض لهذه القضايا وحللها وناقشها نقاشا مستفيضا، كما وقف على آراء الغربيين في الموضوع وفندها بحجج علمية، تكشف عن تمكن كبير من ناصية اللغة.

الفصل الثالث : الترابط بين الشكل والاستعمال

 يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن ظاهرة الترابط بين الشكل الصرفي للكلمة ودلالة استعمالها، أو بتعبير آخر إمكانية التعبير عن مقولة دلالية بصورة مطردة. ويعرض رأيا لجورج مونان يقر من خلاله بأن في الفرنسية مثلا إمكانيات تعبيرية تتيح للفرنسي التمييز بين الحدث اللحظي والحدث المتقطع في الزمن كرؤية للعالم تشترك فيها الفرنسية مع لغات أخرى كلغة الهوبي. ويعترض الكاتب على رأي مونان بالقول:«يمكن للهوبية أن تعبر عن التكرار عن طريق الاشتقاق المألوف، في حين تعبر الفرنسية والإنجليزية عنه بصورة اعتباطية» أي بصيغ وضعت في الأصل لمعنى التكرار.

وعلى العموم، فإن اللغات لا تتفاوت في إمكانيات التعبير عن مختلف الدلالات معجمية كانت أو اشتقاقية، ولكن الأشكال التعبيرية البسيطة في كل لغة تبقى، بقوة الأشياء، كافية ومؤهلة للمشاركة في الاقتصاد اللغوي المنتج لما لا حصر له من الإمكانيات التعبيرية. وتعتبر صيغ فرضية ستوكس، خاصة الصيغة المفصلة والصورة الأكثر صقلا، أوجها ممكنة لهذه الإنتاجية التعبيرية.

الفصل الرابع : نحو التثنية وتثنية النحو

يهتم المؤلف منذ البداية بالخصائص التي تميز اللغة بمجملها، أو بأقصى ما يمكن من التعميم.

توجد في العربية مقولة صرفية مهذبة ومكتملة للمثنى، فهي مهذبة؛ لأنه لا يوجد إلا نهايتان فقط للمثنى، وهما "ان" في حال الرفع، و"ين" في النصب والجر. ويتقابل هذا مع التنوعات المختلفة من صيغ الجمع فيها.

ومقولة المثنى مكتملة لأنها تنطبق في أغلب الأحوال بصورة مطردة: ذلك أنه قلما توجد أسماء معينة أو أفعال محددة تنفرد بعدم قبولها للتثنية. وهذا على خلاف اللغات الأوربية التي تفتقر إلى مقولة للمثنى مع أنها كانت موجودة في الأطوار القديمة منها، كما أنها موجودة في بعض لغات الشعوب المعاصرة التي تعيش في ظل الحضارة التقنية المعاصرة.

هل مقولة المثنى في العربية، إذن شيء زائد لا قيمة له، أي أنها تنتمي إلى ذلك النوع الذي تخلص منه المتوسط اللغوي النموذجي الأوربي؟

إن الفرضية التخمينية لهذا الفصل أن المثنى في العربية ليس مجرد حقيقة شكلية، بل هو، بدلا عن ذلك، لحن إيقاعي في المعزوفة العذبة لخصيصة الثنائية التي تميز العربية. ولا يزيد حكم المولف هذا في نهاية الأمر عن أن يكون حكما حدسيا أو اختباريا.( ص 155)

يجدد الكاتب التحذير الذي ذكره في الفصل الأول من أن ما يقال عن خصائص العربية هنا لا ينطبق إلا بصورة عارضة، على اللهجات العربية كما أنه لن يعرض للغة النموذجية المعاصرة.

لقد تغيرت العربية في المستويات الدلالية والتركيبية والبلاغية بصورة طبيعية باتجاه المتوسط اللغوي النموذجي الأوربي الحديث نتيجة لانجذاب العرب إلى المجال الأوروبي، بل لقد أدى أثر اللغات الأوربية حتى في المستوى الصرفي إلى الحد من استعمال المثنى في العربية النموذجية المعاصرة، بل وصل هذا التأثير إلى الحالة النموذجية التي تتمثل في كلمة "عينين" حيث بقي (ما يشبه) المثنى حتى في اللهجات.

ويتفق المؤلف مع المنظرين الأوائل من غير أن يشاركهم في مقاصدهم المؤذية، في أن  التطور الذي يتمثل في الابتعاد عن المثنى والصياغات التي تستعمله عموما تطور محكوم بعوامل اجتماعية منضبطة. (ص156)

ويبدو مفهوم "التثنية" كأنه نوع لازم من عبقرية العربية بشكل يشبه تقريبا أصالة "قاعدة الثلاثة" التي كانت تميز أسلوب النثر الأوربي في العصور الوسطى.

ويحتج المؤلف بأن مقولة المثنى تستحق أن تدرس على قدم المساواة مع بعض الإجراءات البلاغية كالتضمين والتضاد بصفتها وسيلة جمالية من وسائل اللغة، وهذا ما يعرض له بتفصيل مع مقارنة باللغات الأوربية، وبذلك يتمكن المؤلف من حدس الترابط بين مقولات تنتمي إلى مستويات تبدو للوهلة الأولى متباينة، فمقولة التثنية تصنف ضمن المقولات العرضية، أما التضاد والتضمين فهما مقولتان معجميتان وأسلوبيتان، وبما أن الهدف العام الذي ينتظم في إطاره الكتاب هو قرن الشكل بالدلالة، فإن ذلك يسوغ ربط التثنية بمقولات أخرى. 

 الفصل الخامس : عشوائية العلامة:

تتصل عشوائية العلامة في اللغة العربية بالطبيعة الحوسبية المجردة لنظامها الصرافي. وهي خاصية توليدية تقوم على ضم جذور صامتة إلى مواد صائتية لاشتقاق، ليس فقط، العلامات اللغوية القائمة، بل، والممكنة أيضا.

       ويسهم نظام كتابة العربية، بتغييبه النسبي أو الكلي للحركات، في التأكيد على الطبيعة العشوائية للعلامة اللغوية فيها، من حيث إن القارئ يدرك في الكلمة المكتوبة جملة من الكلمات المحتملة ولا يصل إلى المقصود إلا من خلال الاستعانة بالسياق. وينفي المؤلف أن تكون للأصوات العربية دلالات تؤديها على حد زعم البعض، إلا ما يكون من ترميز صوتي كواحد من العمليات العشوائية التي تسهم غالبا في صوغ الكلمات من نحو تكرار حرف الفاء في "حفيف" أو تكرار حرف الزاي في" أزيز" من دون أن تكون للفاء دلالة الحفيف ولا للزاي دلالة الأزيز. وقد ترد حروف للدلالة على ضد ما يعتقد أنها تؤديه من معنى. وبالمقابل فإن العربية تستعمل الرمزية الصرفية في شكل صيغ مخصوصة ذات دلالات متميزة من غير أن تكون للأصوات المكونة لها صلة بتلك الدلالات، ومن ذلك، مثلا، دلالة كلمة "اخشوشن" وقد صار فيها طول صرفي على استكثار ما تدل عليه، عادة، كلمة "خشن".

ثم إن الاشتقاق القائم في العربية على اعتمال الجذور والأوزان وأحرف الزيادة الموسعة للجذور، يسمح لهذه اللغة بإنشاء حقول دلالية ارتباطية بين المشتقات مع استحداث قيم دلالية تزيد عن قيمة الأصل المشترك بينها. ويكشف هذا الفصل عن الكليات التوليدية للنظام الاشتقاقي والمعجمي العربي، وقد تمكن المؤلف من ربط ميكانزمات التوليد المعجمي باطرادات دلالية محددة.

الفصل السادس : التراكم

استعرض المؤلف في هذا الفصل قضية ضخامة المعجم العربي، ثم حاول تصفح الأثر الذي يمكن أن تتركه هذه الضخامة على الدلالة المعجمية وبنية الجمل. كما أشار إلى اختلاف الباحثين في تقديرهم لهذا الغنى، ومن هؤلاء شحنة 1969 وبيستون وهاملتون جب وهايوود ومونتيه.

ويرجع سبب الغنى المعجمي للغة العربية لبعض العوامل الاجتماعية والتاريخية ومنها الصنعة الشعرية، التي تعشق الإغراق في البحث عن الانحرافات اللغوية الجديدة واعتمادها المبالغ فيه أحيانا عن الكلمات النادرة من أجل الوفاء بمتطلبات الوزن، وقد دخلت هذه الكلمات النادرة مجال النثر منذ الصدر الأول للإسلام وتجلى حضورها في المنظومات التعليمية والكتب الفقهية التي ازدهرت في أواخر العصور الوسطى.

في الإطار نفسه يعرض المؤلف لما كتبه بلاشير في الموضوع. وتبقى العوامل التاريخية في نظر المؤلف، من أهم "المؤثرات في مفردات العربية وهو ما أدى إلى غزارة معجم تتراكم فيه المفردات الخاصة الدالة على الأماكن والأزمنة". وقد عرض المؤلف لوضع مشابه في العبرية والإنجليزية والألمانية والإسبانية.

ويخلص جستس إلى أن محاولة البحث عن علاقة اللغة بحياة متكلميها من السهل أن يوقعنا في الخطأ، وقد اعتمد المؤلف في إبراز هذه العلاقة على الافتراض الستوكي على وجه الخصوص.

 الفصل السابع : دلالة التضاد

حظيت خصيصة التضاد في اللغة العربية باهتمام كبير منذ العلماء المسلمين القدماء حتى الدارسين الغربيين المعاصرين، كما اختلفت وجهات نظرهم بشأن هذه الظاهرة. لقد عرض المؤلف لوجهات النظر تلك، وقدم مجموعة من الأمثلة للظاهرة المدروسة، وخلص إلى أن هذا النوع من الكلمات لم يعد مستعملا لأسباب شرحها بتفصيل.ثم حاول بعد ذلك اطراح أكبر عدد ممكن من الأمثلة المزعومة للتضاد.

وقف عرض المؤلف أيضا لأنواع من التضاد في اللغة العربية، ومنها: التضاد المعجمي، والتركيب التضادي السطحي، والتناقض(التفكير المزدوج)، وعن بعض المقتضيات عن الشكل في المعجم, كما أدرج تحت كل صنف مجموعة من القضايا التي وقف عليها بالتحليل والمناقشة المستفيضة والعميقة.

الفصل الثامن : أسماء النوع

يناقش المؤلف في هذا الفصل صيغة "فعلة" التي تؤدي معنى الطريقة التي ينفذ بها الفعل في اللغة العربية. وقد أورد المصطلحات الإنجليزية المرادفة لهذا المصطلح استنادا إلى ترجمة رايت وهنري فليش، ثم ناقش تلك الطروحات نقاشا مستفيضا من خلال أمثلة أخذها من كتب طه حسين ومن ألف ليلة وليلة...

"ويبدو واضحا أن أسماء النوع على وزن فعلة لم تعد تستعمل بشكل مطرد أو قوي في العربية النموذجية المعاصرة". (ص 356)

وللاطلاع على غزارة أسماء النوع التي رويت في العربية تفحص ثلاثة مواضع اختارها عشوائيا من معجم إدوارد لين. كما ناقش الكيفية التي تتعامل بها الإنجليزية واللغات الغربية منها مع هذه الفصيلة الدلالية نفسها صرفيا.(ص 359)، ودحض الافتراض الستوكي في حالة أسماء النوع في العربية استنادا إلى مجموعة من الأسباب.

الفصل التاسع : المظهر العام للتركيب

يناقش المؤلف في هذا الفصل وصف وليم رايت وريكندورف للتراكيب النحوية العربية، كما يشير إلى ما تضمنه كتاب كانترينو من الأمثلة العربية النموذجية المعاصرة.( ص ص 383ـ 390).

الفصل العاشر : اللغو(الحشو)

يعود المؤلف في هذا الفصل إلى ما أشار إليه في الفصل الثاني "اعتبار الزيادة إحدى الخصائص التي لفتت انتباه دارسي العربية غير المتمكنين". وقد اعتبر هذا الأمر قاعدة عامة عند الإنسان؛ حيث يميل معظم الناس إلى المبالغة في الوزن الحقيقي للزيادة في اللغات التي لا يتكلمونها؛ وذلك لاعتبارات كثيرة وقف عليها بتفصيل (ومنها الترجمة الحرفية، والحشو التجسيمي والتلخيص) مستدلا على القضايا التي عرضها بنصوص من القرآن الكريم، وألف ليلة وليلة كما اعتمد أسلوب المقارنة بين العربية وغيرها من اللغات الأخرى.

الفصل الحادي عشر : التخصيص

توجد طرق مختلفة منطقيا يمكن بها لكلمة أن تحدد كلمة أخرى، أو قضية ما، ويستخدم للدلالة على هذا مصطلحات عديدة منها التقييدrestriction  والتخصيص specification والاختصاص specialisation والتضييق narrowing والتسوير qualification  والتحديد limitation(de) ومع ذلك فليست هناك طريقة متفق عليها لاستعمال هذه المصطلحات؛ ذلك أن عددا كبيرا من التخصيصات تبقى عصية عن التضييق، ذكر بعضها.

ويهدف المؤلف من هذا الفصل محاولة تعرف منظومة من التعقيدات الصرفية الدلالية في العربية عن قرب، وهي المعروفة بـ"التمييز" الذي يسميه بـ"المنظومة"على خلاف التسميات التي ترد عند بعض دارسي العربية كدي ساسي.

إن السؤال الأساس هو : لماذا ندرس "التمييز" حصرا بدلا من معالجة مشكل التحديد modification بصورة مباشرة. ويرجع السبب بالأساس إلى أن مناقشة الدلالة بصورة تجريدية صعبة (وإن كانت توحي بالسهولة الخادعة)

بدأ المؤلف، بما يبدو أنه جوهر متجانس للشكل والدلالة، ثم قام باستكشاف ارتباطاته المختلفة بالبنى الأخرى الشبيهة وإن لم تكن مماثلة، ويعتبر هذا الأمر ضروريا، ولا سيما إذا أردنا المقارنة بالمتوسط اللغوي النموذجي الأوروبي، ذلك أن هذه اللغات لا تكاد تستعمل التركيب المنصوب للتمييز مطلقا.

تحدث المؤلف أيضا عن أخوات التمييز وبنات عمه مبتدئا ببعض التعريفات والأمثلة، وبعض التنوعات من التركيبات المميزة، والعدد في التمييز وتمييز التعبيرات التركيبية المثلية، وتنكير التمييز...

الفصل الثاني عشر : السببيات والعزويات

اللغات جميعها تعبر عن السببية بطريقة أو بأخرى، والسبب الذي يجعل السببية ملفتة للنظر في اللغات السامية يرجع بالأساس إلى كون هذه اللغات تعبر عنها بقوة، وهو ما يحمل على الظن أن لها تفسيرا اجتماعيا.(ص 563)

كما تضمن الكتاب مجموعة من التعليقات التي أغنت كثيرا القضايا التي شكلت موضوع هذا الفصل.

الترجمة العربية للكتاب :

إذا كانت"الترجمة فنا"، فإن فنية أي عمل مترجم يمكن أن تتكشف في إطار علاقة ثلاثية الأبعاد:

1. موضوع الكتاب المترجم

2. فنية الترجمة

3. الذات المترجمة

وقد سبق أن عرضنا في فقرات سابقة[14] لأهمية موضوع الكتاب المترجم، لذلك سنركز بشكل خاص على البعدين الأخيرين:

أولا. الجانب الفني في الترجمة :

يمكن أن نقف على بعض الجوانب الفنية في الترجمة من خلال المقدمة التي كتبها المترجم، والتي فصل فيها الحديث عن صاحب الكتاب، وموضوع الكتاب، وعن الترجمة ومنهجية عمله فيها. وسنحاول الوقوف على بعض الجوانب الفنية الأخرى للترجمة في ثنايا الكتاب ككل. وسنركز بشكل خاص على جانب التوثيق، وجوانب الإبانة اللغوية والأسلوبية والمصطلحية في الترجمة.

التوثيق :

 لعل أول الخطوات التي تسبق أي ترجمة، الجانب التوثيقي، فقد نصت الاتفاقيات الدولية بشأن حقوق التأليف والترجمة على أنها ملكية فردية لمنتجها لا يجوز لغيره استغلالها دون موافقته[15]؛ لذلك لا غرابة أن يحظى هذا الجانب باهتمام المترجم الذي أولى حقوق النشر عناية واهتماما كبيرين يبينان مدى حرصه على ضمان حقوق النشر، وقد وضح حيثيات حصوله على الترجمة بالقول: "فقد كتبت رسالة إلى دار بنجامين فرانكلين للنشر، شركة النشر العالمية المعروفة التي نشرت كتاب ديفيد جستس، طالبا سماحها لي بترجمة الكتاب إلى اللغة العربية.

ومما أسهم في تأخر ظهور الترجمة أن الناشر الأصلي للكتاب أوضح لي أنه لا يمكن إعطاء حقوق نشره باللغة العربية إلا إلى ناشر معروف. وقد سعيت كثيرًا باحثًا عن ناشر يأخذ على عاتقه القيام بهذه المهمة؛ لكنني لم أجد أية استجابة. وأخيرًا تفضل مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالاتفاق مع الناشر الأصلي، وهذا ما وضع حدًّا لهذا التأخير".

كما أن مراسلة المترجم لمؤلف الكتاب وإطلاعه على بعض الفصول، وإشادة المؤلف بالترجمة، كل ذلك نعتبره جانبا في غاية الأهمية.

الإبانة اللغوية في الترجمة :

صاغ المترجم ترجمته بأسلوب سلس لا تكلف في أدائه، بعيد عن الغموض، قريب إلى الأفهام؛ استطاع من خلاله أن يقدم أفكار الكتاب إلى القارئ العربي. فجاءت ترجمة الكتاب وكأن العمل مكتوب أصلا باللغة العربية؛ إذ لا تبدو عليها أية أمارة من علامات الترجمة. وهذا ما جعل النص الناتج يبدو أقرب إلى أن يكون تأليفا جديدا عن جدارة واستحقاق. كما تتميز لغة الكتاب بالسلامة والبراءة من الأخطاء اللغوية، كما يندر أن نجد في الكتاب المترجم أخطاء طباعية، وهي مزايا تنضاف إلى مزاياه السابقة كلها.

 الإبانة المرجعية في الترجمة :

حشد المترجم مجموعة من المرجعيات اللسانية الشارحة لمعطيات المتن، يتبدى من خلالها ذكاء المترجم في انتقاء ما يتوافق أحيانا مع الأفق التحليلي لصاحب الكتاب، وفي طريقة معالجته للمعطيات، نذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر مرجعيات تنتمي إلى لسانيات القرن 19 وفقه اللغة المقارن، واللسانيات البنيوية، والنسبية اللغوية...والهدف من حشد كل هذه المرجعيات مساعدة القارئ على إضاءة قضايا المتن المتوافقة أحيانا مع أفق التحليل والمعالجة التي يقدمها المؤلف.

التعليقات والشروحات :

مكنت تعليقات المترجم وشروحاته من توضيح كثير من الأفكار، كما حاول في كثير من الأحيان أن يستدرك على الكاتب بعض ما فاته أثناء معالجته لبعض الظواهر[16]. كما يبدي المترجم معرفة لسانية دقيقة في الحواشي والتعليقات؛ بحيث لا يقتصر التعليق عنده على الإحالة على نصوص لسانية موازية للتعمق في القضايا المطروحة، وإنما يتجاوز هذا المستوى إلى اقتراح معطيات جديدة من اللغة العربية وبعض اللغات الأخرى (الإنجليزية خصوصا) لتفسير قضايا المتن.

الإبانة المصطلحية :

 أغنى المترجم الكتاب بكشافات مهمة: كشاف للغات، وكشاف للأعلام، وكشاف لأهم المصطلحات الواردة في الكتاب باللغة الإنجليزية ومقابلاتها العربية، والصفحات التي وردت فيها. وسنركز  بشكل خاص على الجانب المصطلحي بالنظر إلى أهميته في الترجمة، وبالنظر أيضا إلى الصعوبات الكثيرة التي يثيرها، والتي يترتب عليها نجاح الترجمة أو فشلها.

لقد أشرنا آنفا إلى أن المصطلح اللساني يبقى من المعوقات الكبرى التي تقف حاجز عثرة أمام اللسانيات العربية، غير أن للمزيني نظرة أخرى بخصوص هذه الإشكالية، فهو يعتبر صوغ المصطلح جزءا لا يتجزأ من العمل العلمي. إن صوغ المصطلحات عمل في صميم البحث العلمي، فهو جزء لا يتجزأ منه غير منفصل عنه. إن المصطلحات تخلق نتيجة للحاجة إليها أثناء البحث وليست عملا مستقلا؛ فصوغ المصطلحات عملية إبداعية يقوم بها المتخصص أثناء قيامه ببحثه حين تلجئه الضرورة إلى ذلك، وتقوم هذه العملية على ثلاث أركان أساسية هي :

أ : المعرفة العلمية الدقيقة بالشيء المراد تسميته

ب : القدرة اللغوية وتحوي المعرفة بقوانين اللغة ومعجمها وطرق التعبير عنها

ج : سعة التخيل التي تجعل المتخصص قادرا في وقت وجيز على الربط بين الركنين الأولين.

فلابد من توفر هذه الأركان الثلاثة لكي يتمكن المتخصص من صوغ مصطلحات علمية ملائمة، فمعرفة الشيء المراد تسميته وحدها ليست كفيلة للعثور على تسمية موفقة[17]. ويكمن سر الإخفاق في صوغ المصطلحات العلمية، في نظر المزيني، في الاعتقاد بأن هناك مناسبة بين الاسم والمسمى، لذلك فإن كثيرا من المشتغلين بهذا الاهتمام يوجبون أن يكون المصطلح دالا على ما يطلق عليه من حيث الشكل أو الوظيفة أو غير ذلك[18].

ويرجع المزيني مصدر الخلل في الترجمات اللسانية العربية إلى أن كثيرا من المترجمين ليسوا من المتخصصين في اللغة العربية فأكثرهم متخصص أساسا في اللغة الإنجليزية أو الفرنسية. ومن هنا فإن المشكل يتمثل في عدم تمرس بعض هؤلاء المترجمين بالأساليب العربية وهو ما ينشأ عنه استغلاق تلك الترجمات وعجمتها. وإذا وجدنا من المترجمين متخصصا في اللغة العربية، فإنه، في أغلب الأحيان، يفتقر إلى تمرس كاف باللغة المصدر فيلجأ إلى القواميس لتذليل الصعوبات التي تواجهه أثناء عملية الترجمة، غير أن القواميس، في نظر المزيني، لا يمكن أن توفر معرفة وتعميما للمصطلحات؛ لأن المصطلحات العلمية هي بالأساس وليدة لصفة الإبداع في اللغة.

إن مشكل الترجمة ليس مشكل مصطلحات، في نظر المزيني، بل مشكل التعبير الدقيق عن مضمون تلك المصطلحات، وعلى هذا الأساس فإن المشكلات المرتبطة بالمصطلح هي مشكلات خارجية لا علاقة لها بالمصطلح نفسه، وأن الكثير منها لا يقتصر على الوضع في اللغة العربية بل هو شائع في اللغات الأخرى ولم يمنع من الإبداع العلمي فيها[19].

 ويظهر من ترجمة الكتاب، الذي يمكن أن نعتبره نموذجا تطبيقيا لأفكار المزيني السابقة، أن المترجم لم يجد صعوبات تذكر في استعمال اللغة العربية في التعبير عن الأفكار والمفاهيم اللسانية وصوغ المصطلحات المناسبة لها، ساعده على ذلك خبرته وتمرسه، وانخراطه في الترجمة منذ سنوات. لقد نجح المترجم بمهارة فائقة، وحنكة متميزة، واقتدار كبير، في سك المصطلحات المناسبة، وسبك الجمل العربية بشكل مؤد، على الرغم من صعوبة الجهاز الاصطلاحي للكتاب الذي ينتمي إلى مستويات لسانية مختلفة (صوتية وصرفية وتركيبية ودلالية...) ويعد ثمرة لتاريخ طويل من التنظير اللساني الغربي.

ثانيا. الذات المترجمة :

يظهر من الترجمة درجة وعي المترجم بقضايا الترجمة بما هي قواعد وأسس ومشكلات قائمة، بالإضافة إلى قناعته بأن الترجمة الدقيقة أسهل السبل في تعريف القارئ العربي عموما والمتخصص في اللسانيات على وجه أخص، باللسانيات على طبيعتها الصحيحة بعيدا عن الابتسار والتشويه الذي ينتج عن التأليف في أكثر الأحيان[20]. وقد ساعده على ذلك :

*تخصصه في اللسانيات وكفاءته وامتلاكه المهارات والخبرات العملية الكافية التي مكنته من الممارسة الذكية للترجمة.

 *إلمامه بأسرار اللغة المصدر واللغة الهدف؛ مما أكسبه قدرة عالية على استبطان دلالات المصطلحات المستخدمة استبطاناً عميقاً، ليدل على أصل الدلالة وتاريخيتها، وفهم النصوص والتعامل معها بذكاء ثاقب، مع تتبع تفاصيل العمل المترجم، وصياغته بأساليب عربية جذابة وهذا ما نعتبره ثمرة من ثمار التخصص، وسعة الاطلاع.

*صبر المترجم[21]وتمرسه وتجربته الناجحة في مجال الترجمة، كل ذلك مكنه من خوض غمار الترجمة بكل ثقة؛ فقد سبق له أن ترجم مجموعة من الكتب والأبحاث اللسانية بنجاح واقتدار كبيرين، ومن ذلك ترجمته لكتابي تشومسكي اللغة ومشكلات المعرفة، وآفاق جديدة في دراسة الذهن[22]، وكتاب ستيفن بنكر الغريزة اللغوية: كيف يبدع العقل اللغة[23]، وكتاب دراسات في تأريخ اللغة العربية[24]، وهو ترجمة لبعض المقالات المشهورة التي كتبها بالإنجليزية بعض المستعربين المشهورين عن تاريخ اللغة العربية...

*إحاطة المترجم الكبيرة بموضوع الكتاب، وبالقضايا المعروضة فيه للنقاش، ويظهر ذلك جليا في تعليقاته الكثيرة، التي وضحت ما استغلق من عبارات الكتاب التي اختارها المؤلف بانتقائية كبيرة. ويتحول المترجم في كثير من الأحيان إلى لساني خبير، فهو يجتهد في التعليق على مجموعة من المعطيات الواردة في الكتاب، ويتدخل بمعارفه وإمكانياته الثقافية واللسانية الواسعة لينقل وجهة نظره الخاصة في شرح قضايا متعددة، والتعليق عليها...

*استعانة المترجم ببعض المترجمين لترجمة النصوص التي أوردها المؤلف باللغة الألمانية واللغة الفرنسية واللغة الإسبانية، وقد ترك النصوص بلغاتها الأصلية إلى جانب ترجمتها العربية، كما استعان ببعض المراجعين، وهذا أمر كان بالإمكان أن يستغني عنه بالنظر إلى كفاءته واحترافيته، وهذا يكشف عن وعي المترجم العميق بأهمية العمل الجماعي.

 صفوة القول :

وصفوة القول أن ترجمة كتاب "محاسن العربية في المرآة الغربية أو دلالة الشكل في العربية في ضوء اللغات الأوروبية" نعتبرها إضافة نوعية في الثقافة العربية، ونموذجا للترجمة الجيدة والمتقنة والمقنعة في الوقت نفسه، لخلوها من كثير من مظاهر الترهل اللغوي الذي تطفح به كثير من الترجمات اللسانية العربية. صحيح أن الترجمة جاءت متأخرة نسبيا، بالنظر إلى أهمية الكتاب، وإلى طبيعة الزمن اللساني؛ فقد نشر الكتاب سنة 1987م، ولم تظهر ترجمته إلا في سنة 2005م، غير أن هذا لا نعتبره إشكالا، لأن الكتاب من أمهات المصادر المعرفية، ولأن القضايا التي يعالجها مازالت قضايا راهنة، وستبقى كذلك لسنوات طويلة أخرى. كما أن تأخر الترجمة تحكمت فيه اعتبارات موضوعية بالأساس كشف المترجم عن بعضها في المقدمة ومنها[25]:

* صعوبة موضوعه؛ ذلك أن موضوع"الدلالة"يعد من أدق المواضيع التي تتناولها اللسانيات.

* ثم إن المؤلف مغرم غراما شديدا بالكلمات الغربية واللهجية وتلك التي تعد من الألغاز وتلك التي تحيل إلى كثير من الظواهر والأحداث والشخوص الثقافية في اللغات الأوروبية، فقد وجد المترجم صعوبة بالغة في تتبع تلك الظواهر ولم تسعفه المعاجم في التغلب على تلك المشكلات في كثير من الأحيان.

* رفض الناشر الأصلي للكتاب إعطاء حقوق النشر باللغة العربية إلا لناشر معروف...

وعلى الرغم من هذا التأخر المبرر، وهذه الصعوبات فقد كان سعي المترجم حثيثا لإخراج الكتاب إلى حيز الوجود، وتمكين القارئ العربي من الاطلاع على واحد من أهم الكتب اللسانية في العصر الحديث.

 

هوامش



[1]- عبد الرحمن حسن العارف،  حركة الترجمة اللغوية في المشرق العربي : مصر أنموذجا، ضمن كتاب، عبده بدوي شاعرا وناقدا، بأقلام مجموعة من الأساتذة، جامعة الكويت، فبراير 2007، ص308.

[2]- حسن حسن، "السفير" 29/03/2000. في السياق نفسه أشار تقرير التنمية العربية إلى أن ما ترجم إلى العربية منذ عصر المأمون يعادل ما يترجم في اليونان في سنة.

[3]- عبد السلام المسدي، ما وراء اللغة : بحث في الخلفيات المعرفية، مؤسسات عبد الكريم بن عبد الله للنشر والتوزيع- تونس، أكتوبر 1994، ص27.

[4]- من تقديم صالح القرمادي لترجمة الطيب البكوش لكتاب جورج مونان، مفاتيح الألسنية، ص06. وللاطلاع على بعض مظاهر الخلل في الكتابة اللسانية التمهيدية ينظر مقالنا: اللسانيات العربية وإشكاليات التلقي: اللسانيات التمهيدية نموذجا، مجلة فكر ونقد، العدد 58، السنة 2004، ص ص97-117.

[5] - عبد الرحمن حسن العارف، مرجع مذكور، ص310.

[6]- فقد اعتبرت اللسانيات شكلا من أشكال الإمبريالية العالمية لأنها » تسعى جاهدة إلى تشجيع كل صوت يضرب على وتر الانسلاخ عن اللغة العربية الواحدة، والثقافة العربية الأصيلة بشتى الأشكال الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والعلمية (اللسانية)« مازن الوعر، قضايا أساسية في علم اللسانيات الحديث، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى1988ص379. للاستزادة في هذا الموضوع ينظر : حافيظ إسماعيلي علوي، اللسانيات في الثقافة العربية وإشكالات التلقي، ضمن كتاب : اللسان العربي وإشكالية التلقي، منشورات مركز دراسات الوحدة العربيةن سلسلة كتب المستقبل العربي(55)، الطبعة الأولى 2007.

[7]- عبد السلام المسدي، قاموس اللسانيات، الدار العربية للكتاب، تونس طرابلس 1984، ص11.

[8]- من حوار أجريناه مع الدكتور محمد المدلاوي، وسينشر قريبا ضمن كتاب :  أسئلة اللغة أسئلة اللسانيات، إعداد حافيظ إسماعيلي علوي ووليد أحمد العناتي.

[9]-يتخذ هذا الصنف من الكتابة اللسانية« التراث اللغوي العربي القديم في شموليته موضوعا لدراساته المتنوعة. أما المنهج الذي يصدر عنه أصحاب هذه الكتابة فهو ما يعرف عادة بمنهج القراءة أو إعادة القراءة. ومن غايات لسانيات التراث وأهدافها قراءة التصورات اللغوية القديمة وتأويلها وفق ما وصل إليه البحث اللساني الحديث والتوفيق بين نتائج الفكر اللغوي القديم والنظريات اللسانية الحديثة، وبالتالي إخراجها في حلة جديدة تبين قيمتها التاريخية والحضارية». للمزيد من التوسع في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى كتاب الدكتور مصطفى غلفان، اللسانيات العربية الحديثة، دراسة نقدية في المصادر والأسس النظرية والمنهجية، منشورات كلية الآداب عين الشق، البيضاء، سلسلة رسائل وأطروحات رقم 04. كما يمكن الرجوع إلى أطروحتنا، وتحديدا الفصل الذي خصصناه لمناقشة هذا الاتجاه، حافيظ إسماعيلي علوي، تجليات تلقي اللسانيات في الثقافة العربية الحديثة، بحث لنيل الدكتوراه، مرقون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، البيضاء 2003.

[10]- حمزة بن قبلان المزيني، التحيز اللغوي وقضايا أخرى، سلسلة كتاب الرياض، العدد 125، الطبعة الأولى1425هـ/ 2004م.

[11]-رشيد عبد الرحمن العبيدي، "الألسنية المعاصرة والعربية"، مجلة الذخائر، العدد الأول، السنة الأولى، شتاء 1420/2000م، ص31.

[12]-للاستزادة في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى : حمزة بن قبلان المزيني، التحيز اللغوي (وتحديدا الفصل الثاني، مكانة اللغة العربية في الدراسات اللسانية المعاصرة). كما حاول الدكتور نهاد الموسى الكشف عن بعض تجليات حضور العربية في اللسانيات الأمريكية على وجه الخصوص.نهاد الموسى، اللغة العربية في مرآة الآخر: مثل من صورة العربية في اللسانيات الأمريكية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 2005.

[13]- محاسن العربية، ص7.

[14] - نفسه، ص ص 5-7.

[15]- دراسات عن واقع الترجمة في الوطن العربي، نقلا عن عبد الرحمن حسن العارف، حركة الترجمة اللغوية في المشرق العربي (مصر أنموذجا)، مرجع مذكور، ص329.

[16]- يمكن أن نمثل لذلك بما ورد في ص 274 من الكتاب، حول جناس القلب، حيث يشير المترجم إلى إمكانية تعميق المقاربة التي يقترحها المؤلف لتشمل معطيات أخرى غير مذكورة في المتن.

[17] - حمزة بن قبلان المزيني، التحيز اللغوي، ص ص 210-212.

[18] - نفسه، ص 211.

[19] - نفسه، ص 214.

[20]-من حوار أجريناه مؤخرا مع المترجم وسينشر قريبا بحول الله ضمن كتاب بعنوان : أسئلة اللغة أسئلة اللسانيات(قيد الطبع).

[21]- يظهر صبر المترجم ونفسه الطويل في ترجمته لمجموعة من الكتب اللسانية التي يتجاوز عدد صفحاتها 500 صفحة، نذكر بعضها في الهامش الموالي.

[22]- تشومسكي، اللغة ومشكلات المعرفة، ترجمة حمزة بن قبلان المزيني،  الدار البيضاء: دار توبقال للنشر، 1990.

   - تشومسكي، آفاق جديدة في دراسة اللغة والذهن، المجلس الأعلى للثقافة، العدد 796، الطبعة الأولى2005.

[23]-ستيفن بنكر، الغريزة اللغوية: كيف يبدع العقل اللغة، ترجمة حمزة بن قبلان المزيني، الرياض، دار المريخ، 1420هـ /2000م.

[24] - دراسات في تأريخ اللغة العربية،  مجموعة من المؤلفين،  الرياض، دار الفيصل الثقافية، 1421هـ /2000م.

[25]- من مقدمة المترجم لكتاب محاسن العربية في المرآة الغربية، ص07.